إيلاف من دبي:
بعد عام على قتل الولايات المتحدة قائد فيلق القدس قاسم سليماني بطائرة مسيّرة استهدفت موكبه عند أطراف مطار بغداد في بداية العام الماضي، لا يزال أثر هذه الضربة عميقًا في نسيج ميليشياته.
فقد ألحق غيابه نكسة كبيرة بإيران والميليشيات التي تدور في فلكها سواء في العراق وسوريا ولبنان واليمن، نظراً لأهمية الدور الذي كان يلعبه في التنسيق مع هذه التنظيمات، خصوصاً أن علاقات وثيقة كانت تربطه مع قادتها، بحسب تقرير نشره موقع "العربية.نت".
في كتابه بعنوان "قائد الظل: سليماني، الولايات المتحدة وطموح إيران العالمي" The Shadow Commander Soleimani, the US, and Iran’s Global Ambitions، فصل الكاتب والباحث من أصول إيرانية آراش عزيزي سيرة "الحجي" كما يُلقّبه أنصاره ومراحل مسيرته العسكرية في الشرق الأوسط الممتدة من كرمان – مسقط رأسه في إيران مروراً بأفغانستان ووصولاً الى الجنوب اللبناني.
غياب مؤثر
في مقابلة مع "العربية.نت"، أوضح عزيزي أن بقاء سليماني في الظل لسنوات ساعده على "التنقّل بسلاسة" بين دول المنطقة متجنّباً بذلك صدور حظر بالتنقّل من جانب الأمم المتحدة، لكن في العقد الأخير من حياته، خرج من دائرة الظل وبرز اسمه وصورته كقائد.
كما أشار إلى "أن غياب سليماني أثّر كثيراً على عمل الميليشيات الإيرانية في المنطقة. فهو كان لديه القدرة الذاتية على التنسيق فيما بينهم وهو ما لم يعد موجوداً بعد غيابه. فعلى سبيل المثال، طلب سليماني شخصياً ذات مرة من حسن نصر الله، زعيم حزب الله أن يمنحه العشرات من القادة الميدانيين الذين يمكنه اصطحابهم إلى العراق للقتال. المسألة ليست مرتبطة بـ "نوع" الطلب الذي يمكن تقديمه وتنفيذه وإنما بمستوى الارتباط الشخصي الذي كان لدى سليماني مع قادة الميليشيات في دول مختلفة".
ومنذ مقتل سليماني برز بشكل واضح التغيير في سياسة طهران، التي اعتمدت في السابق نهج فرض الإرادة الأكثر صرامة الذي كان يتبعه سليماني، والذي لم يتمكن خليفته إسماعيل قاآني من اتقانه بسبب "افتقاره إلى الكاريزما والعلاقات الشخصية التي كان يتمتع بهما سلفه" كما أوضح عزيزي.
شل القدرة المالية
ولفت إلى "أن لا أحد يستطيع لعب دور سليماني. والحرس الثوري الإيراني الذي قرر تعيين قاآني قائداً لفيلق القدس، يعلم أنه لن يكون بنفس جرأته. فهو أقل رتبةً منه، وأشبه بمدير مكتب مقارنةً بسليماني الذي كان غالبا على الأرض وفي الميدان".
إلى ذلك، اعتبر عزيزي "أن النفوذ الإيراني في المنطقة تعرّض لضربة إثر مقتل سليماني، مع العلم أن هذا النفوذ لم يكن قائماً على رجل واحد".
ولعل الأكثر أهميةً من مقتل سليماني برأي عزيزي "شلّ قدرة إيران المالية على مدّ ميليشياتها بالدعم المادي بسبب العقوبات المفروضة عليها، بالإضافة الى ظهور تحرّكات جماهيرية في كل من العراق ولبنان ضد النفوذ الإيراني".
ورداً على سؤال عمّا إذا كان زعيم ميليشيا حزب الله، حسن نصرالله يستطيع لعب دور سليماني، قال عزيزي "هذا ما كان يأمله الكثيرون على ما يبدو، لكنه لا يقدر لعب دوره لسبب بسيط أن إدارة حزب الله تحتاج لعمل كبير وجهد فلا يمكنك أن تكون قائداً غير متفرغ لفيلق القدس أو قائداً غير متفرّغ لحزب الله. لا يمكن أن يحدث هذا إلا إذا تخلّى نصر الله عن قيادة حزب الله وهو ما لا أعتقد أنه ممكن نظراً لوجود العديد من الاختلافات في التنظيم وسيخسرها لمصلحة الفصيل المنافس".
غضب وكراهية
وعن حزب الله في الداخل اللبناني، قال عزيزي "لا يزال صلبا فهو أقوى الأحزاب في لبنان سواء على صعيد التسلح أو السياسة، وله نفوذ ليس فقط بين الشيعة، لكنه نسج تحالفات مع الأحزاب السنّية والمسيحية، وتحالفه الوثيق مع "التيار الوطني الحر"، حزب الرئيس اللبناني ميشال عون مكّنه من السيطرة على الدولة اللبنانية إلى حد ما".
في المقابل، أشار الى "أن الحزب يواجه الكثير من الغضب والكراهية في الشارع اللبناني، وإذا نجحت حركة تفكيك النظام الطائفي في البلاد، فلا شك أن قوته ستضعف أكثر من أي وقت مضى".
أما بالنسبة للميليشيات العراقية فالأمور مختلفة وفق عزيزي، لأنهم ليسوا موحّدين فيما بينهم والعديد منهم بدأوا يبتعدون عن إيران ويصبحون قوات عراقية أكثر استقلالية. كما أنهم يواجهون تصميم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على تأكيد سيادة العراق وتحييد سيطرتهم على الدولة العراقية. والانتخابات في يونيو المقبل ستكون ذات أهمية حاسمة في تحديد مستقبل العراق".