انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على التنظيمات الجهادية - مقالات
أحدث المقالات

انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على التنظيمات الجهادية

انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على التنظيمات الجهادية

حسين القاضي:

 

هناك عدة دوافع تؤدى إلى تمدد التنظيمات والتيارات المتطرفة والإرهابية، وتظل المنطلقات الفكرية الدينية الجذر والأساس والمنبع الذي تنطلق منه التنظيمات الحركية المتطرفة، أياً ما كانت درجة تطرفها، وهناك عوامل عديدة تمهد للشخص سهولة انجذابه للقناعات الفكرية والدينية، ومن أهم هذه العوامل المظالم الاجتماعية، وضعف الحدود وهشاشة الوضع الأمني والتصحر والصراعات الداخلية، كما هو حادث في مالي وكينيا والصومال وعدد من الدول الأفريقية، واستشراء الفساد السياسي والمالي.

وتأتى الحروب وما يترتب عليها من آثار اقتصادية وأمنية على رأس العوامل التى تصب فى صالح التنظيمات الإرهابية، لا سيما مع قدرة الجماعات الجهادية وغير الجهادية على توظيف الأزمات لصالحها، مستغلة تضارب مصالح الدول الكبرى، ومن خلال الحروب تضعف الدول عن مراقبة حدودها، وتنشغل أجهزة الأمن والاستخبارات بالحروب، فيتأخر الاهتمام بمكافحة التطرف والإرهاب.

الحرب الروسية الأوكرانية كان لها أثر كبير على تمدد التنظيمات المسلحة، فنلاحظ أن «داعش» انتهزت الحرب فقامت بهجوم فى سوريا هو الأكبر من نوعه خلال الشهور الأخيرة، مستغلة عدم وجود غارات للطائرات الروسية فوق الأراضى السورية، كما أن شركة «فاغنر» الروسية الموجودة فى أفريقيا بدأت فى التوجه للقتال فى أوكرانيا، ما يعزز احتمالية عودة النشاط الإرهابى فى سوريا.

وعلى أثر هذه الحرب، فتحت أوكرانيا أبوابها للمقاتلين الأجانب أو ما يسمون «المرتزقة» للقتال إلى جانب الجيش الأوكرانى، وهو ما رفضته ألمانيا حين قالت إن السفر إلى منطقة الصراع بشكل غير قانونى يُزيد من سفر المتطرفين ومكوثهم هناك، وهذا ما يثير تساؤلات حول مستقبل الإرهاب بشأن القبلة أو الوجهة للمقاتلين الأجانب بعد أن تضع الحرب أوزارها، فهل يذهبون إلى طالبان أو ينضمون إلى داعش فى سوريا أو العراق أو أوروبا؟ سؤال يشغل الباحثين.

وفى الشيشان تحاول «داعش» جذب مقاتلين شيشان وروس إلى أوكرانيا، انتقاماً من روسيا، خاصة مع ارتفاع عدد الذين انضموا لـ«داعش» من روسيا، حيث وصلوا إلى حوالى 2400 شخص، وهذا يتوافق مع زعم الاستخبارات الروسية التى تقول إن أمريكا تجمع دواعش سوريا لإرسالهم إلى أوكرانيا، وتجددت التحذيرات من تحول أوكرانيا إلى ملاذ آمن للنشاط الإرهابى.

فى أفريقيا أحدثت الحرب فراغاً أمنياً كبيراً، فبعد انسحاب فرنسا وانشغال روسيا بالحرب، وانسحاب «فاجنر» للقتال ضد أوكرانيا (لدى فاجنر مكاتب فى 23 دولة أفريقية)، تصاعدت حدة العمليات الإرهابية فى مالى والصومال، فوصل الإرهابيون فى مالى إلى موقع القيادة، وقامت حركة الشباب المجاهدين التى تنتمى للقاعدة بعمليات إرهابية متنوعة، بل تمددت إلى الحدود الإثيوبية.

وألقت الحرب بظلالها على التنافس فى أفريقيا، ففى الوقت الذى عقدت فيه الصين مؤتمراً للسلام وواصلت ضخ المزيد من الاستثمارات، ووعدت بإسقاط ديون بعض الدول الأفريقية، جاءت جولات للخارجية الأمريكية والروسية والرئيس الفرنسى، وهو ما يعكس الاستقطاب للدول الأفريقية فى منطقة الساحل والقرن الأفريقى وخليج غينيا وتعزيز النفوذ فى أفريقيا للتهيئة لتداعيات الحرب، ومستقبل المواد النفطية، وكذا الموقف فى آسيا، وهو ما يلقى بظلاله على الجماعات الإرهابية هناك.

كل ذلك فى ظل تراجع النظام الأممى الدولى، وانشغال أمريكا بمسألة صعود روسيا والصين أكثر من الإرهاب، وضعف قدرة المجتمع الدولى على التنسيق فى ظل اهتمام الغرب بالترتيبات الأمنية الجديدة، وسوف يكون هناك متسع لمقالات أخرى حول هذا الموضوع إن شاء الله.

الوطن السعودية

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث