صباح ابراهيم:
بعد أن كلم الله الآباء بالأنبياء قديما، كلمنا في أبنه الحبيب يسوع المسيح أخيرا. وأظهر لنا مجده بمعجزات واقوال الإبن . كان المسيح آخر رسل الله الى البشرية. أما الرسل الذين بشروا بعده برسالة المسيح، فيدعون رسل المسيح وليس رسل الله. لأن المسيح هو من ارسلهم للتبشير به وبرسالته مثل بطرس ومرقس وتوما . كقول السيد المسيح : " كما ارسلني الآب ، ارسلكم أنا " . إذ اعطاه الله الملك والقدرة والسلطان أن يعمل اعمال الله كلها. الذي أتى من فوق (السماء) فهو فوق الجميع مولود وليس مخلوق وهو أزلي بأزلية الله يتكلم باسم الله ، والذي من الأرض فهو أرضي مخلوق من تراب يتكلم بما يوحي له الله . الذي اتى من سماء مجد الله، هو مرسل من الله وفوق جميع البشر قدرة وسلطانا. وفوق جميع الأنبياء والرسل .
يعتقد المسلمون وشيوخهم وفقهائهم أن الكتاب المقدس (التوراة والإنجيل) تم تحريفهما . ويطعنون فيهما بلا دليل يملكونه إلا الضن . لا بينّة عندهم يستندون اليها غير الإدعاء الكاذب وتحريف تفسير القرآن الذي لم يقل صراحة بتحريف نصوص الكتاب المكتوبة، بل كان اليهود يحرفون كلام التوراة بعد ان سمعوه وعقلوه، وهذا ليس دليلا على تحريف نصوص الكتاب . او اتهام اليهود انهم يكتبون بعض ايات التوراة على قراطيس ويبيعوها للمسلمين ليكسبوا منها ثمنا قليلا. وهذا ايضا لا يعني تحريف نصوص الكتاب الأصلي . فإدعائهم بالتحريف للنصوص باطل مبني على الظن وتحريف الحقيقة .
لو كان شيوخ المسلمين يملكون الدليل على التحريف ولديهم الكتاب الغير محرف لأبرزوه للعالم اجمع واستشهدوا ببينتهم. لكنهم لا يملكون لأن ادعائهم باطل اصلا . وهم مستمرون يخدعون اتباعهم بهذا الإدعاء الكاذب لتشويه سمعة الكتاب المقدس الذي وصفه القرآن انه هدى ونور .
هم يؤمنون ان هناك انجيل انزل على المسيح تم اخفاءه، وكتب بدله الأناجيل الأربعة من قبل تلاميذ المسيح، ونحن نقول لهم ان الإنجيل هو البشرى السارة بحياة و تعاليم و معجزات المسيح منذ ولادته حتى موته وقيامته وصعوده الى السماء . والمسيح هو إنجيل يمشي على الأرض. تم توثيقه من قبل تلاميذ المسيح مسوقين بالروح القدس الذي اوحى لهم ما كتبوه كل حسب رؤيته .
عندما يعجز المسلمون عن تقديم الدليل على التحريف، يقولون ان القرآن قد نسخهما وابطل حكمها وحل محلهما. وقد تناسوا ان معظم آيات القرآن وقصص الأنبياء وشريعة الإسلام اقتبسها محمد من التوراة والإنجيل والمزامير وكتب واساطير اليهود و أقوال عمر بن الخطاب وبعض الصحابة وابيات من قصائد امروء القيس مثل قصيدة دنت الساعة وانشق القمر عن غزال صاد قلبي ونفر.
لقد شهد المسلمون انفسهم بتحريف القرآن عدة مرات ابتداء بكتابة عدد كبير من المصاحف المختلفة في آياتها، مما اضطر الخليفة عثمان بن عفان الى جمعها من اصحابها و حرقها ليوحد الكتب المختلفة بكتاب واحد، ومع ذلك تم تحريف القرآن بعد عثمان بالزيادة والنقصان واضافة الحركات والنقاط التي غيرت من معاني الكلمات كثيرا . يوجد الان مصحف ورش و مصحف قالون يختلفان في الكلمات والحروف مع بعضهما فاين هو القرآن الموحد الغير محرف ؟
والدليل على تحريف القرآن من داخل القرآن نفسه بوجود آيات تنسخ آيات أخرى وتبطل احكامها، فهل يبدل الله كلامه بين فترة وأخرى وينسخها حسب المتغيرات الظرفية ؟ والقرآن يناقض نفسه بقوله لا مبدل لكلمات الله . بينما يقول :(ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها) !لماذا لم يأت بخير منها من البداية ؟ المسيح المبارك يقول في انجيله المقدس : " السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول " .
قال جلال الدين السيوطي احد فقهاء الإسلام في كتابه الإتقان : " إن النسخ مما خص به الله هذه الأمة" .
وقال رحمة الله الهندي في كتابه إظهار الحق : " إن القول بنسخ التوراة بنزول الزبور، ونسخ الزبور (المزامير) بنزول الإنجيل بهتان (كذب) لا أثر له في القرآن ..... وشهد شاهد من اهلها .
رغم كل البراهين المقدمة للاخوة المسلمين ، فهم لازالوا يبحثون بين سطور التوراة والإنجيل عن كلمة يهتدون بها اويستدلون منها على ما يشفي غليلهم ترشدهم الى نبوءة ما تشير لهم الى اسم محمد او أحمد ليثبتوا ان موسى وعيسى بشرا بظهور نبي الإسلام محمد في كتابيهما . ومع هذا فهم يتشبثون بحبال الأوهام وعندما لا يجدون يعودون لأتهام الكتاب المقدس بالتحريف وإخفاء الحقيقة والنبوة المزعومة عن اسم أحمد او محمد .
إن المرجع الأصح لمن يريد أن يفهم الله ورسله وأنبياءه والشريعة الحقة التي شرعها الله هو العودة الى اسفار التوراة والإنجيل فقط ، وهذا ما جاء بنص قرآني ايضا . :" فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" .
والذكر هو المرجع الصحيح لكتابي التوراة والإنجيل المقدس، وأهل الذكر هم احبار اليهود و قساوسة ورهبان المسيحيين . فهم أمينون على حفظ الكتاب المقدس عبر العصور .
ان احبار اليهود ورهبان النصارى الأبيونيين والهراطقة امثال ورقة بن نوفل وبحيرا الراهب وعداس هم من علموا محمد الدين وساعدوه في تأليف الايات القرآنية وصنعوا منه نبيا لأمة العرب عبدة الأوثان، وكان القس ورقة بن نوفل قبل موته هو جبريل الذي يوحي لمحمد حيث علمه صفات الله و قصص الأنبياء وما جرى لموسى والمسيح اثناء حياتهما فنقلها الى القرآن . وبعد ان مات ورقة فتر الوحي وانقطع ثلاث سنوات حتى اصيب محمد بالإكتئاب وحاول الإنتحار برمي نفسه من شواهق الجبال لشعوره بفشل خطته باستمرار النبوة . محمد لم يكن يملك شاهدا واحدا يؤيد انه رسول من الله يتلقى آيات الوحي من جبريل . كان هو من يشهد لنفسه ضمن نصوص القرآن . ومعظم النصوص لا تتكلم بلسان الله بل بلسان محمد . لأن الله لا يقول في كلامه : ( لا اله إلا هو ) ولا يقول : (إياك نعبد وإياك نستعين ) ، ولا يقول الله المتكلم : ( هو الذي خلق السماوات والأرض) . هل المتكلم ينطق بضمير الغائب (هو) عندما يتحدث عن نفسه ؟
الله قال في التوراة عندما خاطب موسى : " أنا هو الرب الهك.. لا يكن لك اله غيري" .
ولم يقل هو الرب الهك .
بدأ اتهام المسلمين لأهل الكتاب بتحريف كتبهم بتحريض فقائهم وتأليفهم المقالات والكتب الكاذبة عنهم . فقد كتب فخر الدين الرازي احد فقهاء الإسلام قائلا : ( اليهود والنصارى يكتمون ما في التوراة والإنجيل من الدلائل على نبوة محمد . فكانوا يحرفون الآيات التي تشير اليه ويذكرون لها تأويلات فاسدة ) . و يستشهد المسلمون ببعض آيات القرآن التي يؤولون تفسيرها خطأ ومنها : " ان فر يقا من اليهود يسمعون كلام الله (من التوراة) ثم يحرفونه " .. نحن نسال العقلاء من المسلمين ، هل الفريق وليس كل اليهود، من سمع النصوص التوراتية المكتوبة بالتوراة ،(ثم) قراها على الناس بطريقة محرفة ، تعني ان النصوص الأصلية المكتوبة في الكتاب هي محرفة، ام التحريف حصل بالقراءة بعد السماع ؟
هل هذا الإدعاء يعني ان نصوص آيات التوراة محرفة ؟
لماذا لا يتدخل الله بحفظ كتبه المقدسة من التحريف وحفظَ القرآن وحده من التلاعب والتحريف؟ بينما العكس هو الصحيح والدلائل لدينا كثيرة بتحريف القرآن ووجود اخطاء وتناقضات كثيرة فيه.
يجتهد المسلمون في البحث عن آيات او كلمات في الكتاب المقدس لعلهم يجدون فيها ما يشير الى وجود اسم النبي محمد فيه . ولما لم يجدوا هذا الإسم صراحة ، يقولون حرفت التوراة والإنجيل بحذف اسم محمد من هذين الكتابين .كي لا تعطى الشرعية للقرآن ومحمد والإسلام . واحيانا يعثرون على كلمات يشتبهون انها تدل على اسم محمد ، وسنورد الأمثلة عليها لاحقا، ويقولون انها كلمات تشير الى اسم النبي محمد او احمد او المحمود . حفظتها العناية الإلهية من الحذف والتحريف . ونحن نتسائل لماذا حفظت العناية الإلهية هذه العبارات الغامضة التي تشير الى اسم محمد من بعيد، ولم تحافظ العناية الإلهية على ذكر الإسم الصريح لمحمد بوضوح ؟ ولماذا لم يحافظ الله على وعده لكم بقوله : [ إنا نزلنا الذكر و إنا له لحافظون] ؟
البقية في الجزء 2