إيكونوميست: تنظيم القاعدة تحول من جماعة عالمية إلى حركات محلية وخطره لا يزال قائما - مقالات
أحدث المقالات

إيكونوميست: تنظيم القاعدة تحول من جماعة عالمية إلى حركات محلية وخطره لا يزال قائما

إيكونوميست: تنظيم القاعدة تحول من جماعة عالمية إلى حركات محلية وخطره لا يزال قائما

إبراهيم درويش:

 

لندن- “القدس العربي”: نشرت مجلة “إيكونوميست” في عددها الأخير، تقريرا عن انتشار تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في أفريقيا، رغم مقتل زعيمي التنظيمين في غارات أمريكية على أفغانستان وسوريا.

وكشف التقرير عن أن الفروع التابعة للتنظيمين في القارة الأفريقية، أصبحت أنشط من الفروع في الشرق الأوسط. فقد مرت 13 عاما على المحاولة الفاشلة لتفجير قطارات الأنفاق في نيويورك عام 2009، وانتهت حرب أفغانستان، وانشغلت أمريكا وأوروبا بأزمات أخرى من أوكرانيا إلى تايوان، إلا أن صاروخيْ “هيلفاير” اللذين قتلا أيمن الظواهري وهو على شرفة منزل في العاصمة الأفغانية كابول، هما تذكير بأن تنظيم القاعدة لا يزال حيا.

و”لم يكن الظواهري ليحلم أبدا بمراقبة غروب الشمس من المنطقة الدبلوماسية الراقية لو لم تسيطر طالبان على كابول في الصيف الماضي. فالبيت الآمن الذي كان فيه يعود لشبكة حقاني المرتبطة بالمخابرات الباكستانية. وزعيمها هو سراج حقاني، نائب وزير الداخلية في حكومة أفغانستان. وليس مفاجئا أن يشعر الظواهري التي انقطعت أخباره لدرجة ساد اعتقاد بأنه مات، بالأمان ويصدر عددا من الفيديوهات تتعلق بسوريا والتظاهرات المؤيدة للجهاد في الهند”.

ورأت المجلة أن فترة قيادة الظواهري للقاعدة ما بين 2011- 2022 كانت “فاشلة”، فلم تنظم حركته هجمات كبيرة ضد أمريكا أو أوروبا، ولم تطح بأي من الحكام العرب “المرتدين” حسبما تصورهم القاعدة. وأدى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، الذي انشق عن القاعدة، إلى ظهور الظواهري كالمهزوم. وقال كين ماكولام، مدير المخابرات الداخلية البريطانية “أم آي فايف”، وقبل سقوط كابول بفترة العام الماضي: “انتهت البنية الإرهابية التي واجهتنا في 2001″، إلا أن البنية التحتية تظهر علامات عن العودة، بحسب فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة. فالقاعدة تلعب دور “مستشار” لحركة طالبان.

ولدى القاعدة في شبه القارة الهندية ما بين 180- 400 عنصر، معظمهم قاتلوا إلى جانب طالبان. وقال منسق فريق الأمم المتحدة إدموند فيتون- براون: “ليست لدينا أدلة عن وجود قدرات دولية للقيام بهجمات من أفغانستان”، إلا أنه لاحظ أن حقاني يشرف على المواطنة والجوازات والسفر، و”قد تكون هذه خطة للعبة طويلة” ربما قادت لأعمال إرهاب جديدة من القاعدة في أي مكان ويتم التخطيط لها من أفغانستان. وكل هذا مرتبط بقرار طالبان الحد منها، خوفا من تداعيات عمليات جديدة تنطلق من التراب الأفغاني. لكن ما يميز القاعدة اليوم عن عام 2001، هو توسع نشاطها، ففي السنوات الأخيرة، أصبحت القاعدة لا مركزية. فمنطقة الساحل والصحراء الإفريقية بدولها الفقيرة تحولت إلى نقطة الإرهاب الساخنة في العالم بثلث الوفيات في العالم التي سجلت عام 2021 بسبب الإرهاب. فهي مركز جماعة أنصار الإسلام والمسلمين، وهي تحالف من الفصائل الموالية للقاعدة. وكانت الجماعة الجهادية الأكثر نموا في العالم، مقارنة مع الهجمات التي قامت بها والقتلى.

ففي مالي، قُتل حوالي 2.700 شخص في النصف الأول من هذا العام، بزيادة نحو 40% عن العام الماضي. وقام الجهاديون في الشهر الماضي بالهجوم على قاعدة عسكرية تبعد 60 ميلا عن العاصمة باماكو، ثم هاجموا بعد أسبوع، المعسكر الرئيسي على أبوابها. وفي النيجر، انخفض عدد القتلى لكنه سيزيد عن 1.000 قتيل في عام 2022. وفي بوركينا فاسو، قُتل في النصف الأول من العام الحالي 2.100 شخص، وعادة ما يتم قطع بلدة جيبو في الشمال عن العاصمة باماكو.

وعثرت القاعدة عن مراكز لها في شرق إفريقيا، وتسيطر حركة الشباب على أجزاء من الصومال. وقال قائد القيادة المركزية الأمريكية لإفريقيا، الجنرال ستيفن تاونسند حتى 9 آب/ أغسطس للجنة في مجلس الشيوخ في آذار/ مارس، إن حركة الشباب “هي أكبر وأشرس وأكثر ثراء من بين فروع القاعدة اليوم في العالم” و”أصبحت أكثر قوة وجرأة في العام الماضي”. وفي أيار/ مايو، هزمت الحركة قواتٍ تابعة للاتحاد الأوروبي، وقتلت 50 شخصا وسرقت أسلحتهم.

وفي تموز/ يوليو، اخترق ما بين 500- 800 مقاتل من الحركة، المنطقةَ الأمنية التي تسيطر عليها إثيوبيا وقطعت مسافة 150 كيلومترا بهدف السيطرة على قاعدة عسكرية في جبال بالي. وانتشر تنظيم الدولة أيضا من مناطق العراق وسوريا. وخفّ تنافسه مع القاعدة في سوريا، حيث يخوض التنظيمان كفاحا للبقاء هناك، مع أن آلافاً من أتباعه لا يزالون وسط المجتمعات التي تشعر بالظلم من الحكومة الشيعية في العراق.

ويقوم التنظيم بتجنيد وتمويل والتأثير على الجهاديين في إفريقيا وأفغانستان. وفي نيجيريا مثلا، حل تنظيم الدولة الإسلامية- غرب إفريقيا محل جماعة بوكو حرام، وأصبح الجماعة الجهادية الرئيسية. وأحد فروعه هو تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، شنذ هجمات عشوائية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر. كما عاث فصيل مرتبط بتنظيم الدولة، فسادا في موزامبيق.

وبالعودة إلى أفغانستان، فمعظم الـ700 شخص الذين قُتلوا منذ مغادرة أمريكا، ماتوا بسبب هجمات لولاية خراسان، التابعة لتنظيم الدولة. وتظل العلاقة بين التنظيم والجماعات المحلية غامضة. فتنظيم الدولة في الصحراء الكبرى هو مجموعة من العصابات الإجرامية، كما يقول الجنرال مارك كونورت، الذي قاد القوات الفرنسية في الساحل حتى العام الماضي. وهي تخفي نفسها وراء الراية الجهادية بدون أن يكون لها أي أجندة سياسية.

ومعظم الجماعات المرتبطة بجماعة أنصار الإسلام والمسلمين يقودها ماليون بأجندة محلية، وواحد من الفروع المرتبطة بالجماعة، هو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتجاهل دعوات الظواهري باستهداف الأمريكيين لا القوات المحلية. وربما كان الانفصام بين مركز القاعدة والجماعات الهامشية المرتبطة بها نابعا من نجاح عمليات مكافحة الإرهاب. فلم تكن جبهة النصرة التابعة للقاعدة في سوريا تتواصل مع الظواهري لمدة ثلاثة أعوام ما بين 2013- 2016، حسب تور هامينغ، من المركز الدولي لدراسة التشدد بكينغز كوليج في لندن. وتواصلت النصرة مع قادة القاعدة في إيران و”لكنها تدير أمورها بنفسها”، وينسحب الوضع على فروع القاعدة في إفريقيا.

وفي حالة تنظيم الدولة، تقوم الفروع بجمع المال وإرساله للقيادة المركزية وليس العكس. وربما لعب الإطار اللامركزي دورا في بقاء القاعدة وتنظيم الدولة، فقد اغتالت أمريكا زعيم القاعدة وقادة تنظيم الدولة واحدا بعد الآخر، إلا أن عملية قطع الرأس لم تحدث فرقا.

فالتنظيمان منتشران، ولن يقوم خليفة الظواهري بوقف هذه الظاهرة. ويعيش سيف العدل، وعبد الرحمن المغربي المرشحان الأبرز لخلافة الظواهري في إيران، حيث يخضعان للرقابة من المخابرات الإيرانية.

ولن يكون لديهما حرية السفر والتواصل التي تمتع بها الظواهري طوال حياته. ويناقش البعض أن العنف الذي تمارسه تلك الجماعات في الساحل وأفغانستان رهيب ضد السكان المحليين، ولكنه يظل بعيدا عن الغرب. ويقول دانيال بيمان، من جامعة جورج تاون: “هذه مناطق محدودة الأهمية للولايات المتحدة”. فالقاعدة المركزية التي نشأت في التسعينات من القرن الماضي وخططت لهجمات 11 سبتمبر، تحولت إلى “جماعة محلية لا تعطي أولوية للهجمات الخارجية” كما يقول هامينغ.

لكن الوكالات الاستخباراتية ليست متفائلة، فتقرير الأمم المتحدة يرى أنه يجب سحق الجهاديين في الساحل، وإلا “تحول واحد منها أو أكثر إلى حاضنة للعمليات الخارجية للقاعدة أو جماعة إرهابية مرتبطة بها” وعليه فالشعور بالرضا عن النفس ليس حكيما.

القدس العربي

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*