طارق الزمر.. العائد من جديد - مقالات
أحدث المقالات

طارق الزمر.. العائد من جديد

طارق الزمر.. العائد من جديد

رفعت السعيد

هذه رسالة إلى من يعنيه الأمر، وخاصة لجنة الأحزاب الموقرة. فبعد أن انتخب حزب البناء والتنمية طارق الزمر رئيساً له وضع حجراً في فم لجنة الأحزاب وألزمها الحائط.. فإن صمتت تكون قد تواطأت.. وإن تواطأت تكون قد فتحت على نفسها وعلينا جميعا أبواب جهنم. واقرأوا معي..

في مذكرة النيابة العامة المقدمة لمحكمة قتلة السادات نقرأ «في صيف 1980 وأثناء تردد محمد عبد السلام فرج (مؤسس تنظيم الجهاد) على مسجد الفتح في بلده ناهيا مركز إمبابة تعرف على طارق عبد الموجود الزمر الطالب بكلية الزراعة وتردد على منزله وهناك التقى المقدم بالمخابرات الحربية عبود الزمر زوج شقيقة طارق (ص68) واتصل طارق الزمر بكمال السيد حبيب مسؤول تنظيم سالم الرحال وضمه إلى تنظيم عبد السلام فرج.. ووفر طارق الزمر طبنجة (هي أول قطعة سلاح لتنظيم الجهاد) ليقوموا بالتدريب عليها.

وعندما قرر التنظيم اغتيال السادات حمل طارق الزمر رسالة شفوية من عبد السلام لإبلاغ الخطة إلى عبود الزمر وعندما تردد عبود خوفا من أن يؤدي ذلك إلى كشف وتدمير التنظيم أقنعه طارق بأن القاتل سوف يقتله الحرس ولن يعرف أحد انتماءه.

وطبعاً سيرد علينا البعض بأن طارق قد قبل مبدأ «المراجعات» وغير أفكاره، لكن الدهشة تتصاعد إذ نجد أن كتاب طارق الزمر الذي أصدره عن مراجعاته كان تأكيداً للفكر الإرهابي المتأسلم وليس تراجعا عنه.

فالكتاب عنوانه «مراجعات لا تراجعات» وكل صفحات الكتاب مليئة بمفردات ترفض أية فكرة عن رفض الفكر الإرهابي المتأسلم، ونقتطف عبارات موحية لا تعبر عن تراجع ولا حتى مراجعة فطارق الزمر يتحدث من البداية عن «العمليات العسكرية بمصر عام 1997» ونتأمل عبارة «عمليات عسكرية» إنها حرب بين قوتين مسلحتين أو دولتين وليست عملاً إرهابياً.

والمراجعة عند طارق الزمر تعني العودة لدراسة ما فعلوه بسبب التغيير الذي طرأ على الأوضاع المحلية والعالمية. ويقول الزمر «إن قبول ما هو قائم من حكم وأحكام هو ما لا يسع مسلم أن يفعله» (ص7) ويقول «إن المراجعات التي ندعو إليها لا تعني إلقاء اللوم أو العتاب على شباب الحركة الإسلامية (المتعجل) (نعم المتعجل وليس المرتكب لفعل آثم).

وغض الطرف عن الظروف القاسية والمطاردات المستمرة والتعذيب البشع الذي يتعرض له هذا الشباب فذلك تأييد للظلم وتكريس للبغي لا يقره الإسلام ولا يرضاه»  (ص8)، ثم يمضي طارق الزمر ليفرغ مراجعاته من مضمونها الحقيقي ويعود بها إلى تأسلم صارخ فيقول «القواعد الفقهية توجب تغيير الأحكام بتغيير الزمان والأعراف والعادات، ولا يخفى أن تغير الواقع المحيط يستلزم تغيير الواجب اللازم بشأنه» (ص21(.

ثم هو يعود ليؤكد «أن المبادرة لا تعني تغييرا في الأهداف بقدر ما تعني تغييرا في الأساليب والوسائل» (ص20) والأهداف كما يحددها السيد طارق الزمر في مراجعاته «الإطاحة بحكم الطاغوت الكافر» ويقول «إن المراجعة شملت فحسب عددا من الأساليب والوسائل التي تبين وقوع المبالغة في تحقيق مناطها والتي اتضح عدم ملاءمتها للواقع» (ص13) ثم يقول في كبرياء لا أدري من أين أتي به، أن المبادرة تقوم علي أساس «إعطاء فرصة للنظام كي يراجع مواقفه» والآن أترك طارق الزمر في كبريائه لأسأل لجنة الأحزاب.

الزمر «أعطى النظام فرصه» وها هو يعود بعد عشرين عاما ليسأل النظام.. لماذا لم تراجع مواقفك فتقبل مقولات الإرهاب المتأسلم؟ ونعود مرة أخرى إلى كتاب طارق الزمر لنقرأ مفردات تكفي كل واحد منها لإثبات تأسلمه البعيد تماما عن صحيح الإسلام.

فهو يصف مثلا أفعالهم ويقول عنها إنها «ما سمي بالإرهاب» (ص15) أي أنها ليست إرهابا وإنما سميت كذلك، ثم يقول عن القوانين السائدة إنها «القوانين الوضعية التي فرضتها جيوش الاستعمار» (ص31(.

ثم يهددنا ويهددكم ويهدد كل المصريين قائلا «إن امتلاك المستكبرين للسلطة والغلبة والظهور لا يعني أن الله راضٍ عنهم» (ص54) ثم يقول إن ما يقوم به هو مجرد «الدعوة لصيغة الموادعة مع النظام بسبب اختلال التوازن الاستراتيجي»، وطبعا مفهوم بصيغة المخالفة أن تصحيح التوازن الاستراتيجي يعني عودة لما سمي بالإرهاب.

ثم هو بعد ذلك يعلن رفضه (منذ عام 1997) لفكرة تجديد الخطاب الديني لأنه «يعد تعديا على قواعد فهم الإسلام» (ص76) أما «فتح باب الاجتهاد على مصراعيه فإنه أحد مصادر التنوير الليبرالي المرفوض» (ص76) ثم هو يجدد رفضه وإدانته: لابتداع فتاوى بإلغاء الجهاد - وابتداع فتاوى تتحدث عن الإخاء الإسلامي والمسيحي واليهودي - وابتداع فتاوى تقول إن الديمقراطية أفضل أنواع الحكم.

وابتداع فتاوى بضرورة الوقوف ضد الإرهاب وتمويله - وفتاوى بحرية المرأة اجتماعيا وسياسيا - ثم هو يرفض ما يطالب به البعض بالحداثة الذين يريدون للعالم الإسلامي أن يكون جزءا من التقدم الذي يسود العالم ويرفض ثقافة حقوق الإنسان بالمفهوم الغربي.

كل هذا يرفضه طارق الزمر العائد من زمن المراجعات، فماذا يقبل إذن؟ يجيب طارق الزمر قائلا إنه يسعى نحو «الرؤية الشاملة المتكاملة الأبعاد التي طرحها الشيخ سيد قطب»، والآن يا لجنة الأحزاب هاكم الضيف الجديد على مائدتكم، أتاكم رئيسا لحزب «البناء والتنمية».

وهذا هو برنامجه الذي قال انه مراجعة. ثم كان قرار الدول الأربع بوضعه في قائمة الإرهابيين التابعين والممولين من قطر، فما هو رأيكم؟ وماذا أنتم فاعلون؟ فهل تتركون حزبا رسميا ببرنامج كهذا؟ وبرئيس كهذا؟ أم ماذا؟

صحيفة البيان

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*