محمد يسري:
على الرغم من أن معرفتنا التاريخية الجادّة بحضارة المصريين القدماء، لم تتحقق على الوجه الأمثل إلا بعد أن تمكن العالم الفرنسي جان فرنسوا شامبليون من فك رموز حجر رشيد، في عشرينيات القرن التاسع عشر الميلادي، إلا أن الكثير من الكتب المتفرّقة التي وصلتنا من جانب مؤرخي العصور الوسطى، قد لعبت دوراً مهماً في إثراء الوعي التاريخي الجمعي للمصريين، وذلك من خلال محاولة مؤلفي تلك الكتب لتقديم سرديات دينية موازية، تتماس مع التاريخ القديم في بعض النقاط.
مؤرخو العصور الوسطى -سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين- الذين قدموا بعض المصنفات التي تحدثت عن تاريخ مصر خصوصاً، وتاريخ العالم القديم عموماً، خلطوا في كتاباتهم بين التاريخ والمُتخيّل، فحملت مصنفاتهم مزيجاً فريداً من الأساطير المُطعّمة ببعض الحقائق المتوارثة، وذلك من خلال الروايات الشفاهية التي نُقلت من جيل إلى آخر عبر القرون.
من أهم النماذج المعبرة عن السرديات الدينية المسيحية المُتخيّلة لتاريخ مصر القديم، كتاب "تاريخ مصر والعالم القديم"، الذي ألّفه الأسقف القبطي يوحنا النقيوسي، وهو الكتاب الذي تأثّر صاحبه كثيراً بالمعارف الكتابية -اليهودية والمسيحية- من جهة، وبالميثولوجيا اليونانية القديمة من جهة أخرى، كما أنه قد انتهز كل فرصة مواتية لإثبات قداسة المسيحية، والتأكيد على صدق المذهب المونوفيزيتي الذي اعتقدت به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
يوحنا النقيوسي وكتابه "تاريخ مصر والعالم القديم"
قليلة هي المعلومات التي نعرفها عن يوحنا النقيوسي، ويمكن القول إن كل ما لدينا من معلومات عن هذا المؤلف، إنما ترجع إلى مصدرها الأول، المتمثل في مخطوطة "تاريخ البطاركة" للمؤرخ المسيحي ساويرس بن المقفع، الذي عاش في مصر في القرن العاشر الميلادي.
بحسب ما هو معروف، فإن بلدة نقيوس –والتي يُنسب إليها يوحنا- هي بلدة قديمة كانت تقع على فرع رشيد، في الشمال الغربي من مدينة منوف الحالية، وكانت بحسب ما نعرف مركزاً لأسقفية كبيرة مشهورة في القرون الوسطى.
أما يوحنا –مؤلف الكتاب- فقد كان أسقفاً لنقيوس، وعاش في ظل حكم الولاة الأمويين العرب لمصر، واشتغل ككاتب في الديوان المصري، كما أنه قد لعب دوراً مهماً في انتخاب البابا الحادي والأربعين للكنيسة القبطية، بعدما تمكن من إقناع والي مصر، عبد العزيز بن مروان، بترشيح الراهب إسحاق لهذا المنصب بعد طول مجادلة ونقاش.
كتاب يوحنا النقيوسي المعروف باسم "تاريخ مصر والعالم القديم" وصل إلينا من خلال مخطوطة وحيدة مكتوبة باللغة الحبشية، وقد نشرها هرمان زوتنبرج في 1883م مع ترجمة فرنسية لها، ثم ترجمها روبرت تشارلز إلى الإنجليزية في 1916م، في حين تمّت الترجمة إلى العربية على يد كامل صالح نخلة في 1948م.
من آدم إلى زيوس: كيف تداخلت العقائد الكتابية والميثولوجيا اليونانية في كتاب النقيوسي؟
مما لا شك فيه أن ثقافة الأسقف المصري يوحنا النقيوسي قد تأثرت كثيراً بالميثولوجيا اليونانية القديمة، الأمر الذي يظهر بوضوح في اقتباسه العديد من الحكايات اليونانية الخرافية، ومحاولته لدمجها في سياق السردية التوراتية المعروفة.
يتحدث النقيوسي عن بداية الخليقة، فيذكر قصة آدم أبي البشر، ثم يتحدث عن أبنائه منتهجاً النهج المعروف لسفر التكوين، إذ يذكر الكثير من المعلومات عنهم.
ومنها على سبيل المثال، أن شيث بن آدم كان أول من كتب الحروف، وكانت كتابته باللغة العبرية، وأن أبناء نوح قد صاروا مع الوقت "كباراً وجبابرة، لذلك بدأوا في بناء السفن، وكانوا يجوبون البحار"، أما قينان بن أرفكشاد فقد كان له الفضل في إنشاء علم الفلك بعد الطوفان، بينما كان أخنوخ "الذي كان خارق الذكاء، هو الذي أسس قاعدة الشهور التي تلقاها عنه المصريون".
بعد ذلك ينتقل النقيوسي للحديث عن قصة نمرود الجبار، فيقول إن اسمه الحقيقي هو أفرويد، وأنه بنى مدينة بابل العظيمة، وتمكن من إخضاع الفرس، حتى رفعوه لمصاف الآلهة العظيمة، وكان النمرود هو أول من قام بصيد الحيوانات وأكل لحومها.
التداخل بين المؤثرات الثقافية الكتابية واليونانية القديمة يظهر في اقتباسه لقصة زيوس الشهيرة، إذ يقول إن شخصاً يُدعى كروتس، ينحدر من نسل سام بن نوح، كان مارداً جباراً، وكان له ابن اسمه دومنس، وقد تزوج هذا الابن من امرأة تسمى ريا، فأنجبت له زيوس ونينوس. وأن الابن الأول زيوس قاد ثورة عارمة ضد أبيه وقتله، لأن الأب قد افترس باقي أبنائه، وبعدها تزوج زيوس من أمه ريا، فكان أول البشر الذين يتزوجون بأمهاتهم.
أيضاً يظهر التأثر بالميثولوجيا اليونانية في قصة هيفوستس الذي حكم مصر، والذي "كان في الأصل حداداً يصنع الأسلحة المستخدمة في الحروب والمعارك". وفي قصة مارسياس الذي كان أول من عزف على المزمار والبوق، وكان يدعي أنه إله، "فغضب الله عليه وعاقبه، حيث أصيب بالجنون فألقى بنفسه في النهر فغرق ونام".
أما فيما يخص تاريخ مصر القديم، وما عُرفت به من كونها سلّة غلال لروما في العصر الروماني، فإن النقيوسي يعمل على تأصيله من خلال القول بأن أرض مصر كانت أول البلاد معرفةً بالزراعة وبذر القمح، وأن الملك سيزوستريس –سنوسرت الثالث- لما تولى الحكم، كان أول من مسح الأراضي وفرض الضرائب، فجمع قدراً كبيراً من الغنائم، وأسر الكثير من سكان البلاد المجاورة، وسخرهم في حفر الترع وردم المستنقعات في مصر، وساعدت تلك الأعمال في زيادة عمران مصر.
أما فيما يخصّ بناء الأهرامات، فيذكر النقيوسي أن رجلاً يُدعى فاوندجيوس قد شيد الأهرامات العظيمة في مدينة ممفيس، وحمل المصريين على عبادة الشمس، وأنفق كل أموال المملكة في سبيل إتمام هذا العمل الشاق، حتى نفذت كل أمواله، فلما أراد استكمال بناء الأهرامات اضطر لتشجيع ابنته الجميلة على العمل في الدعارة، فكان كل من يريد أن يستمتع بها، يقوم بتقديم حجر كبير ليضيفه العمال إلى بناء الأهرامات.
أسطورة بيرسيوس وميدوسا تظهر أيضاً في كتاب النقيوسي، إذ يذكر يوحنا في المطلب الحادي والعشرين من كتابه، أن رجلاً يُدعى برسوس كان متجهاً إلى سوريا، فوجد فتاة وحيدة في الطريق، وحاولت تلك الفتاة أن تؤذيه، فما كان منه إلا أن "أمسكها من شعر رأسها، ثم قطع رأسها بسيفه، وثبت الرأس فوق رمحه... وكان يحمل هذا الرأس معه في كل حملاته الحربية".
في السياق نفسه، حاول النقيوسي –التي توزعت هويته بين انتمائه لأرض مصر وإيمانه بالدين المسيحي- أن يربط بين تاريخي مصر والأراضي المقدسة في فلسطين، فيقول إن الرجل البار المعروف باسم ملكي صادق، والذي ينتمي إلى العائلة الملكية في مصر والنوبة، كان كاهناً لله رغم أنه لم يكن من بني إبراهيم، وأنه قد "حكم كنعان، وشيد على الجلجثة، مدينة تُدعى صهيون أو ساليم، والتي تعني في لغة اليهود "مدينة السلام"، وحكمها لمدة 113 عام، ثم مات.
أما فيما يخص قصة النبي موسى وفرعون مصر، فأن النقيوسي يذكر أن اسم الفرعون هو بيتسونيس، وأنه لما كان يؤمن بالسحر والتنجيم، فأنه قد ذهب إلى مكان تنبؤات المستقبل الذي كان يوجد في منف، وقدّم القرابين للآلهة الموجودة هناك، وسأل عن إله بني إسرائيل، فسمع عندها صوت الوحي "أنه الله الكائن في السماء السرمدي، الذي ترتعد أمامه السماوات والأرض، ويخشاه البحر، والشياطين ترتعب لذكره، ولكن الملائكة تمجّده لأنه هو الذي يمنح القوة والإرادة".
كذلك لا ينسى النقيوسي أن يتعرّض في كتابه لبعض القصص الشيقة المنسوبة لاثنين من أكبر وأعظم الفاتحين في العالم القديم، وهما كورش الفارسي والإسكندر المقدوني على الترتيب. على سبيل المثال، يذكر أن كورش الفارسي كان في منتهى القلق والتوتر قُبيل حربه لكريسوس ملك ليديا، وكانت له زوجة تُدعى ترتانا، فقالت له: "يوجد بيننا نبي من العبرانيين يُدعى دانيال فيه حكمة من الله".
فلما سمع كورش ذلك أرسل مستدعياً دانيال وسأله عن مصير حربه ضد كريسوس، فقال له دانيال: إنه سينتصر في المعركة بشرط أن يعطي بني إسرائيل حريتهم وأن يطلقهم من الأسر البابلي، وعندها "خرّ كورش على قدمي دانيال وحلف له قائلاً: حي هو الله إلهك، أنا أرسل بني إسرائيل إلى القدس بلادهم حتى يعبدوا الرب إلههم".
أيضاً، نستطيع أن نلاحظ تشابهاً كبيراً بين القصة التي يذكرها النقيوسي عن لقاء الإسكندر المقدوني بالملكة كنداكة، ملكة النوبة من جهة، وقصة لقاء الملك سليمان وملكة سبأ الواردة في الكثير من الكتابات اليهودية القديمة، من جهة أخرى.
يذكر النقيوسي أن الإسكندر لما دخل قصر ملكة النوبة قالت له: "إن كنت أنت الملك إسكندر العظيم، وقد استوليت على العالم كله، ولكن الآن أسرتك امرأة!"، فاعترف الإسكندر بذلك وقال لها: "إنه بفضل حكمتك وذكائك وعقلك الراجح، استحوذت علي، وأنا من الآن فصاعداً أحميك ضد أي إساءة أنت وأولادك، وسأتزوجك".
المسيحية في مصر: من دقلديانوس المضطهد إلى ثاؤفيلس محطم الأصنام
إذا كان كتاب تاريخ مصر والعالم القديم قد خلط كثيراً في جزئه الأول بين الميثولوجيا اليونانية الأسطورية والسردية الكتابية المقدسة، فإن صاحبه النقيوسي قد خصص جزءه الثاني للحديث عن تاريخ المسيحية، بدءاً من اندلاع موجة الاضطهادات التي تعرّض لها المسيحيون في القرن الثالث وحتى الغزو العربي لمصر في القرن السابع الميلادي.
تحيّز النقيوسي لوجهة النظر المسيحية، يظهر بشكل واضح فيما ذكره عن الإمبراطورين دقلديانوس وقسطنطين الأول على الترتيب.
فيما يخص دقلديانوس الذي اشتهر باضطهاده وتعقبه للمسيحيين، فقد وصفه النقيوسي في كتابه بأنه ذلك "المستبد الأثيم مضطهد المؤمنين، المرعب الذي لا مثيل له"، وأنه قد "أشعل النار في الإسكندرية حتى احترقت تماماً، وكان مؤمناً بالعقيدة الوثنية، يقدم القرابين للشياطين النجسة، ويضطهد المسيحيين... ولهذا فقد قتل كل الأساقفة، والكهنة، والرهبان، وقتل كثيرين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، مستخدماً الوحوش آكلي اللحوم البشرية، الذين ملأ بهم كل موضع، فسكب دماء عدد لا يُحصى من القديسين...".
كما يشير للاعتقاد الذي ظهر بين جموع المسيحيين في القرن الثالث الميلادي، والذي ذهب أصحابه إلى أن دقلديانوس هو المسيح الدجال "عدو يسوع، الذي جاء ليقضي على العالم أجمع، كأنه مأوى للشرور ومصبّ للجرائم...".
وتظهر العدالة الإلهية بأوضح صورها فيما يحكيه يوحنا النقيوسي عن مصير دقلديانوس، إذ يذكر أنه "لم تمض ثلاث سنوات على اضطهاد دقلديانوس الجبار الذي شنه ضد المسيحيين حتى مرض مرضاً شديداً وفقد عقله".
على النقيض من الأوصاف السابقة، فقد احتفى أسقف نقيوس بالإمبراطور قسطنطين الأول احتفاءاً كبيراً، وذلك بسبب دور هذا الإمبراطور في السماح باعتناق المسيحية، وإصدار مرسوم ميلان الشهير الذي أنهى سنوات من الاضطهاد الروماني الطويل للمسيحيين.
يظهر هذا الاحتفاء فيما ذكره يوحنا النقيوسي أن قسطنطين "المحبوب من الله، كان مشبعاً بالفضيلة ومكرماً... وكان خادماً للثالوث الأقدس، ولما أصبح إمبراطوراً، كان يتمم إرادة الله في كل وقت، وكان يحب كل مخدومي إمبراطوريته، ويعاملهم برفق، وكان يسير طوال فترة حكمه بوقار وورع وتقوى فصار عظيماً أمام الله الأبدي".
وكنوع من أنواع إثبات تدين قسطنطين الأول وصدق إيمانه، ينسب له النقيوسي في كتابه العديد من المعجزات، ومن ذلك حديثه عن معجزة المسامير التي أُستخدمت في صلب المسيح، إذ يذكر أن الإمبراطور قسطنطين الأول قد أخذ أحد المسامير وربطه في سرج حصانه، ووضع الآخر في شكيمة حصانه، أما المسمار الثالث فقد ألقاه في مضيق خلقدونية الذي كانت أمواجه ثائرة لا تهدأ، فبمجرد أن ألقى فيه المسمار، هدأت أمواج البحر.
عمل أسقف نقيوس في كتابه كذلك على إثبات عدد كبير من المعجزات والخوارق للقديسين الأكثر شهرة في الوجدان المسيحي في القرون الأولى من الميلاد، ومنهم القديس أثناسيوس الرسولي، الذي اشتهر بسبب موقفه المدافع عن العقيدة في مجمع نيقية، وذلك عندما عارض بدعة أريوس السكندري، وأصر على موقفه وتمكن من إقناع الكهنة جميعاً برأيه.
أثناسيوس الذي تولى منصب بابا الإسكندرية بعد عودته من نيقية بفترة، حظي بتكريم كبير في كتاب النقيوسي.
ويشهد على ذلك قول يوحنا إن أمواج البحر لما طغت وكادت أن تغرق مدينة الإسكندرية، اصطحب القديس أثناسيوس كهنته ومضي إلى شاطئ البحر ممسكاً بالكتاب المقدس بيده، ثم رفع يده إلى السماء وصلى قائلاً: "يا سيدي الإله الذي لا تخلف وعودك أبداً، أنت الذي وعدت نوحاً بعد الطوفان، ألا تجلب طوفاناً على الأرض مرة أخرى"، فانحسرت مياه البحر عن المدينة، وسكن غضب الله بحسب تعبير يوحنا النقيوسي.
في السياق نفسه، تحدث النقيوسي عن المعجزة الشهيرة المنسوبة للبابا ثاؤفيلس، والتي تقول إنه عندما دخل في صغره معبد الأوثان في الإسكندرية، فإن جميع الأصنام قد وقعت على الأرض وتهشمت دون أن يمسها أحد. وأن القديس أثناسيوس الرسولي لما عرف بذلك، تبنى ثاؤفيلس وجعله في معيّته، حتى كبر الطفل، "فأنار كل المدينة بشعلة إيمانه المقدس، واستطاع أن يجنب كل بلاد مصر من عقيدة الأوثان المرذولة".
من جهة أخرى، اهتمّ يوحنا النقيوسي أن يتناول حادثة مقتل الفيلسوفة هيباتيا السكندرية، ولكنه قدم مقاربته لما وقع في تلك المذبحة الدامية بالشكل الذي يتفق مع قناعاته وعقائده المسيحية، فنراه يصف هيباتيا بأنها "امرأة وثنية وفيلسوفة... كان كل عملها الانشغال بالموسيقى، وأعمال السحر والتنجيم، وكانت تغري الكثيرين بحيل إبليس"، وأن المسيحيين المصريين المخلصين لما رأوا تأثيرها القوي على والي المدينة واليهود، قاموا بقتلها وحرق جثتها، وأنقذوا المدينة من البقية الباقية من الوثنيين.
أيضا لا يفوت النقيوسي في كتابه أن يشير إلى صحّة المذهب المونوفيزيتي -مذهب الطبيعة الواحدة للسيد المسيح- والذي سيأخذ به الأقباط ويصرون عليه، مخالفين في ذلك الإمبراطورية البيزنطية التي ستأخذ بالمذهب الملكاني، وذلك بعد احتدام الخلاف بين الفريقين في مجمع خلقدونية 451م.
عمل يوحنا على إثبات صحة مذهبه من خلال مجموعة من النبوءات والرؤى والمعجزات، ومن ذلك تلك القصة التي تحكي أن الإمبراطور ثيودسيوس العظيم، لما أرسل إلى رهبان صحراء وادي النطرون ليستشيرهم فيمن يخلفه على عرشه -لأنه لم يكن له أبناء ذكور- فإن هؤلاء الرهبان قد أرسلوا له "عندما تترك هذا العالم، فأن عقيدة آبائك ستتغير، ولأن الله يحبك فلم يرزقك أولاداً ذكوراً، حتى لا يشتركوا في الشرور".
كما أن النقيوسي قد ذكر أن الكثير من الكوارث الطبيعية التي أصابت الإمبراطورية في تلك الفترة، قد حدثت بسبب "تركهم للعقيدة الأرثوذكسية، ورفضهم للعقيدة المستقيمة التي أخذ بها الأباطرة الأتقياء السابقين".
وفي السياق نفسه، ذكر يوحنا النقيوسي قصة كولندوخ النسطورية القادمة من بلاد فارس، والتي أسرها الفرس في البحر وكبلوها بسلسلة في رقبتها، فتألمت حتى كانت على وشك الموت، فظهر لها ملاك الرب ونزع عنها السلسلة وأنقذها، وقال لها: "إنه عن طريق إيمانك الأرثوذكسي بعقيدة ربنا يسوع المسيح قد أنقذت"، وبمجرد أن وصلت كولندوخ لليابسة هرعت للكنيسة واعتنقت الأرثوذكسية، واشتهرت قصتها بين الناس جميعاً، وكان الأباطرة يأتونها للسؤال عن مصائرهم ومستقبلهم.