مجدي خليل
المشكلة التى لا يفهمها الكثيرون من أصدقائى المسلمين هى أن علمانيتى كمسيحى لا تتناقض ابدا مع إيمانى، بل أن الفصل التام بين الدين والدولة هو مبدأ مسيحى راسخ (ما لقيصر لقيصر وما لله لله) أما المسلم فأن علمانيته تتناقض بشكل مؤكد مع إيمانه وممارسات نبيه وتاريخ دينه السياسى، ومع الفقه الممتد ومع القرآن نفسه الذى يأمر بالحرب والجهاد والتكفير.
التوراة والعهد القديم اليهودى يخلط بين الدين والدولة لأنها كانت تأصل لتأسيس دولة شعب الله وحمايتها من شر الأمم، ومع هذا فأن إسرائيل نجحت فى الفصل بينهم، فهى ليست محكومة بنظام وقوانين دينية بل قوانين علمانية، وهناك فرق بين اليهودية كهوية وقومية ودين وأثنية وتاريخ، وبين اليهودية كديانة فقط، ما يقوم به اليهود لصالح دولتهم هو دعم الهوية والقومية اليهودية والحقوق التاريخية لهم.
المسلم فى مأزق لأنه ليس قومية ولا أمة وأنما دين مختلط بالسياسة ليصنع أمة بطريقة قسرية مصطنعة غير متجانسة وغير متناسقة بل ومتنافرة، وفى نفس الوقت فشل أن يفعل كما فعل اليهود فى فصل الدين عن السياسة، ولا يتمتع بالسلام والإنسجام الذى يتمتع به المسيحى،حيث أن دينه يفصل هذا عن ذاك ويجعله متسقا ومنسجما مع علمانيته.
ولهذا تؤمن الأغلبية الكاسحة من المسلمين بأن الإسلام دين ودولة، وهؤلاء الذين يقتربون من العلمانية اما أنهم لا يمارسون إسلامهم أو فسروا النصوص الدينية بطريقة تجعلها تخرج عن سياقها ومسارها التاريخى أو خرجوا من الإسلام بالفعل.
تبقى مشكلة عند بعض المسلمين الذين يريدون الفصل بين الدين والدولة، هى أنهم يهاجمون كل الأديان حتى يقولوا كلنا فى الهم سواء... هذا خلط خطأ وغير صحيح بالمرة، لأن المسيحية ليست هى الإسلام، ولهذا فأن بعضهم يسقط ممارسات خاطئة لبعض المسيحيين على الدين كله ( مثلا فساد بابوية العصور الوسطى) رغم أنها اصلا كانت ضد تعاليم المسيحية، وكما قلت فأن الفرق واضح بين فساد الشخوص فى المسيحية وفساد النصوص فى الإسلام.
المسيحية علمانية بنصوصها وتعاليم مسيحها وسيرته، والإسلام يعادى العلمانية لأنه ولد لكى يقيم دولة ويكون الدين مجرد خادم ومنظر لهذه الدولة.
ولهذا اكرر كما قلت مرارا: الإسلام ليس دينا ودولة وأنما دولة ودين...والفرق شاسع
العلمانية هى الحل لمجتمعاتنا
- العلمانية هى الحل للتخلف والتطرف الدينى وخطاب الكراهية لأنها تعرى خطورته وخطورة من يقومون به.
- العلمانية هى الحل لتحجيم سلطة وسطوة وتجارة بعض رجال الدين.
- العلمانية هى الحل للديموقراطية، لأنه لا توجد ديموقراطية حقيقية بدون علمانية.
-العلمانية هى الحل لتنقية الإيمان من المنافقين وأصحاب الطقوس الجامدة المتخلفة التى لا تنعكس فى شكل قيم ومعاملات ورقى إنسانى.
-العلمانية هى الحل للوطنية، بل وأجازف بالقول أن العلمانية شرط أساسى للوطنية.
العلمانية هى الحل للمواطنة لأنها تبعد التأثير المدمر للنزاعات الدينية والعرقية واللغوية. المسأواة وتكافؤ الفرص
-العلمانية هى الحل للعقل الحر، بتخليصه من كل قيود الخرافات التى تكبل تفكيره.
-العلمانية هى الحل لحقوق المرأة لأنها تبعد التأثير الدينى المدمر على حقوقهن.
-العلمانية هى الحل للأقليات الدينية حيث أنها العلاج الأمثل للتمييز والإضطهاد الدينى.
-العلمانية هى الحل للبحث العلمى لأنها تبعده عن القيود المكبلة لحرية البحث العلمى.
-العلمانية هى الحل للإبداع والفنون لأنها تجعل سلطة العقل والموهبة والحرية فقط هى التى تقود الإبداع.
-العلمانية هى الحل للدولة لأنها تحولها من الدولة الحارسة للدين إلى الدولة الوطنية المحايدة تجاه الأديان.
-العلمانية هى الحل لمقاومة الدولة الدينية ، التى هى اسوأ أنواع الدول على مدى التاريخ.
-العلمانية هى الحل للحريات الدينية لأنها تسمح للفرد بممارسة حرية الأختيار وحرية الضمير والمعتقد.
-العلمانية هى الحل للإندماج الوطنى لأنها تبعد التأثيرات الدينية والعرقية واللغوية كعوامل للصراعات والإنشقاقات.
-العلمانية هى الحل لحقوق الإنسان، لأن على أرضيتها خرجت جميع مواثيق حقوق الإنسان الدولية.
العلمانية هى الحل لعلاقة الله بالإنسان لأنها تبعد المنافقين والمتاجرين بالأديان، وتجعل العلاقة الدينية اختيارية شخصية بناء على قناعات حقيقية.
About the Author
ذ. مجدي خليل:
كاتب ومؤلف ومحلل سياسي وناشط حقوقي، رئيس منتدى الشرق الأوسط للحريات. الأستاذ مجدي خليل شارك في العديد من البرامج على قناة الجزيرة، والعربية، والعالم، والبي بي سي، والحرة، ... كاتب صحفي في العديد من الجرائد العربية: الشرق الأوسط، الحياة، إيلاف، وطني، الدستور (المصرية)، الرأي العام (الكويتية)... ومواقع أخرى كثيرة. الأستاذ مجدي خليل ألف وشارك في تأليف حوالي عشرين كتاب من ضمنها: أقباط المهجر: دراسة حول شؤون الوطن والمواطنة، ازدراء الأديان في مصر، أقلية تحت الحصار....إلخ.