ديفيد كيننر يكتب: أردوغان يقود تركيا على خطى كوريا الشمالية - مقالات
أحدث المقالات

ديفيد كيننر يكتب: أردوغان يقود تركيا على خطى كوريا الشمالية

ديفيد كيننر يكتب: أردوغان يقود تركيا على خطى كوريا الشمالية

كان شعب روما يرى الإمبراطور أُغسطس «أبًا للبلاد»، وبعد 2000 عام من حكمه

يحتدم الجدل اليوم حول ما إذا كان الحاكم الحالى لتركيا، رجب طيب أردوغان، يعد بمثابة تكرار لأُغسطس أم لا، إنه يُغضب المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ويعمل على ترسيخ كل السلطات في يديه، ففى 16 إبريل المقبل، سيصوت الأتراك في استفتاء رسمى على حزمة تعديلات دستورية تهدف إلى تركيز أغلب السلطات في يد رئيس البلاد.

ويعد الاستفتاء بمثابة فرصة لمعرفة رأى الشعب في 14 عاما من حكم أردوغان، وفى الوقت نفسه هناك استفتاء غير رسمى يجريه بقية العالم على الرئيس التركى.

وعلى مدى 3 أيام من الاجتماعات، الأسبوع الماضى، في أنقرة، دافع مسؤولو الحكومة عن التعديلات باعتبارها «تدابير منطقية لضمان الاستقرار الإدارى، وإصلاح الدستور غير الديمقراطى الذي وضعه الطغاة العسكريون السابقون للبلاد»، ويقود زعماء المعارضة حملة «لا» في الاستفتاء، كما يحذرون من انزلاق البلاد نحو الاستبداد.

ومن السابق لأوانه التنبؤ بما إذا كان أردوغان سيفوز في الاستفتاء المقبل أم لا، ولكن يبدو أن حكومته غير قادرة على إثبات قضيتها للغرب، فقد أثار الاستفتاء بالفعل خلافًا جديدًا بين تركيا والعديد من الدول الأوروبية، حيث حظرت ألمانيا وهولندا، مؤخرًا، المظاهرات التي قام بها أتراك للحشد للتصويت بـ«نعم»، وكان رد أردوغان على ذلك هو اتهام كلا البلدين بالنازية، محذرًا من أن هولندا «ستدفع الثمن» لقرارها.

ويعد الخلاف مع ألمانيا وهولندا مجرد مثال واحد فقط، فقد رفضت الدول الغربية تبنى آراء أنقرة حول مجموعة من القضايا، مثل وضع الديمقراطية في تركيا، والدور التركى في سوريا، وطلبها من الولايات المتحدة تسليم رجل الدين التركى فتح الله جولن، الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة الانقلاب الصيف الماضى.

وتعد أنقرة مسؤولة جزئيًا عن حالة العزلة التي تعانى منها حاليًا، ودعونا ننظر لرحلة 12 صحفيا أمريكيا، من صحف مثل «نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست»، و«وول ستريت جورنال»، الأسبوع الماضى، لتركيا، والتى تمت بعد دعوة رئيس بلدية أنقرة، مليح جوكجك، لهم، حيث وصف الحدث بأنه فرصة للقاء كبار المسؤولين، بينهم أردوغان، للاستماع إلى رؤيتهم لمحاولة الانقلاب، وعن الأسباب التي يتعين على الولايات المتحدة بموجبها تسليم جولن إلى أنقرة.

ولكن النتيجة كانت أنه لم يتم عقد أي من هذه الاجتماعات، بل اقتصر الأمر على اجتماع دام 4 ساعات مع جوكجك نفسه، ما دفع غالبية الصحفيين لمغادرة الاجتماع، وأثناء الحديث فشل جوكجك في تقديم دليل واحد على تورط جولن في الانقلاب، وبدلًا من ذلك قام بعرض نظريته التآمرية الخاصة.

وقال إن «الزلزال الذي وقع مؤخرًا قبالة الساحل الغربى لتركيا أثير من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل عن طريق سفينة، فمن خلال قليل من الطاقة حاولوا تحريك خط الصدع».

وقد حذر رئيس بلدية أنقرة، وهو عضو في حزب العدالة والتنمية الحاكم، من أن الأعداء الأجانب والداخليين، هم من تسببوا في الزلازل في تركيا، وحينما سأله الصحفيون عن تقديم مزيد من الأدلة على ذلك، قال: «أنا أجرى الكثير من التحقيقات، ولدىّ أكبر جهاز مخابرات في العالم، وهو جوجل».

ولكن هناك مسؤولين آخرين تحدثوا عن قضية الحكومة بشكل أكثر نجاحًا، حيث جادل العديد منهم حول ضرورة التصويت بـ«نعم»، بسبب عدم استقرار الائتلاف الحاكم، حيث تولت 65 حكومة مختلفة الجمهورية على مدى 94 عاما، ما كان عاملًا رئيسيًا في عرقلة الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها، حيث كان يتم تمكين كوادر من البيروقراطيين غير المنتخبين وضباط الجيش.

وتركز التعديلات الدستورية المطروحة للاستفتاء السلطة التنفيذية في يد الرئيس، وهو منصب شرفى إلى حد كبير حاليا، حيث تمنحه سلطة تعيين الوزراء أو إقالتهم، ووضع ميزانيات الدولة، وسيكون من حق الرئيس تولى الحكم لفترتين، مدة كل منهما 5 سنوات، وسيظل رئيس الحزب الحاكم، وفى حال تمت الموافقة على التعديلات فإنها ستدخل حيز التنفيذ عام 2019، بما يسمح لأردوغان بالبقاء في السلطة حتى 2029.

ومع ذلك يؤكد المسؤولون الأتراك أن التعديلات ستعزز فكرة فصل السلطات في البلاد، عن طريق تقسيم الصلاحيات الحالية للبرلمان مع الرئاسة، حيث سيستمر البرلمان في الحفاظ على سلطة الموافقة على ميزانية الرئيس، والتصديق على المعاهدات وإعلانات الحروب الدولية، ورفض المراسيم الرئاسية. كما يرى المسؤولون أن التصويت بـ«نعم» سيكون بمثابة انتصار ضد خصومهم الداخليين، وأبرزهم أنصار جولن، وحزب العمال الكردستانى، الذي يشن تمردًا ضد الدولة منذ عقود.

وقد قال لى زعيم حزب الشعب الجمهورى، أكبر أحزاب المعارضة، كمال أوغلو: «نحن لا نريد حكم الرجل الواحد، فهذا النظام سيكون استبداديًا، ونجد أنه خطير للغاية». وأضاف أوغلو، الذي يقود حملة «لا»، أن «حالة الطوارئ المفروضة منذ محاولة انقلاب الصيف الماضى كان لها أثر سلبى على النقاش العام، حيث امتنع المجتمع المدنى وجمعيات رجال الأعمال عن التعبير عن رأيهم في الاستفتاء خوفًا من الحكومة»، واعتبر أن الغالبية العظمى من وسائل الإعلام التركية متعاطفة مع أردوغان بعد حملته على الصحافة خلال العام الماضى، حيث قال: «ليست هناك حرية للصحافة في تركيا.. فقد دفع أردوغان البلاد نحو حافة الهاوية».

ومع استعداد البلاد للاستفتاء، فإنه يبدو أن الحرب بين أردوغان وخصومه الداخليين والدوليين في طريقها للتصعيد، فبينما يتهم رئيس تركيا خصومه في أوروبا بأنهم نازيون، فإن خصومه السياسيين في الداخل يتهمونه بنفس الشىء، فنظام أردوغان السياسى يشبه أنظمة مثل الرئيس العراقى الراحل صدام حسين في العراق، أو الرئيس السورى بشار الأسد، فهو يريد أن يجعل تركيا دولة قائمة على الحزب الواحد، مثل كوريا الشمالية.

ترجمة- فاطمة زيـدان

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*