د.إلهام مانع
الفرج يأتي فجأة!
قالها لي الصديق.
وفرحة زغردت في صدري، طفرت من حيث لا أدري، تهمس بأمل تَحلمُ به أسرته منذ سنين:
“لعل الفرج يأتي لرائف بدوي في أي لحظة، اليوم قبل الغد.”
لعل.
التقيت بالصديق البحريني والناشط الحقوقي حسين جواد وزوجته أسماء في بيرن قبل عدة أسابيع.
كانا في زيارة إلى جنيف، وعرجا على بيرن للقائي.
اعرفهما منذ عام 2015 .
وتحديداً عندما كانت زوجته أسماء تشن حملة لإطلاق سراحه بعد أن اعُتقل في البحرين وتَعرض إلى التعذيب فيها.
خرج من البحرين بعد إطلاق سراحه وواصل نشاطه الحقوقي السلمي اللاطائفي.
سألني عن أحوال رائف بدوي.
ثم طلب مني ان اوصل رسالة إليه من خلال أسرته:“الفرجُ يأتي بَغتة.”
هذا ماقاله له.
في أحلك أوقات الظلام يأتي بصيص من نور يتحول إلى فجر يولد معه الإنسان من جديد.
وهذا ما حدث له.
بعد شهور مريرة في السجن ذهب إلى المحكمة وهو مقتنع أن القاضي سُيصدر حكما عليه بخمسة وعشرين عاماً. كانت هذه توقعات المتابعين لقضيته.. لكن القاضي أمر بإخلاء سبيله.
فتنفس الصعداء حامداً.
هل يحق لنا أن نأمل؟
خمس سنوات اكملها رائف بدوي في السجن.
خمس سنوات!
لماذا؟
لأنه عبر عن رأي اعتبره شيوخٌ إسلاميين متنفذين تشكيكاً في نفوذهم وسَطوتهم؟
معظم ما طالب به رائف بدوي بدأ تطبيق بعضه فعلاً وينادي به الكثيرون والكثيرات في السعودية اليوم.
كل مقالات رائف بدوي كانت تنشر في صحف السعودية الكبرى.
وما كتبه، ردده غيره أيضاً.
طالب بتقييد سلطة هيئة الأمر بالمعروف.
طالب بإنهاء نظام ولاية الأمر على المرأة.
طالب بمشاركتها السياسية، بقيادتها السيارة.
طالب بالمزيد من الترفيه،
والمزيد من الحريات الشخصية.
واحترام حرية التعبير والدين.
ثم انتقد تجاوزات الشيوخ المتنفذين.
كل هذا يقال اليوم في السعودية.
لكن رائف لازال يقبع في السجن.
يدفع ثمناً باهضاً من حريته.
خمس سنوات. بعيدا عن زوجته. بعيداً عن أطفاله الثلاثة.
خمس سنوات تكفي.
تكفي.
لعل الفرج يأتي بَغتة..
لعل الخير ينتصر فعلاً،
ويُرد لهذا الفارس النبيل اعتباره،
كي يمارس دوره كمثقف في وطنه.
ولعل هناك من يسمعنا،
ويستجيب.
الحوار المتمدن