يوسف جاد:
يدّعي المسلمون ان الكتاب المقدس محرّف بعهديه القديم والجديد، وهذا إدعاء باطل لعدم وجود الادلة، ولهذا يُمكن اعتبار تهمة التحريف نظرية لم تُثبت بعد! فهم لا يعرفون من حرّفه ولا يعلمون متى تم تحريفه ولا يملكون نص التوراة ولا انجيل عيسى المنزّل غير المحرّف بحسب ادعائهم لنقارنه بالكتاب المقدس الحالي! لهذا يُعتبر ادعاءهم باطلا وليس اكثر من نظرية اسلامية في محاولة لاثبات صدق الآيات القرانية المناقضة لتعاليم الكتاب المقدس.
والسؤال المحيّر، كيف لم يحافظ الله على التوراة بعد ان كرّم نبيّه موسى واتى لمقابلته شخصيا؟
ولكي اوضح السؤال وابسطه، ساعطيكم هذا المثال عن الملك الذي قام بالاتصال مع رجل اسمه ”سعيد“ وهو احد افراد عشائر مملكته وقابله بشكل شخصي واوصاه بان يوصل رسالته للشعب ليوضّح لهم القوانين الجديدة في المملكة، وبعد سنوات طويلة اراد الملك ان يوصل رسالة اخرى، فقال لخادمه الامين اذهب الى رجل يدعى ”مصطفى“ واخبره برسالتي لكي يوصلها الى الشعب.
فمن برأيكم اعطى الملك كرامة أكثر؟ لسعيد الذي اتصل به وتقابل معه شخصيا ام لمصطفى الذي اكتفى بارسال خادمه لتوصيل رسالته له؟ طبعا اعطى لسعيد كرامة أفضل.
وهذا ما حصل فعلا مع نبي الله موسى، حيث تقابل الله معه شخصيا وأعطاه الشريعة على جبل سيناء، وقد شاهد الشعب الدخان صاعدا وارتجف كل الجبل (1) ورأوا السحاب على الجبل وكان مجد الرب كنار آكلة دليلا على حضور الله القدوس (2)، ولهذا يُدعى موسى كليم الله الى يومنا هذا.
من جهة أخرى يقول المسلمون ان الله أرسل خادمه الملاك جبريل الى محمد وانزل عليه آيات القران، وقيل أن محمد حينما كان ينزل عليه الوحي كان أحيانا يصيبه عرق شديد حتى في الليلة الباردة، وتغشاه السكينة ويطرق رأسه الى الارض ويثقل وزنه، ويسمع صوت ازيز بجوار اذنه وبعدها يعود لطبيعته ويخبر بما جاءه(3)، ولكن لم يشهد أحد برؤية جبريل أو سماع صوته اثناء الوحي غير محمد.
والسؤال، بعد أن قام الله بتكريم موسى بزيارة شخصية، واعطائه الشريعة بيده، الا يستطيع ان يحافظ على كلمته من التحريف؟ بينما التي ارسلها مع خادمه بحسب القصة الاسلامية استطاع الله ان يحفظها؟ دعوة للتفكير…
ومن هنا نرى التناقض وعجز اله المسلمين على حفظ الله لكلمته التي انزلها شخصيا الى شعبه، بوجود شهود رأوا عظمته على الجبل، ومن جهة أخرى حافظ على القران الذي ارسله مع خادمه، الذي جمعه عثمان بن عفان بعد ان احرق المصاحف الاخرى، وبعد تنقيط المصحف الحالي وتشكيله على ايدي المسلمين لاحقا!
لمن لا يعرف معنى التنقيط، هو ان الحروف العربية القديمة في زمن بدء الاسلام كانت حروفا غير منقطة، فحرف الـ ”نـ“ وحرف ”بـ“ وحرف ”تـ“ وحرف ”ثـ“ وحرف ”يـ“ تكتب بالشكل نفسه، لانها من دون تنقيط وكانت تفهم من صياغ الجملة، مثال على تنقيط الحروف واختلاف معانيها:
هذا الكباب لا زيت فيه
هذا الكتاب لا ريب فيه
ومن هنا ندعو المسلم للتفكير والمقارنة بين ظهور الله لموسى والتكلم معه بشكل شخصي وبين ارسال خادمه الامين جبريل لملاقاة محمد بحسب روايات القران والاحاديث، اين التكريم لله في عدم استطاعته الحفاظ على شريعته التي اوصلها بيده شخصيا من التحريف؟ .