أصدرت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" تعليقًا مفصلًا على مقترح "قانون مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين"، المقدم من مشيخة الأزهر، والذي أعلنت المشيخة إرساله إلى رئاسة الجمهورية لدراسته، وقالت المبادرة إن مقترح القانون قاصر عن مواجهة خطاب الكراهية والتحريض الديني، كما أنه يهدد بمزيد من التضييق على مساحات الحريات الدينية وحرية التعبير وحرية الإعلام.
ويتضمن التعليق بيانًا لسياق طرح مشروع القانون والبواعث المتضاربة وراء صياغاته التي تحمل في طياتها تمييزًا دينيًّا لصالح الفئات المهمشة وتجريمًا لأفعالٍ تم تجريمها في قوانين أخرى، منها المادة 98و المعروفة باسم "قانون ازدراء الأديان"، وتعريفًا قاصرًا لمفهوم خطاب الكراهية والتحريض، وتجريمًا فضفاضًا لما يسميه مقترح القانون: "النشر المؤدي إلى الكراهية" أو "النقاش العقائدي العلني"، كما يوضح التعليق أن هذه الصياغات قد تؤدي إلى مزيدٍ من الحماية والتبرير للممارسات الطائفية والقائمين بها، وفي المقابل قد تهدد بعقاب أي تعبير عن أفكار دينية مختلفة عن السائد، وتلقي عليها بمسئولية إثارة "الفتنة المجتمعية" وهو لفظ غير منضبط يسوِّي بين المعتدين والمعتدَى عليهم، ويظهر في مقترح القانون.
وقال عمرو عزت، الباحث ومسئول حرية الدين والمعتقد في "المبادرة المصرية" وكاتب التعليق إن نصوص مقترح القانون المقدم من مشيخة الأزهر يُعدُّ نموذجًا على رؤية منحازة إلى تقييد حرية المعتقد وحرية التعبير لصالح أفكار وتوجهات المؤسسة الدينية الرسمية بالشكل الذي يحافظ على نفوذها وهيمنتها المدعومة من قبل الدولة، كما أن هذه الرؤية تتيح لنا أن نستكشف أحد جوانب أزمة إدارة المجال الديني في مصر، وهو "التسامح مع النوازع الطائفية" والتخاذل عن مواجهتها، من جانب، والاتجاه إلى تقييد الاختلاف والتنوع والحرية الدينية بدعوى عدم إثارة هذه النوازع الطائفية نفسها، من جانب آخر.
وأوصت المبادرة المصرية بضرورة أن يتولى إعداد مثل هذه المشروعات جهةٌ مختصة، وهي مفوضية مكافحة التمييز، التي نصَّ الدستور على تشكيلها، وعلى اشتراك أطراف المجتمع المدني وعلى رأسهم ممثلون للفئات الدينية التي تعاني من خطاب الكراهية والتحريض، وأكدت على ضرورة المراجعة الشاملة للسياسات الدينية التي تؤسس للتمييز، بما فيها النصوص الدستورية والقوانين والقرارات الإدارية والتوجهات العامة لهيئات الدولة بما فيها المؤسسات الدينية الرسمية.
كما أوصت "المبادرة المصرية" المؤسسات الدينية الرسمية، مُمَثلةً في الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، بضرورة المحاسبة الإدارية لمسئوليهم وموظفيهم الذين تورطوا سابقًا في تعبيراتٍ تدخل في إطار خطاب الكراهية والدعوة إلى التمييز أو العنف ضد الفئات الدينية المهمشة، مثل: الشيعة والملحدين والبهائيين والأحمديين وغيرهم، ولم يتعرضوا للمساءلة.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية