" رسالة إلى البابا.. لافتة الإنسانية قبل لافتة الكنيسة " .. - مقالات
أحدث المقالات

" رسالة إلى البابا.. لافتة الإنسانية قبل لافتة الكنيسة " ..

خالد منتصر

أحذر الكهنة من القسوة مع الفقراء، عبارة قالها البابا تواضروس عند زيارته كلية الصيدلة التى تخرّج فيها وأعلن عن أنه التحق بها نتيجة ما شاهده من معاناة والده مع مرض السرطان، وأشكره على تلك النصيحة العظيمة والرائعة، لكنى كنت آمل فى أن يوجه قداسة البابا النصيحة نفسها إلى الكهنة من مساعديه الذين عطلوا افتتاح مستشفى على أحدث مستوى عالمى نتيجة عنادهم وإصرارهم على وضع لافتة الكنيسة عليها ونقل الملكية إليهم!!، مستشفى بنى مزار الذى جمعت مؤسسة راعى مصر تبرعات من جميع أنحاء العالم وبمئات الملايين فى رحلة تعب وضنا استغرقت سنوات حتى وصل هذا الصرح الطبى إلى هذا المستوى الراقى، هذا العناد أوصلنا الآن إلى أن هذا المستشفى تم تسريح 80% من طاقمه الطبى والفنى وظل فقط من يضيئون المكان ويحرسون الأجهزة الخرساء والعيادات المشلولة، الأجهزة الطبية التى تكلفت الملايين يعلوها الصدأ، العيادات التى تعالج بالمجان مغلقة، المبانى تنعى من بناها، الجدران لا تُردد سوى صدى صوت أنّات المعذّبين وآهات ألمهم المزمن وعذابهم المقيم وغلبهم الذى صار كالوشم، قدرياً كمآسى الإغريق، ومما جعل طعم المأساة أكثر مرارة والجرح أعمق ألماً، أن من وظيفتهم الطبطبة على الروح ومسح الدمع وتخفيف الألم واحتضان المحتاج الملتاع، هم الذين يقفون سدّاً منيعاً أمام بناء ذلك المستشفى، والسؤال للبابا تواضروس الذى قال ترسيخاً للمواطنة عند احتراق كنائس المنيا جملته الرائعة وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن، سؤال بسيط ومشروع: هل لافتة الكنيسة أهم من لافتة الإنسانية؟، وهل الصراع على عقار مبنى ليمتلكه رجل دين أهم من منح عقار دواء لينقذ شعب رجل الدين؟!!، وكما تذكر البابا دموع والده مريض السرطان وهو يتألم براً بمن رباه وعلمه، عليه أن يتذكر أيضاً دموع الغلابة فى المنيا وهم يدقون أبواب المستشفى ولا يجدون إلا خواء صمت وأطلال خرابة وخرس لوعة براً وعطفاً على شعبه وأبنائه من الملتاعين الذين لا يجدون كسرة الخبز فما بالك بثمن العلاج!، أبواب تحلم بمن ينفخ فيها الروح ثانية ويعيد إليها نبض الحياة وبريق الأمل لا وجع الألم، قلبى موجوع وأنا أرى هذا المشروع وهو يُدفن حياً فى مقبرة العناد، ومتأكد من أنك تشاركنى نفس الوجع والهم، سبعة أدوار فى أفضل مكان فى مدينة بنى مزار بالمنيا (على بُعد نحو 250 كيلو من القاهرة ونحو 200 كيلو من أسيوط)، 220 سريراً، 16 عيادة، 3 غرف عمليات مجهزة على أحدث الأنظمة، علاج طبيعى، 21 حضانة أطفال، رعاية حرجة، رعاية حرجة للأطفال، غسيل كلوى، قسطرة القلب.. إلخ، كل هذا فى لحظة يصبح سراباً.. وهماً، ومن أجل ماذا؟، من أجل صراع على توقيع ملكية!، علمتم الناس أن السبت من أجل الإنسان، من أجل سعادته وخدمته وصحته ورفاهيته، وليس الإنسان فى خدمة السبت!، فلماذا نُصر الآن على كتم أنفاس هذا المشروع العملاق وجعل المريض يموت على عتبات السبت يستجدى من الكاهن قبلة الحياة وإمضاء الشفاء!، رجاء وطلب وأمل وفتح طاقة نور من البابا تواضروس، أرجوك فلتذهب لافتتاح مستشفى راعى مصر ببنى مزار اليوم قبل غداً، وسنذهب معك جميعاً مثقفين ومبدعين إلى المنيا التى احترقت كنائسها ولم تحترق عزيمة وإرادة أبنائها، لنثبت للعالم أننا كمجتمع مدنى، المسيحى مع المسلم، ليس لنا إلا علم واحد هو علم مصر، ونشيد قومى واحد هو بلادى مصر، ويد عطوفة واحدة هى يد الخير تمتد لكل مصرى وترتفع فوق الصغائر.

الأقباط اليوم

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث