ماذا جنى الكرد من الإسلام؟ - مقالات
أحدث المقالات

ماذا جنى الكرد من الإسلام؟

ماذا جنى الكرد من الإسلام؟

بيار روباري:

 

هذا التساؤل يجب أن يطرحه كل كردي مسلم على نفسه، ويحاول الإجابة عنه. وقبل الدخول في الإجابة عن هذا التساؤل من طرفي، دعوني أن أبدأ بلمحة تاريخية أراها ضرورية كخلفية للموضوع الذي نحن بصدده في معرض هذه المقالة، التي لا تخلو من بعض الحساسية.

كما يعلم الكثيرين منكم، قبل إجبار الكرد على إعتناق الدين الإسلامي (الهمجي)، كان الأكراد القدماء يدينون بالمعتقدات الآرية القديمة كالمثرائية، ثم تحولوا إلى الأيمان بالإله الواحد حينما أعتنقوا دين النبي زرادشت الذي خرج من بينهم ونشر تعاليمه بين أبناء قومه، وثم إنتشرت تعاليم هذا الدين بين كافة الشعوب الإيرانية كالفرس والبلوش وغيرهم، ومع الوقت إمتد حتى وصلت إلى الهند شرقآ وغربآ إلى بحر الأبيض المتوسط. وكما هو معلوم إن الزرادشتية ظهرت قبل الميلاد بسبع مئة عام تقريبآ، وهي أول ديانة وحدت الإله ورفعته من الأرض السماء، وهذا منصوص في كتاب “أفيستا” المقدس.

إستمر الكرد بإتباع ديانتهم الزرادشتية طيلة حكم الميديين والساسانيين الكرد، وهكذا حتى مجيئ الجيوش العربية البربرية الغازية وإحتلوا كردستان ومن بعدها بلاد فارس، بعد سقوط الدولة الساسانية، بهدف السيطرة عليهما وإستعمارهما تحت لافة الدين الإسلامي. والهدف هو الطمع بخيرات هذه البلدان الغنية بالعديد من الموارد الطبيعية وفي طليعتها الزراعة والماء الوفير إضافة إلى الثروة الحيوانية وجمال الطبيعة وتقدم العلم والمعرفة بكثير وعلم الإدارة في هذه البلاد.

ومع إحتلالهم كردستان، قتلوا من قتلوا ونهبوا كل ما إستطاعوا نهبه وأرسلوه إلى “مكة” المقر الرئيسي لإمبراطوريتهم الشريرة، وأخذوا النساء سبية وباعوهن في الأسواق كجاريات لمن يدفع أكثر، مثلما فعلت داعش في شنكال بالضبط. والذين رفضوا إعتناق الإسلام من الكرد فرضوا عليهم الجزية، ومن بقايا هؤلاء هم الإخوة الزرادشتين والإيزيديين والكاكائيين والموجودين في كردستان، الذين تعرضوا لحرب إبادة على يد أحفاد اولئك البرابرة الغزاة مؤخرآ.

وكما هو معلوم تم غزو كردستان حوالي عام 23هـ (644م) في عهد أمير الشر “عمر بن الخطاب”، الذي أرسل جيوشه لإحتلال كردستان وبلاد فارس، اللتان كانتا تتقدمان على محيطهما ومن ضمنهم اولئك البدو المتوحشين، بألاف الأعوام من حيث الحضارة والتطور والعلم والمعرفة وبناء ركائز الدولة. ومنذ ذلك الحين بات الإسلام دين أكثرية الكرد للأسف الشديد. ومنذ 1400 عام لم نعد نعرف الهدوء والراحة الإجتماعية بين مكونات المجتمع الكردي ولا الإستقرار السياسي ولا الإقتصادي، وتراجعت مكانة المرأة في مجتمعنا الكردي بشكل مخيف، وهي التي كانت تحتل مكانة مرموقة قبل الإسلام في فيه. حيث كان مألوفآ جدآ أن تجد إمرأة حاكمة وقيادية تقود المجتمع الكردي بأكمله، وكان الإختلاط بين الجنسين أمرآ طبيعين لدى الكرد، وكان لدينهم مراقص خاصة بالشباب والشابات تسمىلوتكخانةوكانت هناك خمارات يرتادها الناس بشكل عادي وتسمى بيميخانة“.

كل ذلك إختفى فجأة، وباتت المرأة كيانآ هامشيآ لا دور لها وتابعة للرجل، فهو الذي يتحكم بمصيرها مثل الحرمان من التعليم وإبقائها سجينة البيت، بمعنى أخر تم دفنها وهي على قيد الحياة. وأزداد المجتمع الكردي المتسامح أكثر تشددآ، وإنقسم إلى عدة طرق ومذاهب متناحرة فيما بينه، مثل أهل السنة، الشيعة، العلويين، الشافعة، الأحناف، القادرية، النقشبندية والبكداشية وغيرها الكثير من الطرق الدينية. وحديثآ جماعة الإخوان المسلمين الشيطانية، الجماعة الإسلامية وأنصار الإسلام والشباب المحمدي وتنظيم القاعدة وأخير وليس آخرآ الدواعش، وجبهة النصرة الإرهابيتين. وزاد التخلف في كردستان في كافة مجالات الحياة، بفضل هؤلاء الوحوش البعيدين كل البعد عن الحضارة والتمدن، وهذا هو حالهم إلى يومنا هذا.

وتفرغ الكرد لخدمة الأخرين بدلآ من خدمة أنفسهم وبلدهم منذ مجيئ الإسلام إليهم، وتقريبآ نسوا أو تخلوا تمامآ عن فكرة الوطن القومي – كردستان، وأخذوا يعملون في سبيل ما كان يسمى “بالخرافة الإسلامية” (الخلافة) وفي الحقيقة هي لم تكن سوى غطاءً لإستعمار بغيض لكردستان وكل بقعة غزوها العرب حينذاك. العرب في كردستان نجحوا في إخضاع الكرد لسيطرتهم وتغير دينهم وإسم عاصمتهاأمدوسموهاديار بكر، أي ديار البكريين. ولكنهم فشلوا في فرض لغتهم على الكرد والقضاء على ثقافتهم، أو منعهم من الإحتفال بعيدهم القومينوروزوالغناء والرقص في هذه المناسبة العزيزة على قلب كل كردي، والراسخة في وجدانهم منذ ألاف الأعوام.

لقد خدم الكرد العرب والمسلمين كثيرآ وطوال القرون الماضية، وفي النهاية لم يجنوا منهم سوى سوء المعاملة والإزدراء وإنكار هويتهم القومية وحقوقهم السياسية، وحرموهم من الحرية والإستقلال إسوة ببقية الشعوب حول العالم، وحاولوا طمس هويته القومية والقضاء عليها من خلال حملات التعريب ومن ثم حملات التفريس والتتريك البغيضة، التي قام بها كل من العرب والفرس والأتراك المجرمين بحقهم. فقاموا بتغيروا أسماء الكثير من المدن والبلدات وعشرات ألاف القرى الكردية، ومنعوا الكرد من تسمية أبناهم بالأسماء الكردية الجميلة، وأخيرآ فرضوا لغتهم على الكرد وقاموا بحملات إبادة جماعية ضدهم وهجروا الملايين منهم من مناطقهم بهدف إحداث تغير ديمغرافي بكردستان، والقضاء على الحلم الكردي بالوحدة والإستقلال وهذا ما يفعلونه حتى الأن في عفرين وبقية المناطق الكردية كمدينة كركوك وخانقين وشيخان والموصل وشنكال.

كلنا يتذكر الحظام العربي، الذي نفذته حكومات البعث في غرب كردستان والذي إمتد لمئة (100) كم طولآ وعرض 30 كيلومتر وتوطين مستعمرين عرب من “الغمر” فيها بعد إفراغها من أهلها الكرد. بهدف إحداث فاصل جغرافي بين الكرد في جنوب غرب كردستان وإخوتهم في شمال كردستان. وقامت سلطات البعث الشوفينية والعنصرية بسحب الجنسية السورية من 250 الف مواطن كردي عام 1962.

هذا جزء بسيط مما تعرض له الكرد على يد ما يسمون أنفسهم بالمسلمين وما زال يتعرضون له إلى الأن على يد الأقوام الثلاثة (العرب، الفرس والأتراك)، منذ أكثر من ألفي عام. وما زالوا مستمرين هؤلاء في سياستهم الإجرامية هذه إلى اليوم، فانظروا ماذا فعلت الحكومات العراقية المتعاقبة بعد إنشاء العراق في عشرينيات القرن الماضي، بالكرد وكم الجرائم التي إرقترفوها بحقهم، وهذا ينطبق أيضآ على الحكومات السورية المتعاقبة منذ الإستقلال. أما ما فعله المجرمين الأتراك الطورانيين بالشعب الكردي لم يفعله مثله أي مستعمر أخر من قبل، وفي النهاية قسموا هؤلاء الكرد إلى أربعة أقسام، بالإتفاق مع المستعمرين الفرنسيين والبريطانيين والروس.

السؤال الأنألا يكفي كل هذا الثمن الباهظ الذي دفعنه، منذ أن إبتلينا بهذا الدين الشرير الذي يسمى بالإسلام؟

قد يسأل البعض منكم ما هو الحل في نظرك؟ في نظري الحل يكمن في العودة إلى إصولنا الأزدائية والزرادشتية السمحة والمسالمة، فالزرادشية والأزدائية، هما تاريخنا وثقافتنا ولغتنا ومستقبلنا. إن ديننا الزرادشتي هو أقدم وأعرق وأرقى الأديان التي عرفتها البشرية حتى الأن، وعنه أخذت بقية الأديان الإبراهيمية «اليهودية، المسيحية والإسلام» من إصول الصلاة إلى الصيام والزكاة والحج والإضحية والعبادات وعلى رأسها توحيد ذات الإلهية.

نحن الكرد من بنينا المعابد بشلكها الحديث والمتعارف عليه اليوم، ولدينا كتبنا المقدسة “أفيستا ومصحف رش” والكعبة في شرق كردستان. فلا حاجة لنا بدين العرب ولا بدين سواهم. هذا هو المخرج الوحيد للتحرر من هذه القافة الهمجية،  وهذه المذبحة الدموية المستمرة منذ من (1500) ألف عام، ومن لديه حل أخر فليتفضل ويخبرنا به، قبل أن يأتي هذا الدين الشرير على أخر ما بقي فينا من مشاعر إنسانية.

وختامآ، يمكنني القول بأن الشعب الكردي، لم يجني من الإسلام سوى: الإستعباد، القتل التنكيل، النهب والتخلف. وكلفته هذه الرحلة الطويلة مع هذا الدين وأصحابه، الملايين من الأرواح البريئة وأخر قافلة كانت في حلبجة والأنفال وإنتفاضة 2004 بغرب كردستان، و شنكال وكوباني وعفرين وغريه سبي وسريه كانية.

صوت كردستان

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث