وهل جاء " الربيع " في يناير أبدا؟ الإجابة بالقطع لا .. للاسباب التالية - مقالات
أحدث المقالات

وهل جاء " الربيع " في يناير أبدا؟ الإجابة بالقطع لا .. للاسباب التالية

وهل جاء

د. عصام عبد الله

أولا : الثورات في جنوب المتوسط تختلف عما حدث في أوروبا الشرقية منذ عام 1989، لأن هذه البلدان كانت مرتبطة بالنظام (السياسي – الاقتصادي) في الاتحاد السوفييتي، بينما الدول العربية ليست كذلك وإن شئت الدقة فهي " أنظمة محلية صرفة " لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالنظم السياسية والاقتصادية في العالم!.
ثانيا: أن ثورة 14 يناير في تونس، و25 يناير في مصر لم يكتب لكليهما النجاح سلميا إلا عن طريق تدخل الجيش وحمايته للثوار، وتلك نقطة جوهرية لا ينبغي أن تغيب عن الأذهان، لأن من حسم الأمر واستلم مقاليد الأمور علي الفور – عقب هروب زين العابدين وخلع مبارك – هو الجيش وليس الشعب.
ثالثا : أن نقاط القوة في ثورات جنوب المتوسط هي نفسها مكمن ضعفها، فالشعارات الليبرالية والديمقراطية التي رفعها الثوار، تقول كل شئ ولا تقول شيئا علي الاطلاق.
الثورة في مصر – بصفة خاصة - لا تمتلك أدوات سياسية ومعرفية لها معالم واضحة، الأهم من ذلك انها لا تمتلك أدوات طبقية محددة تعبر عن رؤية أو برنامج اقتصادي اجتماعي نقيض، وذلك لأسباب موضوعية تعود إلى طبيعة التطور الاقتصادي المشوه في مصر.
وأشير هنا إلي كتاب : "اسم الديمقراطية الطيب: صعود الشكل الحكومي الأكثر شهرة علي مستوي العالم والمخاطر المحيطة به"، ومؤلفه " مايكل مندلبوم " أستاذ السياسة الخارجية الأمريكية في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن، وأحد أهم الثقات في بيوت التفكير ومراكز الدراسات والأبحاث في العالم، بإعتباره " عين ثالثة " خارجية، من المهم أن نتعرف: كيف ترانا؟
مندلبوم طرح سؤالا «محددا»: هل يقود التحول السياسي في مصر إلي الديمقراطية في نهاية المطاف؟.. ويجيب، لا أحد يستطيع أن يجزم علي وجه اليقين، ولكن إذا استعرضنا احتمالات الديمقراطية في مصر قد نقترب من الاجابة الصحيحة، والخطوة الأولي تبدأ بتعريف الديمقراطية ذاتها، والتي تُعَد شكلاً هجيناً من الحكم، ودمجاً لتقليدين سياسيين مختلفين. الأول يتلخص في السيادة الشعبية، وحكم الشعب، وهو التقليد الذي يمارَس من خلال الانتخابات. والتقليد الثاني، وهو الأقدم والذي لا يقل أهمية، فهو تقليد الحرية.
والحرية عنده لها ثلاثة أشكال: الحرية السياسية، وتتمثل في الحقوق الفردية، مثل حرية التعبير وتأسيس الجمعيات وغيرها، والحريات الدينية، التي تعني حرية العبادة لكل أتباع الديانات والعقائد المختلفة؛ والحرية الاقتصادية، التي تتجسد في حق الملكية الخاصة.
ولأن الديمقراطية الحقيقية تعني ممارسة العملية الانتخابية في " حرية "، فإن مصر - كما يقول مندلبوم - تواجه تحديا خطيرا هو أن الجماعة الأكثر تنظيما في مصر هم الأخوان المسلمون، الذين يرفضون حرية الأديان والحقوق الفردية، خاصة حقوق المرأة والأقباط. 
وبالنسبة للحرية الاقتصادية فإن مصر في وضع غير موات. ذلك أن اقتصادها عبارة عن شكل من أشكال " رأسمالية المحسوبية "، حيث يعتمد النجاح الاقتصادي علي مدي قوة العلاقات السياسية - العسكرية التي يتمتع بها المرء، وليس علي منافسة السوق الحرة القائمة علي الجدارة والتي تنشأ الحرية في كنفها... وتلك معضلة كبري.

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*