تهديد الحاضر الأمريكي - مقالات
أحدث المقالات

تهديد الحاضر الأمريكي

تهديد الحاضر الأمريكي

أوري غولدبرغ

لقد اضطرت الولايات المتحدة في الاسبوع الماضي مواجهة عدد من العمليات. وركزت وسائل الإعلام والرأي العام على الأحداث في ولاية نيويورك ونيوجرسي ـ حيث وقعت العمليات التي ذكرت الأمريكيين بما نسوه. فجأة تحول الإرهاب إلى شيء معروف أكثر يشبه «الأيام المزدهرة» للحرب الكونية ضد الإرهاب، حيث عادت الاقوال حول الخلايا الإرهابية والعلاقات الدولية إلى مركز النقاش. دونالد ترامب وبصفته مرشحا جمهوريا للرئاسة قام باصدار تصريحات حاسمة حول ضرورة «الانتصار على الإرهاب». وحاولت هيلاري كلينتون ألا تظهر كمهزومة وهي ترد على تصريحاته. لقد أصبح العدو واضحا، وطرق العمل أصبحت واضحة، والخلاصة ايضا قاطعة. نحن ملزمون بالانتصار.
لكن العمل الإرهابي الاكثر أهمية لم يحدث حسب رأيي في نيويورك، بل في المقاطعة الصغيرة سانت كلاود في ولاية منسوتا حيث قام شاب من اصل صومالي بطعن ثمانية اشخاص في المجمع التجاري المحلي، وكان يصرخ «الله أكبر». وبعد بضع ساعات من العملية أعلن «داعش» مسؤوليته عنها واعتبر الشاب «أحد جنود التنظيم». وهذه الحادثة لم تحظ بالاهتمام في إسرائيل وفي الولايات المتحدة ايضا. ولم يحظ بالتغطية الواسعة بسبب الاحداث الدراماتيكية في الشاطيء الشرقي. ومع ذلك، العملية في منسوتا تعكس تهديد أكبر على الولايات المتحدة مما حدث في نيويورك.
شواطيء الولايات المتحدة، الغربية أو الشرقية، مملوءة بالمهاجرين من جميع أنحاء العالم. ويوجد على الشواطئ كون كامل معه تطرف بأشكال متعددة ـ من مجتمعات السلام والحب وحتى الإرهابيين الغاضبين الذين ينتظرون فرصتهم. القلب الأمريكي، الغرب المتوسط، هو مكان آخر، يتفاخر الأمريكيون هناك بالاستقرار والتواصل والالتزام الجماهيري والولاء للقيم الأمريكية «الحقيقية». إن ما يحدث في منسوتا، على العكس من نيويورك في الشاطيء الشرقي، يعكس الحاضر الأمريكي بشكل أعمق.
ومن اجل التمييز بين نوعين من التهديد لأمريكا: الاول هو التهديد الامني، يمكن وصفه ببساطة بأنه تهديد يسببه الاشخاص السيئون الذين يريدون القيام بافعال سيئة. هذا التهديد الإرهابي موجود في الولايات المتحدة منذ ثلاثين سنة أو أكثر. القانون الأمريكي يدركه وهو يتخذ الاجراءات الكبيرة لإفشاله. هؤلاء سيئون كما يفترض أن يكون السيئون، يأتون من الخارج منظمين في خلايا، ويوجد تسلسل قيادي واتصال مُشفر يمكنه التنصت عليه. وهم يريدون ايضا قتل أكبر عدد من الأمريكيين وإلحاق الضرر بالأماكن العامة. القاعدة هي التجسيد لهذا التهديد.
التهديد الثاني هو تهديد وجودي يتعلق بالحياة التقليدية الأمريكية. بعد عمليات 11 ايلول/سبتمبر توجه الرئيس بوش للأمريكيين وحثهم على الخروج إلى المحلات واستمرار الشراء من اجل موسم الاعياد المقترب. الاستهلاك هو أحد التقاليد الأمريكية الاكثر قداسة، وكان يفترض أن يُظهر للإرهابيين أن أمريكا ستنتصر عليهم. إن «داعش» يسعى باستمرار إلى ضعضعة هذا الشعور بالأمن، الذي هو أساس الـ «دي.ان.ايه» الأمريكي. واذا شعر المواطنون الجيدون في سانت كلاود أنهم غير آمنين في المجمع التجاري المحلي، فإن «داعش» قد حقق هدفه بدون العبوات وبدون الخلايا وبدون التفجيرات.
الفوضى والاتصالات في نيويورك تخفي حقيقة أن «داعش» كفكرة تعيش في هواء وماء الولايات المتحدة. لا يمكن وقف ذلك مثلما تم وقف القاعدة (هذا إذا تم وقفها أصلا) من خلال هجوم الطائرات بدون طيار والاعمال في العمق. جنود «داعش» احيانا يكونون جنودا بأثر رجعي، حيث إنهم أولا ينفذون وبعد ذلك تتم معرفة انتمائهم للتنظيم. اولئك الجنود هم جزء لا يتجزأ من الولايات المتحدة، بالضبط مثلما هم جزء لا يتجزأ من فرنسا، المانيا أو بلجيكا. لذلك لا يمكن عزلهم أو استئصالهم. واذا لم يُجر الرئيس المنتخب نقاشا حقيقيا عميقا مع مواطنيه المسلمين، فمن المتوقع أنه تنتظره ولاية مليئة بالاحداث التي تشبه احداث منسوتا.

إسرائيل اليوم 21/9/2016

نقلا عن القدس العربى

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*