رقعة النقاش تتسع حول "اعتراف الدولة" بالمسيحيين المغاربة - مقالات
أحدث المقالات

رقعة النقاش تتسع حول "اعتراف الدولة" بالمسيحيين المغاربة

رقعة النقاش تتسع حول

هسبريس - محمد الراجي

منذ أسابيع يشهد "ملفُّ" المسيحيين المغاربة تطوّرات متلاحقة؛ فبعد التصريح الذي أدلى به الملك محمد السادس لوسائل إعلامية ملغاشية، وقال فيه إنه أميرُ المؤمنين بجميع دياناتهم، استُقبل ممثلون عن تنسيقية المسيحيين المغاربة من طرف الأمين العامّ للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وبعد ذلك وجهوا مذكرة بمطالبهم الرئيسية إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.

قبل أزيد، احتضنتْ أكاديمية المملكة المغربية بالرباط يوما دراسيا حول موضوع "مؤمنون ومواطنون في عالم متغيّر"، ضمَّ رجالَ دينٍ مسيحيين ومغاربة، منهم أحمد عبادي، رئيس الرابطة المحمدية للعلماء. ومن بين النقط الرئيسية التي تضمّنها البيان الختامي، "ضمانُ استمرارية الحوار بين المسيحيين والمسلمين، سواء تعلق هذا الحوار بالحياة اليومية أو بالحوار المؤسساتي بين رجال الدين والمثقفين".

اتّساع رقعة النقاش الدائر حول "ملفّ" المسيحيين في المغرب، يرى فيه الباحث في الشأن الديني إدريس الكنبوري مؤشرا في اتجاه الاعتراف بالمسيحيين المغاربة، وتمكينهم من حقوقهم التي يُطالبون بها، مشيرا إلى أنَّ هذا التوجه بَدَا واضحا منذ مؤتمر مراكش المُنظم العام الماضي حول حقوق الأقليات، وخرج بقرارات هامَّة؛ "لأنه لا يمكن للمغرب أن يحتضن مؤتمرا مهما من هذا النوع تصدر عنه قرارات باحترام الأقليات الدينية ثم يستمر في عدم الاعتراف بالمسيحيين المغاربة، وهم أقلية بالمناسبة"، يقول الكنبوري.

وتتمثل أهمُّ مطالبِ المسيحيين المغاربة، بحسب الرسالة التي وجهوها إلى رئيس الحكومة وإلى الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في ضمان حقهم في إقامة الطقوس المسيحية بالكنائس الرسمية، والزواج الكنائسي أو المدني، والدفن بالطريقة المسيحية، وتضمين المقررات الدراسية موادا تشير إلى وجود أقليات غير مسلمة في المغرب.

وينصّ الدستور المغربي في الفصل الخامس على أنَّ الإسلام دين الدولة، وأنّ الدولة تضمن لكلّ واحد مُمارسة شؤونه الدينية، لكنْ لا يُسمحُ للمغاربة المعتنقين الديانة المسيحية بممارسة طقوسهم بشكل علني.

إدريس الكنبوري يشيرُ إلى مُعطى آخر يرى أنّه مؤشر على قُرب "اعتراف" الدولة المغربية بالمسيحيين المغاربة، والاستجابة لمطالبهم الرئيسية، يتعلّق بتراجُع المجلس العلمي الأعلى عن رأيٍ فقهي سابق حول قتل المرتد، وأكد، قبل أسابيع قليلة، على المَعْنى السياسي للردة لا المعنى الديني، مُضيفا أنّ المجلس يعني بفتواه الجديدة "أن الشخص من حقه أن يعتنق أي دين يريد، لكن بشرط احترام الثوابت السياسية للبلاد، وهذا هو الأصل في الإسلام".

وأضاف الكنبوري أنَّ المغرب يقدم نفسه كبلد للتسامح الديني، ويعمل على نشر هذه الصورة في إفريقيا وفي أوروبا، مبرزا أنّ جزء من الأفارقة مسيحيون؛ "ولذلك فإن النموذج الذي يعمل على تسويقه يظل ناقصا إذا لم يبد نوعا من التساهل مع المسيحيين المغاربة".

ويرى المتحدث ذاته أنَّ الاعتراف بمطالب المسيحيين لنْ يضر بالسياسة الدينية للمملكة، "بل على العكس من ذلك سيقوم بتعزيزها أكثر؛ لأن "الموقف السلبي من حرية الاعتقاد هو الذي أدى إلى مشاكل التطرف والتشدد الديني، وهو ينطلق من عدم الاعتراف بالآخر، ونحن نلاحظ أن الأمر لا يتعلق فقط بالآخر المسيحي بل أيضا بالآخر المسلم المخالف للاعتقادات التي يؤمن بها الطرف الأول"، مضيفا: "لذلك أعتقد أنه لا بد من تصحيح هذه الرؤية".

هيسبريس

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث