خالد منتصر
وصلتنى هذه الرسالة من فنان الكاريكاتير الموهوب فيليب فكرى؛ تعليقاً على محاولة بعض المشايخ تصدير الاستسهال والتباسط مع كلمة كافر للرأى العام حتى يستقبلها بصدر رحب عند وصف المسيحيين، يقول فيليب:
لم أعلم السبب الحقيقى فى لهاث عدة برامج لاستضافة الشيخ عبدالله رشدى فور مذبحة أحد الشعانين، فى لقاءات مطولة بصفته المتحدث الرسمى لمشيخة الأزهر، كما لو أن الجراح غير كافية وفى حاجة إلى مزيد من الزيت علها تزداد لهيباً.
خرج علينا فضيلة الشيخ ربما لسبب واحد، وهو أن يؤكد ويزيد تأكيداً أن المسيحى كافر، وتوضيحه المكرر، أن المسيحى لا يؤمن برسول الإسلام، إذن فهو كافر به.. كما أن المسلم لا يؤمن بالصليب، فهو إذن كافر بالنسبة للمسيحى.. وفى رده على مداخلة خالد منتصر الذى استنكر أقواله، مندهشاً من التوقيت، كما وضح أن استقبال العامة لكلمة كافر هو التحقير والإهانة وربما القتل كما ورد فى بعض كتب التراث، فكان رد ممثل الأزهر أن المعنى الفعلى للكلمة هو (الإنكار(.. جزاك الله خيراً يا فضيلة الشيخ.
ومن حقى كـ(كافر) -كما يُصر على تسميتى ممثل الأزهر- أن أختصمه أمام الله العلى القدير كأحد المساهمين والداعين لقتلى وأقرانى بدم بارد، مع ابتسامة سمحة وبعض أكلاشيهات.. أخى فى الوطن، والوحدة والوطنية، .... ، وذلك للأسباب التالية.
أولاً.. تفضل الشيخ عبدالله وادعى علىّ (كمسيحى) ما لم أتفوه به.. أننى أرى المسلم كافراً، وهذا غير صحيح ويعد افتراءً منه لسبب وحيد.. باستطاعة الشيخ أن يبحث فى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد (وهو مرجعيتى الوحيدة) على كلمة (كافر)، أو (كفر). لتجد أن 66 سفراً، بـ1189 إصحاحاً، لم ترد فيهم هذه الكلمة (توجد كلمة يُكَفِّر، أى يتوب.. يُكَفِّر عن خطاياه، أو كفارة بمعنى تضحية)، وبالتالى فهذا التعبير ليس فى منهج المسيحية وليس من بين مفرداته، ولا يعنينا بالأساس، وأقسم بالله أننى لم أسمعه قط من مسيحى أو رجل دين مسيحى على مسلم، وحتى فى حال أن مسيحى ترك دينه يقال أنكر المسيح.. فلا يعنينى توصيف غيرى بقدر ما يعنينى خلاص نفسى.. هذا منهج المسيحية.. فأنا لا أرى المسلم كافراً إطلاقاً.. كل ما فى الأمر أنه يخالفنى فى الديانة وهو أمر نراه طبيعياً وله تقديره.. إذن الشيخ عبدالله يدعى بغير ما يعلم.
ثانياً.. ما الهدف من التنقل بين القنوات لإضافة التوصيف المحبب لممثل الأزهر، فى هذا التوقيت بالذات؟ وما الهدف أصلاً من التوصيف؟.. هل المسيحيون فى حاجة إلى زيادة تعريف فقرر فضيلة الشيخ إضافة توصيف يوضح المعنى؟!.. بمعنى: هل نحن عندما نتحدث عن أهل النوبة مثلاً، نوصّفهم بأنهم ذوو البشرة السمراء، أو أنهم عددهم كذا، وصفاتهم كذا...؟.. هل نبحث عن وصف آخر يكمل تسميتهم؟.. ألا يكفى وصفى كمسيحى وفقط؟.. لماذا الإضافة؟.. وما جدواها؟.. هل يود الشيخ عبدالله استخدام المصطلح المحبب إلى قلبه، فتتداول الأخبار هكذا على سبيل المثال.. قام أحد الجهاديين بعملية انتحارية أسفر عنها مقتل عدد 60 قتيلاً من الإخوة المسيحيين الكفرة؟.. هذا ما تريد يا فضيلة الشيخ؟.. لماذا تصول وتجول سعياً للإضافة؟.. هل مسيحى وفقط تزعجك؟
ثالثاً.. استدل ممثل الأزهر فى تبرئته لنفسه بأن كلمة (كافر) ليس بها ما يشين، وأن معناها اللغوى (الإنكار)، ببراءة يحسد عليها، وكأننا نسير حاملين قاموس (عبمجيد الصحاح) لاستبيان اللفظ فور نطقه، ناسياً أو متناسياً ما يسمى (دلالة اللفظ) وهو الدكتور الأزهرى العالِم، بمعنى أن هناك مصطلحات يشيع استخدامها بغير معناها اللغوى ويتداولها الناس، والأمثلة كثيرة، ومنها اللفظ المفضل للدكتور عبدالله (كافر)، فإن كان معناه لغوياً (مُنكِر).. فدلالته عند الناس استناداً إلى بعض كتب التراث والثقافة العامة بالتحقير وإلإهانة، وإن قيل فى غير محله يُعد سُبة يعاقب عليها القانون، فلا أعتقد أن يعاقب القانون مَن وصف آخر بأنه (ناكر أو مُنكِر)، كما أن دلالته لبعض الجماعات السلفية والجهادية (المهدور دمه(، كما وصفنا زعيم حزب النور السلفى (د.ياسر برهامى) بأننا أقلية كافرة ومجرمة.
كلمات ممثل الأزهر المقترنة بالابتسامة ووداعة الحديث، تزيد من الفجوة بين الأزهر والمواطنة، كما أنها لا تقل فى إيذائها عن القنابل المُعَدة لاستقبالنا فى كنائسنا.. فاض الكيل.
وأخيراً.. الفتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها.