قوبل خبر انضمام الناشطة الحقوقية والصحافية اليمنية توكل كرمان إلى مجلس الإشراف العالمي على محتوى منصتَي فيسبوك وانستغرام بردود أفعال رافضة ومستغربة لما تشتهر به من مواقف منحازة لأنظمة الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، ومناهِضة لأنظمة سياسية عربية عديدة.
وأعلنت شركة "فيسبوك"، في 6 أيار/مايو، أسماء 20 من 40 شخصاً سيمثلون أول هيئة مستقلة لمراقبة المحتوى عبر منصتيها الاجتماعيتين الواسعتي الانتشار، فيسبوك وإنستغرام، بتكلفة 130 مليون دولار أمريكي.
وتتمثل مهمات أعضاء المجلس الرقابي، وهم من أساتذة القانون والقادة السياسيين والناشطين الحقوقيين والصحافيين، في تحديد ما ينبغي حجبه وما يجب أن ينشر في ما يتعلق بالمواضيع الخلافية. وستكون قراراتهم ملزمة لفيسبوك "إذا لم تتجاوز القانون".
العربية الوحيدة
وأعربت كرمان، وهي العربية الوحيدة حتى الآن في مجلس الإشراف، عبر حساباتها، عن سعادتها بالانضمام للمجلس، لافتة إلى أن انضمامها يأتي "للمساعدة في حماية أصوات الناس والدفاع عن حرية التعبير".
وأوضحت: "فيسبوك منصة تحمي حقوق الناس في حرية التعبير وتفي بحاجتهم إلى التواصل الاجتماعي، علماً أن الأنظمة الاستبدادية ترغب في إيقافها لمنع مواطنيها من الحصول على أصواتهم الخاصة".
ولفتت إلى أنها "فخورة" بأن زملاءها في مجلس الإشراف على فيسبوك من خلفيات متنوعة دينياً ومهنياً وسياسياً، ويتحدثون أكثر من 27 لغة، وفي عدادهم أكاديمية إسرائيلية واحدة.
وأضافت كرمان أن المشاركين "من القيادات العالمية المشهورة بانحيازها للقيم الديمقراطية ودفاعها عن الحقوق والحريات، وفي مقدّمها حرية التعبير ومجتمع المعرفة والحق في الحصول على المعلومة وتداولها".
وتابعت: "سنعمل بكل استقلالية وشفافية للفصل في قضايا المحتوى في فيسبوك وإنستغرام واتخاذ قرارات ملزمة بشأن ما يُنشر وما الذي لا يُنشر فيهما، مع مراعاة حرية التعبير ومبادئ حقوق الإنسان، وسنكون عدسة ناقدة، وقراراتنا ملزمة للموقعين المعروفين بغض النظر عن مصالحهما الاقتصادية والسياسية".
ونبّهت: "ما أنشره من مواقف ووجهات نظر في صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي يعبّر عن وجهة نظري لا عن وجهة نظر فيسبوك وإنستغرام، ولذا لزم التنويه".
وكرمان أول امرأة عربية فازت بجائزة نوبل للسلام عام 2011، عقب اعتصامها في خيمة عدة أشهر خلال احتجاجات مؤيدة للديمقراطية أدت في النهاية إلى تنحي الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح. وعُدّت رمزاً للانتفاضة اليمنية وأطلق البعض عليها "المرأة الحديدية" و"أم الثورة".
جدل ومخاوف
نظراً لخلفيتها الأيدولوجية، وانتمائها السابق لحزب "الإصلاح اليمني"، فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، أعرب كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن دهشتهم لدى اختيار كرمان المعروفة بآرائها المنحازة وحظر كل من يخالفها الرأي.
وخشي آخرون أن تستغل دورها الرقابي لحجب أي محتوى يناهض الجماعة أو غلق حسابات تتبنى وجهة نظر معارضة لوجهة نظرها.
واستنكرت الناشطة اليمنية هيفاء مالك اختيار كرمان معتبرةً أن "إدارة فيسبوك تختار الإصلاحيين (نسبةً إلى حزب الإصلاح اليمني) وعناصر تنظيم الإخوان المسلمين لمراجعة منشورات القوم… أي أن دعم الإخوان المسلمين هو دعم عالمي من أجل نشر الكراهية وفوبيا الإسلام".
وأضافت: "شربنا الدين على يدي أفكار ومعتقدات الإخوان المسلمين فانتشر التخلف والكراهية وداعش والقاعدة والفقر والمرض والتحرش والمصائب بينما صفحات داعش وداحس لا تغلق".
وتوقّعت إغلاق الصفحات المعادية لفكر الإخوان المسلمين: "مبروك لنا إغلاق صفحاتنا كل مرة بأوامر قيادات الإخوان المسلمين. كل صفحاتي للسنوات الماضية كانت تغلق بسبب منشوراتي ضد حزب الأوساخ (الإصلاح). عرفتم الآن سبب إغلاق صفحاتكم؟".
وكتب كامل الخوداني، وهو صحافي يمني ورئيس مجلس إدارة مؤسسة "بناء حياة للتنمية والحقوق والحريات": "أول ما قرأت خبر اختيار توكل كرمان مشرف على محتوى فيسبوك، دخلت حسابي ورحت أصور وأنسخ مقالاتي ومنشوراتي لأنه سيكون ضمن أول قائمة حسابات بتقدم فيهن بلاغ لإغلاقها. اختيارها كارثة مسويّة حظر لنصف اليمنيين ولا تتقبل النقد أو الرأي وحاقدة وتعمل لمشروع معين".
وروت الإعلامية اليمنية في قناة "الغد المشرق" رندة محمد موقفاً جرى لها مع كرمان، قائلةً إن الأخيرة حذفت مقاطع فيديو خاصة بمقابلات لها من حسابها "لمجرد خلاف معها في الرأي"، متسائلة عن سبب اختيارها للعب دور كهذا في أهم موقعين اجتماعيين.
ودعا رئيس "مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية" غير الحكومي في اليمن خالد الشميري إدارة فيسبوك أولاً إلى الإطلاع على قائمة الحظر لحسابات كرمان، وتساءل: "إنسانة تقوم بحظر كل من يخالف رأي الإخوان تقريباً، كيف ستثق إدارة فيسبوك في نزاهتها ومراقبتها للمحتوى؟ كارثة".
وقال الطبيب المصري البارز هاني راجي: "فيسبوك عمل لجنة أخلاقيات عليا حط فيها مدام توكل كرمان للإشراف على البوستس (المنشورات) التي تخص منطقتنا. هذا معناه منح إشراف على فيسبوك مصر للإخوان مباشرةً! هي عدوة صريحة لأنظمة سياسية من مصر للسعودية والإمارات، إما أن يتم حذفها من اللجنة أو مصير فيسبوك الإغلاق!".
ودشّن الكثيرون وسم #NoTawakkolKarman، مطالبين عبره إدارة فيسبوك بإلغاء اختيار كرمان، واصفين إياها بالشخصية "غير المستقلة التي لا تقبل الرأي الآخر".
ومن أبرز آراء كرمان المدوّنة في حساباتها: "هناك قاتل واحد لجمال خاشقجي هو محمد بن سلمان"، و"عار على مصر أن يبقى السيسي رئيساً لساعة واحدة"، و"السعودية قنبلة موقوتة ستنفجر يوماً ما".
يُذكر أن كرمان ممنوعة من دخول مصر منذ آب/أغسطس عام 2013 لرفضها عزل الجيش المصري الرئيس الأسبق الراحل محمد مرسي ومحاولتها الانضمام إلى تظاهرات لأفراد جماعة الإخوان المسلمين في ميدان رابعة العدوية آنذاك.
في المقابل، أعرب معلقون يمنيون عن فخرهم بـ"الإنجاز الجديد لابنة ثورة 11 شباط/فبراير"، معتبرين منتقديها "ذباباً إلكترونياً".