معاناة الأقباط - مقالات
أحدث المقالات

معاناة الأقباط

معاناة الأقباط

عمرو الشوبكي

لايزال بعضنا يتعامل مع قضية «استهداف الإرهاب لمصر» وكأنها في معركة مع استهداف الإرهاب للأقباط، في حين أن الواقع يقول إن الأقباط استهدفوا أكثر من غيرهم بخطاب تحريضي متطرف، وأيضا تعرضوا بالأرقام لعدد أكبر من العمليات الإرهابية مقارنة بباقي الفئات المدنية الأخرى في المجتمع.

ولن يغير من صورة استهداف الأقباط أن الإرهابيين استهدفوا مسجدا في قرية الروضة وخلّفوا 310 شهيدا، وهو أعلى رقم من الشهداء في تاريخ العمليات الإرهابية في مصر، مع ملاحظة أن داعش لم يعلن مسؤوليته عن هذا الحادث، على عكس ما يفعل بالنسبة للأقباط، وأن من الراجح أن من قاموا بهذه العملية عناصر إرهابية شاردة جاءت من خارج الحدود.

الصورة الكلية تقول إن هذا إرهاب استهدف مسلمين مثلما هناك إرهاب يستهدف المسيحيين، وهو صحيح، لكن تفاصيل الصورة تقول إن هناك استهدافا أكبر للمسيحيين وعلينا ألا نتجاهله، وكأن الإقرار به يسىء لباقي المسلمين أو يُعرض الدولة للخطر، في حين أن العكس هو الصحيح، فالغوص في التفاصيل ومعرفة الأسباب المركبة للعنف والإرهاب وكيف يرى المسيحيون هذا الإرهاب ووقعه عليهم هو بداية النجاح فى مواجهته.

إن المدخل الصحيح لمواجهة الإرهاب هو في معرفة أسباب معاناة الأقباط، لأنهم لأول مرة أصبحوا مستهدفين من فريقين: الأول استهداف سياسى يأخذ قشرة دينية تقوم بها التنظيمات المتطرفة التى تروج (بدون أي رد ( رواية تحريض زائفة لتبرير استهداف المسيحيين بالقول إنهم جماعة سلطة وإحدى أذرع النظام الحاكم السياسية، وتتعامل معهم باعتبارهم فئة سياسية واقتصادية باغية قبل أن يكونوا طائفة دينية يرون اضطهادها.

أما الجانب الثاني فهو التعصب المجتمعي الذى تركناه ينمو، خاصة في قرى مصر والمناطق الأكثر فقرا وجهلا، نتيجة غياب دولة القانون وعدم قيام الدولة بواجباتها الثقافية والتعليمية في مواجهة بيئة التعصب المجتمعي والطائفية.

إن خطورة ما جرى في المنيا أنها أصبحت ساحة للفريقين: أولهما اعتداءات تنظيمات العنف والإرهاب التي استهدفت أكثر من مرة زوار أديرة أبرياء، وخلفت حوالى 50 شهيدا، والثاني اعتداء التعصب المجتمعي الذى كانت المنيا ساحته أيضا بسبب استياء متعصبين مسلمين من وجود مسيحيين يصلون فى بيوتهم، فكانت الاعتداءات على البشر والحجر.

علينا أن نبدأ بفتح جراح التعصب المجتمعي، لأنه لن يؤثر فيه كثيرا تجديد الخطاب الديني ونشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة، لأن هؤلاء المتعصبين فى غالبيتهم الساحقة لم يتفقهوا دينيا ولو فى الاتجاه الخاطئ، وكثير منهم لم يحفظوا آيتين من القرآن الكريم، فهم نتاج الجهل والبلطجة والغوغائية، ومواجهتهم ستكون بإرادة سياسية في تطبيق القانون بردع المعتدين، والتوقف عن إعطاء جرعات يومية تروج للبذاءة والبلطجة، ثم نحاسب البعض على أنه نفذ عمليا جانبا من الرداءة التى شاهدها.

المصرى اليوم

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث