كشفت صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية عن العثور على 776 صورة إباحية وجنسية على هواتف وحواسيب ووسائط حفظ البيانات الخاصة بطارق رمضان الباحث والمفكر الإسلامي السويسري وحفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
وأكدت الصحيفة أنه رغم الإفراج المشروط الصادر بحق رمضان (56 عاماً) فإن الصور التي عثر عليها قد تضيف اتهامات جديدة بحقه، إذ تظهره في "أوضاع حميمية خاصة جداً" مع نساء لم يسبق لهن اتهامه بالاغتصاب حتى الآن حسب ما أوردته الصحيفة.
الوسائط الإلكترونية حجج ضد رمضان
وقالت الصحيفة إن الشرطة العلمية فتشت جهازي iPhone 7 Plus و Samsung Galaxy، ومحرك أقراص خارجياً MacBook Pro، وجهاز iPad Pro لوحي، و USB وجهازي كمبيوتر يحتويان على 13 نسخة احتياطية من تسعة أجهزة iPhone مختلفة وستة وعشرين إصداراً آخر من أربعة هواتف Samsung تعود ملكيتها جميعاً للباحث الديني.
وبعد فحص دقيق وتحليل وافٍ للبيانات، قدمت الشرطة العلمية للمحققين الثلاثة الذين يتولون قضية رمضان، مئات صور "السيلفي" لرمضان مع سيدات في وضعيات غير أخلاقية، بعضهن يقاضينه بتهم الاغتصاب.
لِمَ الجدل؟
ولد رمضان في 26 أغسطس/آب عام 1962 في جنيف بسويسرا، درس الفلسفة وانغمس في النشاط السياسي، والتقى شخصيات عالمية مثل الدالاي لاما والأم تريزا، وفي عام 1991 عاد مع زوجته وأولاده إلى مصر وعاش بها حتى عام 1993، حصل على الدكتوراه في الحضارة الإسلامية من جامعة جنيف، وبدأ يحاضر في جامعة أوكسفورد البريطانية وجامعة فرايبورغ بألمانيا.
كان رمضان يُعرف على أنه من القيادات الإسلامية في أوروبا ومن أكثر الشخصيات المؤثرة في الأوساط الإسلامية، لكن النقاد يرون أنه يتبنى "أجندة إسلامية متشددة"، على الرغم من اللهجة الليبرالية التي يستخدمها مع جمهوره الغربي. وبرز دوره أثناء اعتراضه على القيود التي فرضتها فرنسا على ارتداء النقاب، وحاضر في الكثير من القضايا الخِلافية الخاصة بالإسلام في الغرب وفي الدول العربية أيضاً رغم إصرار البعض على اتهامه بالترويج للإسلام السياسي.
من شخص مؤثر إلى متهم بالاغتصاب
حدثت الصدمة في أوساط الأكاديميين وأنصار رمضان في أكتوبر/تشرين الأول 2017، حين اتهمته هندة عياري في مقابلة مع التلفزيون الفرنسي بأنه اعتدى عليها في فندق بالعاصمة الفرنسية باريس عام 2012.
وأوضحت العياري حينذاك أن الاتهامات الكثيرة في هوليوود الموجهة للمنتج، هارفي واينستاين، بارتكابه اعتداءات جنسية شجعتها على توجيه التهمة لرمضان في العلن، بعد أن ألفت كتاباً ونشرته عن قصة الاعتداء عليها دون ذكر هوية المغتصب.
أعقب ذلك اتهام الفرنسية بول إيما آلين المعروفة بـ"كريستيل" لرمضان بـ “أنه اغتصبها في فندق في مدينة ليون الفرنسية عام 2009".
لكنه نفى هذه الاتهامات حينذاك ووصفها بأنها "حملة من الأكاذيب"، وقال إن محاميه سيرفع دعوى على المرأتين بتهمة "الافتراء".
وفي نهاية يناير/ كانون الثاني 2018، بدأت الشرطة الفرنسة التحقيق مع رمضان في اتهامات الاغتصاب الموجهة إليه.
وتم اعتقاله منذ فبراير/ شباط الماضي، ورفضت المحكمة مراراً طلب إطلاق سراحه بكفالة، وفي مارس / آذار الماضي، تقدمت سيدة تدعى منية رابوج، بثالث اتهام له بالاغتصاب.
وقالت المرأة في شكواها إن رمضان قام " بالاعتداء الجنسي العنيف عليها في أكثر من مناسبة، 9 مرات بين مطلع عام 2013 ويونيو/ حزيران 2014".
وقدم دفاع رمضان "أكثر من 300 شريط فيديو وأكثر من ألف صورة" تثبت وجود علاقة "بالرضا” بين الطرفين، تفادياً لقبول الاتهام، غير أن الاتهام الثاني كان يقوم أيضاً على فرضية ممارسة "الجنس القسري" بين رمضان والمرأة التي اعترفت بعلاقتها معه.
وفي أبريل/ نيسان، كشف القضاء البلجيكي عن قيام رمضان بدفع 27 ألف يورو (حوالي 33 ألف دولار) لامرأة بلجيكية من أصل مغربي للتوقف عن "سرد تفاصيل علاقتهما عبر الإنترنت".
اعتراف متأخر وسراح مشروط
وتعددت روايات رمضان وكان في كل مرة يكشف جزءاً جديداً من الحقيقة، فنفى بالبداية معرفته بالنساء تماماً واعتبر أن كل الادعاءات تهدف للتشهير به وموجهة من أعدائه، ثم اعترف بمقابلتهن في أماكن عامة، وعاد ليقدم رواية مغايرة ويعترف بوجود علاقة جنسية بالتراضي بين الطرفين، لكن الصور الأخيرة ربما تقلب كل الأمور رأساً على عقب وتضيف للائحة اتهامه اتهامات جديدة.
وأخيراً وافقت محكمة الاستئناف في باريس، على إطلاق سراح المفكر الإسلامي السويسري بشكل "مؤقت" استجابةً لخامس طلب يتقدم به محاميه.
وغرمته المحكمة بـ 300 ألف يورو مقابل إطلاق سراحه المشروط، كما سحبت جواز سفره السويسري ومنعته من مغادرة فرنسا، وألزمته بإثبات حضوره في مركز الشرطة مرة واحدة كل أسبوع، عقب اعترافه، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وبعد عام من الإنكار بإقامته علاقات جنسية مع امرأتين ممن اتهمنه باغتصابهن، وهما هندة العياري وبول إيما آلين المعروفة بـ"كريستيل" زعم أن هذه العلاقات كانت بالتراضي.
من جهة أخرى أعلنت، جامعة أوكسفورد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنها وافقت على منح رمضان إجازة من عمله كأستاذ للدراسات الإسلامية المعاصرة.
وقالت الجامعة في بيان رسمي: "تعترف الجامعة بفداحة المزاعم ضد البروفيسور رمضان وتؤكد في نفس الوقت أهمية الإنصاف ومبادئ العدالة وسلامة الإجراءات"، وأكدت: "الموافقة على الإجازة لا تتضمن أي افتراض أو قبول بالذنب، وتسمح للبروفيسور رمضان بمواجهة المزاعم الخطيرة جداً التي قدمت ضده والتي ينفيها كلها بشكل قاطع".