من تاريخ التعذيب في الإسلام: هذه 7 أنواع من التعذيب كان الهدف منها غير سياسي! 3/5 - مقالات
أحدث المقالات

من تاريخ التعذيب في الإسلام: هذه 7 أنواع من التعذيب كان الهدف منها غير سياسي! 3/5

من تاريخ التعذيب في الإسلام: هذه 7 أنواع من التعذيب كان الهدف منها غير سياسي! 3/5

دانية الزعيمي:

 

بعدما تابعنا في الجزأين الأول والثاني، فضائع الأمويين وسيرة العباسيين فيما يتعلق بالتعذيب السياسي، في هذا الجزء الثالث، نتابع نماذج أخرى طالها التعذيب لغايات غير سياسية.

لم يقترن التعذيب في بدايات التاريخ الإسلامي بالسياسة وحسب. تذكر المصادر وجود حالات تعذيب استهدفت غير السياسي أيضا، وإن ظلت ممارسات معزولة حتى نهاية الأمويين.

هذه النزعة، يذكر المفكر العراقي هادي العلوي في كتابه “فصول من تاريخ الإسلام السياسي، تفاقمت مع تفاقم التعذيب السياسي على يد العباسيين الأوائل، لتنتهي إلى نشوء التعذيب غير السياسي كاتجاه سائد.

لنقتفي ذلك، سنعتمد التقسيم الذي أورده هادي العلوي، بينما سنطعم ذلك بمصادر أخرى، نذكرها في حينه.

التعذيب للاعتراف

يَهُمّ هذا النوع من التعذيب نزع اعترافات من المتهم في قضايا عادلة كالقتل أو السرقة.

وإذ ذكره أبو يوسف في كتاب الخراج، تشكى منه بمرارة، مما يدل وفق العلوي على انتشاره في الحقبة العباسية الأولى.

نظرا لعدم مساس هذه الجرائم بأمن الدولة والمصالح المباشرة للطبقة الحاكمة، فإن الأساليب التي استخدمت لتعذيب الضالعين فيها، لم تكن خارقة للعادة كالتي استعملت في التعذيب السياسي.

من أسباب ذلك أيضا، تميز القضاة المختصين بالنظر في هذه الجرائم، بشيء من الاستقلالية عن الدولة، ما لم يتعرضوا لضغوط سياسية أو يخضعوا لاعتبارات شخصية معينة.

التعذيب للجباية

يهم هذا النوع من التعذيب من يُستحصل منهم الخراج أو الجزية من الفلاحين وأهل الذمة.

رواية عن هشام بن حكيم بن حزيم تشير إلى ظهور هذه الممارسة أيام الصحابة، ذلك أن هشام كان صحابيا، لكن دون تعيين ما إذا كانت قد حصلت في زمن خليفة راشد أو أموي.

أيا يكن، فالتعذيب للجباية تفاقم على يد الأمويين بتأثير قوة الداعي إليه؛ أي الحصول على المال، بعدما شاع الامتناع عن الدفع، نتيجة سياسة الإفقار التي اتبعها الأمويون ضد مجمل السكان.

كثير من الوقائع في هذا الصدد تعود إلى زمن الحجاج. بعض الروايات ربطت بين شدة بطشه وتزايد حصيلة الخراج في أيامه.

وقد أمر عمر بن عبد العزيز عند استخلافه بالنهي عن كل صنوف التعذيب ولأي غرض، بيد أن الموت عاجله بعد ثلاث سنوات، فعادت الأمور إلى ما كانت عليه.

يذكر اليعقوبي في تاريخه أن الفضيل بن عياض (أحد أعلام السنة)، رأى أناسا يعذبون في الخراج، فاستند إلى حديث نبوي في النهي عن التعذيب، وتقول الرواية إن الرشيد، وكان خليفة يومها، أمر برفع العذاب عن الناس تلك السنة؛ لكن الأمر تعلق بتعذيب الجباية دون غيره.

نشير هنا إلى أن تعذيب الجباية هَمّ أيضا عمال الخراج الذي يتهمون بالاختلاس.

التعذيب على سبيل العقوبة

رغم أنها عقوبات منصوص على بعضها في الشريعة، إلا أن اسم التعذيب يصح عليها، لأنها تؤلم المحكوم، سواء كانت خفيفة نسبيا كالجلد، أو شديدة كالرجم أو قطع الأوصال.

فالعقوبة الاعتيادية تاريخيا هي السَّجن، الذي تفرض القوانين الحديثة عدم اقترانه بإيلام السجين إلا في ما عوقب عليه بالأشغال الشاقة.

التعذيب في هذا الصدد يشمل أيضا القصاص؛ أي الإعدام بقطع الرأس في القتل العمد، بل ويتجاوز هذا الحد في القصاص السياسي، كما حدث مع تعذيب عبد الرحمن بن ملجم، قاتل علي بن أبي طالب.

تعذيب المقابلة بالمثل

يَرِد هذا النوع من التعذيب عن النبي محمد في حادث العرنيين الشهير. استولى يومها هؤلاء على إبله وقتلوا راعيها النوبي، فقطعوا يديه ورجليه وغرزوا الشوك في عينيه ولسانه حتى مات.

أرسل النبي، كما يذكر ابن عبد البر في “الاستيعاب في معرفة الأصحاب”، في طلبهم فأدركوهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل (فقأ) أعينهم وألقاهم في الشمس حتى ماتوا.

يقول العلوي، إن هذا الشكل من العقوبة في القصاص تقره الشريعة، وهو مبدأ مستمد عبر التوراة من قانون حمورابي  )العين بالعين والسن بالسن).

غير أن بعض الفقهاء، يقول إن المُثلة في هذا الحادث، كانت قبل تحريمها، ذلك أن النبي لاحقا، “نهى عن المثلة ولو بالكلب العقور”… هذا الحديث، بالمناسبة، ينسب ذكره إلى علي بن أبي طالب ويوصف إسناده بالضعيف.

تعذيب الهاربين من الجيش

منذ أيام “الفتوحات” الأولى، طال التعذيب من يهربون من الجيش في أيام الخلفاء الراشدين، كانت عقوبتهم التعزير، ويكون عادة بجلدات محدودة العدد، ويتم بإقامة الهارب حاسرا في مكان عام للتشهير به.

ويذكر العلوي أن مصعب بن الزبير، وكان أميرا على العراق، أضاف إلى نزع العمامة حلق الرأس واللحية.

ابن الأثير، من جهته، يورد رواية يذكر فيها أن بشر بن مروان (شقيق عبد الملك)، حين كان واليا على العراق، فرض التعذيب الجسدي على الهاربين كذلك، فكان الهارب يرفع عن الأرض ويسمر في يديه على حائط ويترك لشأنه، فإن بقي معلقا مات، وإن خرقت المسامير كفيه ربما سلم.

تعذيب الخليفة!

يصدر التعذيب عادة من الدولة، فيما يكون ضحاياه من عامة الناس. لكن، لدينا استثناء مهم هنا، كان ضحايا التعذيب فيه هم الحكام أنفسهم.

ظهر ذلك حين تغلب العسكريون على الخلفاء العباسيين بعد المتوكل، إذ برزت طريقة سمل الأعين لإرغام الخليفة غير المرغوب فيه على التنازل.

كان ذلك يتم في هجوم مباغت على الخليفة، يدبره المتغلب ضده، حيث يتم فقء عينيه أو إحداهما. أما الهدف من ذلك، كما قلنا، فهو حرمان الخليفة من أحد شروط الاستخلاف؛ أي سلامة الجسد، ومن ثم يستبدل بغيره.

من أسباب اللجوء إلى سمل الأعين، عدم قدرة المتغلبين على خلع الخليفة دون مبرر شرعي، لأنه سيقاومهم وسيظهرهم للناس مستهترين، كما يذكر العلوي في كتابه “فصول من تاريخ الإسلام السياسي”.

التعذيب تعسفا في حق الرعية

إضافة إلى ما سبق، من بين أنواع التعذيب، التي يوردها الباحث عباس عروة في كتابه “قراءة في تاريخ التعذيب”، التعذيب تعسفا في حق الرعية.

يستند في ذلك إلى الباحث العراقي عبود الشالجي، الذي يذكر في “موسوعة العذاب”، عددا من الأمثلة في هذا الصدد.

من بينها مثلا أن القاهر لما استخلف، عذّب امرأة أبيه كما تابعنا في الجزء السابق، وأن عبيد الله بن زياد لما بنى داره بالبصرة مر بها رجل فتلا آية: “وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون” (الشعراء، الآية 26)، فكان أن أحضره وأمر بأن يبنى عليه ركن من أركان القصر.

في الجزء الرابع نتابع… تفاصيل أكثر وسائل التعذيب شيوعا في صدر الإسلام!

ماريانا

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*