تقرير: تطور تهديد السلفية الجهادية - مقالات
أحدث المقالات

تقرير: تطور تهديد السلفية الجهادية

تقرير: تطور تهديد السلفية الجهادية

تقى النجار:

 

دفع انهيار “الدولة الإسلامية” (داعش) في سوريا والعراق إلى وجود حاجة ملحة لتقييم الوضع الراهن والمسار المستقبلي لجماعات السلفية الجهادية، ولا سيما مع تأكيد وثائق استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الأخيرة على نجاح الولايات المتحدة في هزيمة تنظيم “داعش”، وانتقال التركيز من مكافحة الإرهاب إلى إدارة المنافسة الأمنية والاقتصادية مع دول، مثل: الصين، وروسيا، وإيران، وكوريا الشمالية.
وفي هذا السياق، أصدر “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” CSIS) اشنطن)، في نوفمبر 2018، تقريرًا مهمًّا بعنوان: “تطور التهديد السلفي الجهادي: التحديات الحالية والمستقبلية التي يفرضها تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة والمجموعات الأخرى”. ويتناول التقرير خريطة تنظيمات السلفية الجهادية، وتطورها، ومستقبل هذه التنظيمات. ونعرض فيما يلي أهم ما جاء بأقسام التقرير.

أولًا: الاتجاهات الرئيسية في المشهد السلفي الجهادي

أشار التقرير إلى الاتجاهات الرئيسية السائدة في المشهد السلفي الجهادي، حيث أكد استمرار التهديد الذي تمثله جماعات السلفية الجهادية، نتيجة استمرار وجود مجموعات كبيرة منها، والتزامها بممارسة العنف في جميع أنحاء العالم. وأشار التقرير إلى ثلاثة مؤشرات أساسية في هذا الإطار.

المؤشر الأول- عدد مجموعات السلفية الجهادية: ويشير التقرير إلى أن عدد هذه المجموعات بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2016، حيث وصل آنذاك إلى 67 مجموعة، ثم انخفض بشكل طفيف في عام 2017 إلى 65 مجموعة، ثم ارتفع مرة أخرى في عام 2018 إلى 67 مجموعة، وهو العدد الأكبر لهذه المجموعات منذ عام 1980. كذلك كان هناك ما يقرب من 44 مجموعة أخرى غير داعش والقاعدة وفروعهما المباشرة في 2018. ويوضح الشكل التالي تطور عدد مجموعات السلفية الجهادية في العالم خلال الفترة (1980- 2016.(

تطور عدد مجموعات السلفية الجهادية في العالم خلال الفترة (1980- 2018(

المؤشر الثاني- عدد المقاتلين: ويشير التقرير هنا إلى انخفاض عدد المقاتلين السلفيين الجهاديين في عام 2018 إلى حدٍّ ما. وقد أرجع التقرير هذا الانخفاض إلى غياب ساحات قتال جديدة، والحملات الأمريكية الناجحة لمكافحة الإرهاب ضد السلفية الجهادية في دول مثل سوريا وأفغانستان وباكستان والعراق. ومع ذلك، تظل أعداد المقاتلين التي قد تصل إلى 230 ألف مقاتل مرتفعة. ويتركز أكبر عدد من هؤلاء المقاتلين في سوريا (43650-70550 مقاتلًا)، أفغانستان (27000-64060)، باكستان (17900-39540)، والعراق (10000-15000)، ونيجيريا (3450-6900(

شكل رقم (2(

المؤشر الثالث- النطاق الجغرافي والعنف: ويشير التقرير إلى أن مقاتلي السلفية الجهادية يتوزعون على عدد من الأقاليم، حيث يأتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (حوالي 60 ألف مقاتل) ووسط وجنوب آسيا (105 آلاف مقاتل تقريبًا) في مقدمة هذه الأقاليم، بالإضافة إلى مناطق أخرى مثل الباسيفيك لكنها تضم أعدادًا أقل. وفيما يتعلق بمستوى العنف المستخدم، يشير التقرير إلى توسع هذه المجموعات في استخدام العنف بشكل مفرط في سوريا والعراق، وفي بلدان أخرى مثل اليمن وشبه الجزيرة العربية (بواسطة القاعدة بالأساس)، وفي غرب إفريقيا (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وبوكو حرام، وداعش)، وفي أفغانستان (طالبان) وفي الصومال (حركة الشباب).

ثانيًا: خريطة التنظيمات السلفية الجهادية والمجموعات الحليفة

تتوزع خريطة التنظيمات السلفية الجهادية على مستوى العالم بين أربع مجموعات، هي: “داعش” والولايات التابعة لها، و”القاعدة” وفروعها والمجموعات الحليفة، والشبكات والأفراد الموالية (المتأثرون بالجماعات السلفية الجهادية سواء من الأفراد أو الشبكات.(

 -1الدولة الإسلامية وولاياتها
رغم فقدان تنظيم “داعش” لكل الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا، إلا أن الهدف الرئيسي للتنظيم لا يزال هو إقامة “خلافة” تمتد من الشرق الأوسط إلى إفريقيا وأوروبا وآسيا. وقد تميز التنظيم بعدد من الخصائص، سمحت له بالبقاء والاستمرار، رغم فقدان معاقله الرئيسية. ويأتي في مقدمة هذه الخصائص لا مركزية الهيكل التنظيمي الإداري والمالي الخاص بالتنظيم، بالإضافة إلى تدشين “داعش” لخلافة افتراضية عبر الدول للتواصل بواسطة وسائل التواصل الاجتماعية والاتصالات المشفرة. وأخيرًا تغير تكتيكات التنظيم من الحروب التقليدية إلى حروب العصابات.

وقد حصر التقرير الولايات الأساسية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية فيما يلي:
أ- “الدولة الإسلامية” في ليبيا: والتي بدأ ظهورها في عام 2014. ويقود التنظيم “عبدالقادر النجد”، لكنه تعرض لانتكاسات إقليمية كبيرة بعد عام 2016، ترتّب عليها تراجعه في الشمال الليبي. ويسعى التنظيم حاليًّا إلى تعزيز نفوذه في الصحراء الليبية الجنوبية والوسطى. وبالنظر إلى فرص صعود التنظيم، تمثل الأوضاع الأمنية الليبية فرصة محتملة لعودة ظهور “الدولة الإسلامية” في ليبيا، خاصه مع استمرار تدفق المقاتلين من سوريا والعراق.
ب- “الدولة الإسلامية” في سيناء: قاد الفرع في سيناء “محمد العيسوي” المعروف بأبي أسامة المصري (قُتل في منتصف عام 2018). وينشط التنظيم في شمال سيناء. وقد شهد التنظيم تراجعًا على مدار العامين الماضيين، وذلك لعدد من الأسباب حددها التقرير في: تآكل تحالفات التنظيم مع القبائل المحلية، والاقتتال الداخلي بين أعضائه، والعمليات العسكرية المصرية في سيناء.
ج- “الدولة الإسلامية” في منطقة خراسان: تشكلت “الدولة الإسلامية” في خراسان من أعضاء سابقين في حركة طالبان الأفغانية والباكستانية. وتعمل المجموعة بشكل رئيسي على طول الحدود بين أفغانستان وباكستان. ورغم الضغط العسكري على التنظيم من قبل القوات الأمريكية والأفغانية، إلا أنها تواصل شن هجماتها داخل المنطقة.
د- “الدولة الإسلامية” في غرب إفريقيا: يقود تنظيم “الدولة الإسلامية” في غرب إفريقيا “أبو مصعب البرناوي”، ويطلق على التنظيم أيضًا “فصيل البرناوي”. ويتزعم “أبو بكر محمد شكوى” فصيلًا منشقًّا آخر يُطلق عليه “فصيل الشكوى”. وتعهدت بوكو حرام بالولاء “للدولة الإسلامية” في مارس 2015، وغيرت اسمها إلى “الدولة الإسلامية” في غرب إفريقيا. وتعد “الدولة الإسلامية” في غرب إفريقيا مسئولة عن أكثر من 400 هجوم خلال الفترة من مارس 2015 (شهر المبايعة) حتى نهاية ذلك العام، إلا أنها فقدت جزءًا كبيرًا من سيطرتها بعد بدء العمليات العسكرية النيجيرية والحليفة في عام 2016.
ه- “الدولة الإسلامية” في الصحراء الكبرى: ويتزعمها عدنان أبو وليد الصحراوي”. وبالرغم من فقدان التنظيم السيطرة على الأراضي في الصحراء الكبرى، إلا أنه لا يزال يحتفظ بالقدرة على الحركة في المنطقة الحدودية في مالي والنيجر وبوركينافاسو. ويركز التنظيم على استهداف الجنود الفرنسيين، وقوات الأمن النيجيرية، وقوات الأمن في بوركينافاسو.

شكل رقم (3(

-2القاعدة والفروع التابعة لها
تتمركز قيادات القاعدة بالأساس في باكستان وأفغانستان، بالإضافة إلى وجود بعض القيادات في إيران. وما زال قادة “القاعدة” يسعون إلى إقامة “الخلافة الإسلامية”. كذلك يهدف التنظيم إلى إسقاط الحكومات في الشرق الأوسط (العدو القريب) ومكافحة الولايات المتحدة وحلفائها (العدو البعيد). وتتسم “القاعدة” بعدد من السمات التي سمحت لها بالبقاء والاستمرار رغم استهداف الولايات المتحدة وحلفائها لها، أبرزها تجنب “القاعدة” محاربة الكثير من الأعداء على عكس “الدولة الإسلامية”، وتركز عنف “القاعدة” في الوقت الحاضر على الأنظمة المحلية، رغم استمرار اعتقاد قادة التنظيم بأن الولايات المتحدة هي العدو الرئيسي.
وقد حدد التقرير الفروع التابعة لتنظيم القاعدة فيما يلي:

أ- “جبهة النصرة” / “هيئة تحرير الشام”: يقود التنظيم محمد الجولاني”. وقد صنفت وزارة الخارجية الأمريكية “هيئة تحرير الشامبأنها أحد التنظيمات التابعة لتنظيم “القاعدة”، رغم وجود جدل حول طبيعة هذه العلاقة. وتتمركز “هيئة تحرير الشام” في محافظة إدلب، بالإضافة إلى حلب وحماة ودرعا ودمشق.
ب- “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”: وتنشط في مالي. ويعلن التنظيم أن عدوه الأساسي هو الرئيسي الفرنسي. ورغم أن التنظيم يتمركز بالأساس في مالي، لكنه يقوم أيضًا بعمليات في النيجر وبوركينافاسو.
ج- تنظيم “القاعدة” في بلاد المغرب الإسلامي: ويقوده “أبو مصعب عبدالودود”. وعمد التنظيم إلى استهداف الشرطة والعسكريين والمدنيين في الجزائر. كما قام بتنفيذ عمليات في تونس ومالي والنيجر وساحل العاج. كما عمل التنظيم على شن هجمات ضد الشركات متعددة الجنسيات. ويشكل التنظيم خطرًا مستقبليًّا على بلاد المغرب الإسلامي من خلال كتيبتها “عقبة بن نافع” في تونس وأتباعها في الجزائر.
د- القاعدة في شبه الجزيرة الهندية: ويقوده “عاصم عمر”. ويظل الهدف الرئيسي للتنظيم “تعزيز إمارة أفغانستان الإسلامية، والدفاع عنها، وتحقيق الاستقرار فيها”.
ه- تنظيم “القاعدة” في جزيرة العرب: ويقوده “قاسم الريمي”. ويتركز مسرح عمليات التنظيم الرئيسي حاليًّا في جنوب اليمن وجنوبه الشرقي، ويسعى إلى استهدف الأجهزة الأمنية اليمنية، والحوثيين، وقوات الأمن المدعومة من السعودية والإمارات. ويتوقع التقرير أن يواجه التنظيم تحديات كبيرة خلال الفترة القادمة، إذ يعاني التنظيم من نقص في القدرات، ونقص في الموارد، غير أن غياب الدولة في اليمن والحرب الأهلية تمثل عوامل مساعدة لاستمرار احتفاظ التنظيم بنفوذه.
و- حركة الشباب: ويقودها أحمد عمر”، وتتمركز في وسط وجنوب الصومال، بجانب شمال الصومال وفي بعض الدول المجاورة مثل كينيا. وركزت هجمات الحركة على استهداف القوات المحلية، وبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال. ويمثل غياب حكومة قوية وفعالة في الصومال عاملًا مشجعًا لاستمرار الحركة.

شكل (4(

-3المجموعات الحليفة
هناك جماعات لم تعلن الولاء الرسمي لأي من تنظيم “القاعدة” أو تنظيم “داعش”؛ فقد تكون ملتزمة بأفكار السلفية الجهادية أو لديها أيديولوجيات متوافقة مع “القاعدة” أو “الدولة الإسلامية”، لكنها تحرص على أن تبقى مستقلة تسعى لتحقيق أهدافها الخاصة، لكنها قد تعمل أيضًا مع “الدولة الإسلامية” أو تنظيم “القاعدة” عندما تتلاقى مصالحها معها. ومن بين هذه المجموعات:
أ- حركة “أحرار الشام” / “الجبهة الوطنية للتحرير: ويرأس الحركة “جابر علي بشار”، وهي واحدة من أكبر وأقوى المجموعات السورية. وتتبنى “أحرار الشام” أجندة سلفية جهادية. وتحالفت مع “حركة نور الدين الزنكي” في عام 2018 تحت اسم “جبهة التحرير السورية”، قبل أن تندمج في أغسطس 2018 مع “جبهة التحرير الوطني” و”جيش الأحرار” و”صقور الشام”.
ب- “طالبان” أفغانستان: وتأسست في عام 1994. وبعد عامين من تأسيسها، نجحت في السيطرة على كابول. وبمرور الوقت، أقام العديد من قادة الحركة علاقات وثيقة مع “أسامة بن لادنوأعضاء آخرين في “القاعدة”. وسمحت الحركة لتنظيم “القاعدة” بإنشاء معسكرات تدريب في أفغانستان. وعقب أحداث سبتمبر 2001، أطاحت الولايات المتحدة بـنظام طالبان في نهاية عام 2001 عندما رفضت الجماعة تسليم “أسامة بن لادنومرتكبي هجمات 11 سبتمبر. ومنذ ذلك الحين، تشن حركة “طالبان” تمردًا ضد الحكومة الأفغانية المدعومة من قبل الولايات المتحدة. وتهدف طالبان إلى طرد الولايات المتحدة والقوات الأجنبية الأخرى من أفغانستان، والإطاحة بالحكومة الأفغانية التي تعتبرها حكومة “غير شرعية”، وإعادة تأسيس “إمارة إسلامية” في أفغانستان. وقد سعت الحركة للسيطرة على المناطق الريفية في أفغانستان. واحتفظت بعلاقة مع فرع “القاعدة” الرئيسي، وفرع “القاعدة” في شبه القارة الهندية.
ج- حركة “طالبان” باكستان: وتُعد بمثابة مظلة توحدت تحتها مجموعات “إسلامية” متشددة مختلفة منذ نشأتها في ديسمبر 2007. وقد طورت “طالبان” باكستان روابط مع “القاعدة”، وبدأت في تبني أهدافها وتكتيكاتها لتنفيذ عملياتها. وقد تعرضت الحركة للتراجع في عام 2018 عقب مقتل زعيمها الملا فضل الله، وما تبعه من حدوث انشقاقات داخلية بين أعضائها.
د- “عسكر طيبة”: وتأسست في الثمانينيات في باكستان، وتهدف إلى تحرير كشمير المسيطر عليها من قبل الهند. وبعد 11 سبتمبر 2001، فرضت “عسكر طيبة” حضورًا عالميًّا أكثر قوة ركز على جمع الأموال في الخارج، والقيام بعمليات في بعض الأحيان.
4-
الشبكات المستلهمة والأفراد
تتمثل المجموعة الرابعة في الشبكات غير الرسمية والأفراد الذين تحركهم أيديولوجيا “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”، لكنهم ليسوا منظمين كمجموعات حقيقية، وليست لديهم بنية تنظيمية واضحة. ويعد التواصل بينهم وبين تنظيم القاعدة” أو “الدولة الإسلامية” قليلًا أو معدومًا، لكنهم يتأثرون كثيرًا بالسلفية الجهادية، ويجمعهم الغضب من الاضطهاد الملحوظ للمسلمين في أفغانستان وسوريا والعراق ودول أخرى.

ثالثًا: تطورات واستنتاجات

بعد استعراض الاتجاهات الرئيسية للمشهد السلفي الجهادي، مرورًا بتناول خريطة تمدد الجماعات السلفية الجهادية، خلص التقرير إلى عدد من التطورات والاستنتاجات، حصرها فيما يلي:
-1
توظيف التنظيمات للتكنولوجيا، على خلفية ما توفره التكنولوجيا من فرصة للسلفيين الجهاديين ولمنظمات إرهابية أخرى لتحسين قدراتها في مجالات رئيسية، مثل: الطائرات بدون طيار، وخدمات وسائل التواصل الاجتماعي، والذكاء الاصطناعي، والاتصالات المشفرة، والعملات الافتراضية، وشبكات الإنترنت المظلمة، والقدرات الهجومية عبر الإنترنت، وأسلحة الدمار الشامل. هذا البعد من شأنه أن يدفع الجماعات الجهادية لاستغلال هذه المنصات والأنظمة المتطورة في الدعاية، وجمع الأموال، وتجنيد أعضاء جدد، وإجراء حملات التضليل، وتخطيط وتنظيم الهجمات.
-2
استمرار التهديد الإرهابي، فقد ظل عدد المقاتلين من السلفيين الجهاديين في العالم في 2018 من أعلى التقديرات منذ عام 1981. وبالإضافة إلى ذلك، هناك عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب من أوروبا وإفريقيا وآسيا وأمريكا الشمالية في سوريا والعراق. لذا يحتاج صانعو السياسة إلى فهمٍ أعمق للعوامل التي سمحت لهذه الجماعات بتثبيت موطئ قدم لها، وضرورة تركيز الجهود الأمريكية على معالجة بواعث التطرف على نحو أفضل.
-3
استمرار العوامل المؤثرة، فهناك مجموعة من العوامل يمكن أن تؤثر في خطر الجماعات السلفية الجهادية، يأتي في مقدمتها وجود حكومات هشة ذات مؤسسات حكم ضعيفة تُشكل ملاذًا للجماعات الإرهابية، واستمرار المظالم الطائفية والاقتصادية التي تم توظيفها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى اضطهاد الحكومات الغربية للمسلمين والذي يمثل حافزًا لنشاط الجماعات السلفية الجهادية.
-4
من شأن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في إفريقيا وجنوب آسيا والشرق الأوسط أن تتيح فرصًا لصعود الجماعات السلفية الجهادية، خاصة مع تحول تركيز الولايات المتحدة من مكافحة الإرهاب إلى المنافسة الاستراتيجية مع القوى الكبرى كالصين وروسيا. كذلك قد يُسهم الانسحاب الأمريكي من ساحات القتال السلفية الجهادية في عودة ظهور الجماعات السلفية الجهادية.

في ضوء العرض السابق، يلاحظ أولًا وجود منافسة كبيرة بين مجموعات السلفية الجهادية وداخلها، بما في ذلك الدولة “الإسلامية” و”القاعدة”. ويلاحظ ثانيًا أن هناك انتقالًا للمقاتلين بين هذه المجموعات. ويلاحظ ثالثًا أن “القاعدة” وأفرعها تظل أقوى من “الدولة الإسلامية” في اليمن والصومال وأجزاء من غرب إفريقيا.
ويلاحظ رابعًا أن التقرير أغفل بعض التنظيمات، مثل تنظيم “حراس الدين” الذي تأسس في أواخر فبراير عام 2018 في شمال غربي سوريا. ومع بداية تأسيسه كان فصيلًا جهاديًا ضمن “هيئة تحرير الشام”، لكن بعد أن أعلنت “هيئة تحرير الشام” فك ارتباطها بتنظيم “القاعدةأعلن الفصيل انفصاله عنها بسبب ولاء الأخير لتنظيم القاعدة. كذلك أغفل شبكة حقاني” التي تأسست في الثمانينيات في أفغانستان، وبرزت إلى واجهة الأحداث بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، وتتبنى التوجه السلفي الجهادي، وتربطها علاقة تحالف مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية.

وبالرغم من سعى التقرير إلى رصد توصيف الحركة السلفية الجهادية، وملامح تطوراتها، ومعالمها المستقبلية؛ إلا أنه لم يلقِ الضوء على أبرز التكتيكات التي توظفها تلك المجموعات، خاصة مع اتساع نطاق استخدام تكتيك الإرهاب الانتحاري.

المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*