مكافحة الإرهاب .. دول الشرق الأوسط و أسرائيل، شراكة جديدة - مقالات
أحدث المقالات

مكافحة الإرهاب .. دول الشرق الأوسط و أسرائيل، شراكة جديدة

مكافحة الإرهاب .. دول الشرق الأوسط  و أسرائيل، شراكة جديدة

جاسم محمد ـ باحث في الأمن الدولي و الإستخبارات

 

كشفت موجات الإرهاب الأخيرة، التي ضربت أوروبا والعالم، ان الإرهاب لا يعرف حدوداُ، وإن الجماعات المتطرفة فعلا نجحت بكسر الحدود الجغرافية بين تنظيماتها ، لذا فإن سياسات مكافحة الإرهاب تدعو الدول إلى إيجاد تعاون أمني اقليمي دولي.  وهنا يجدر الإشارة الى ان دول أوروبا، نجحت في عقد شراكات أمنية، جلبت للمنطقة الكثير من الأمن والإستقرار والإستثمارات الأقتصادية.

أصبحت الإمارات الدولة العربية بعد يوم 13 أغسطس 2020 الثالثة التي تطبع العلاقات مع إسرائيل بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 ومعاهدة مماثلة مع الأردن عام 1994،. وهي الدولة الأولى بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تفعل ذلك وسط توقعات على نطاق واسع بأن تحذو حذو الإمارات دول عربية بعد التحاق مملكة والبحرين.

إسرائيل هي الدولة الأكثر تقدما في مجال التكنولوجيا في الشرق الأوسط، ،  وبعد اتفاق السلام من المؤكد ان تنتقل الإمارات وأسرائيل إلى مستوى جديد من الازدهار في نفس الوقت الذي توفر فيه المزيد من الوظائف لمواطنيها ولجنسيات أخرى. هناك جانب مهم وهو التكنولوجيا، ومن بين ذلك التكنولوجيا الحيوية، والرعاية الصحية، والدفاع، والمراقبة الإلكترونية. وفقا لتقرير ال بي بي سي الاتفاق بين إسرائيل والإمارات: “صفحة جديدة” في العلاقات مع دول الخليج الصادر يوم 13 اغسطس 2020.

محاربة التطرف والإرهاب مجتمعيا

محاربة التطرف والإرهاب مجتمعيا،، يعتبر القاعدة الاساسية التي تنطلق منها الحكومات، من أجل التعايش السلمي وفرض الامن والاستقرار، وبشكل مباشر. لقد تربت اجيال  في منطقة الشرق الاوسط، على صورة غير حقيقية الى اليهود ، الى حد”الشيطنة”. وكان للمناهج الدراسية التي تدرس في أغلب المدارس والجامعات العربية لها دور كبير في تعزيز الكراهية، وللاسف مازالت تصف اليهود “بالعدو” وهذا مايعزز الصورة السلبية عند الكثير من الاجيال حول اليهود وأسرائيل.

الحكومات هي الاخرى، ساهمت كثيرا في نشر التطرف وروح الكراهية من خلال “البروبغندا” ضد اليهود  الى حد تسخير الاعلام ليكون ممنهج بخدمة الحكومات وسياسياتها، اكثر من التفكير بتقديم الحقائق للجمهور، وتعطي  ظهرها الى عمليات الترحيل والتهجير القسري لليهود من اوطانهم في منطقة الشرق الاوسط، والتي تستحق الاهتمام والمراجعة.

المنابر الدينية والمناهج التربوية، ساهمت بتصعيد خطاب الكراهية، وتفسير النصوص الدينية في القران الكريم والاحاديث النبوية، خضعت الى الكثير من الاجتهادات، لتعطي تفاسير خاطئة ومغلوطة، وهي لا تبتعد كثيرا عن الجماعات التكفيرية او “الجهادية” التي ترفض الاخر، وتفرض معتقداتها وايدلوجياتها على الاخرين بالقوة، وهذا مايعمل على نشر العنف والتطرف والارهاب.

أسرائيل ، أصبحت واقع ضمن واقع الشرق الاوسط وأمنه ومشروع قيام الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية لايتعارض ابدا مع اي اتفاقية سلام مع أسرائيل ان لم يعززه، وعدم التعاون الامني، مع أسرائيل، يجعل حلقة  مفقودة في التعاون الأمني والأستخباراتي اقليميا ودوليا.خاصة ان أسرائيل تملك “قاعدة” معلومات واسعة عن الجماعات المتطرفة في المنطقة، وربما تاقلمت معها بسبب حدودها المشتركة.  لقد ساهمت أسرائيل بشكل  مباشر بتقديم المعلومات عن الإرهاب والجماعات المتطرفة، وساهمت بالتحذير من وقوع عمليات إرهابية اقليميا ودوليا.ان تبادل المعلومات مع أسرائيل وايجاد شراكات واتفاقيات امنية في تبادل المعلومات، اصبحت ضرورية، في زمن الارهاب لم يعد مقيدا في حدود ولا توجد دولة بمأمن من الإرهاب. والى جانب ماتملكه أسرائيل من أجهزة إستخبارات، فهي تملك الكثير من التكنلوجيا المتقدمة، في مكافحة الارهاب، في زمن الحروب السيبرانية والقرصنة.

دول أوروبية استفادت من خبرات الإستخبارات الأسرائيلية

استفادت فرنسا من خبرات الإستخبارات الأسرائيلية وأستعانت الاستخبارات الفرنسية الخارجية”DGSE” بخبرات “وحدة 8200” الاسرائيلية من اجل فك شيفرات التواصل بين عناصر الحركات “الجهادية”. كشفت مصادر رسمية في تل أبيب النقاب عن أن التعاون بين الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية والاستخبارات الفرنسية بات غير مسبوق، مشيرة إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية تساعد نظيراتها في الدول الأوروبية على التعرف على هوية وتحركات الشبان الأوروبيين، الذين يتجندون لصالح الجماعات “الجهادية” وخاصة داعش.

تعتبر العلاقة  مابين المانيا و أسرائيل، علاقة خاصة، بسبب عوامل تأريخية، متعلقة في فترة النازية ماقبل الحرب العالمية الثانية و “الهولكوست “، فمازالت ألمانيا ملتزمة بأمن أسرائيل” لكن رغم ذلك فانها ايضا تقف الى جانب الشعب الفلسطيني وتدعم قيام الدولتين واقرار السلام .

كثفت الاستخبارات الالمانية والموساد من تعاونهما الأمنى لاسيما بعد حادثة أولمبياد ميونيخ عام 1972 ووجود اتهامات بالتقصير الأمنى. ويرى الخبير في العلاقات الألمانية الإسرائيلية “إلداد باك” عن اعتقاده أن  الاتجاه في ألمانيا منذ (20 ) عاماً يميل نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتطبيع يعكس عموماً دلالة إيجابية.

 خدمات الاتصالات الأمنية المتقدمة

وفي ظل التحولات التكنلوجية، فان تل ابيب، ممكن ان تساهم بتقديم خدمات الاتصالات المتقدمة، امنيا لدول المنطقة، من خلال امتلاكها الى الاقمار الاصطناعية والتنصت والمسح الجوي، ويمكن الاستفادة من هذه التكنلوجيا ايضا في الجوانب الصحية، مثل الكشف عن آثار مواد نووية سامة عن بعد او الأنذار والكشف عن هجمات كيمياوية او بايلوجية.  وان وحدات السايبر الهجومية للجيش الإسرائيلي، مثل الوحدة 8200، تعتبر من الوحدات المتقدمة دوليا، يمكن لدول المنطقة الاستفادة منها بشكل ايجابي.

إن اتفاق السلام مابين دولة الامارات واسرائيل  وتبعتها مملكة البحرين،  ، من شأنه ان يكون صفحة جديدة، في تأريخ منطقة الشرق الاوسط في التاريخ المعاصر ويعزز قيام الدولتين الفلسطينية وا لأسرائيلية، هذا الاتفاق، من شانه ان يجعل الاجيال القادمة ان تغير في ذهنيتهم الصورة السلبية المتراكمة حول الشخصية اليهودية او الاسرائيلية، ويدفعهم الى العيش بسلام بدل سياسات الحروب.

محاربة التطرف مجتمعيا، يحتاج الى اعادة ومراجعة سياسات حكومات دول المنطقة، وفك ارتباط المؤسسات الثقافية والاعلامية من سيطرة الحكومة، كما هو معمول في دول أوروبا والغرب، بحيث تكون الهيئات الاعلامية مستقلة عن التمويل الحكومي وعن سيطرة الحكومات، وان لاتقوم الحكومات واجهزتها الاستخباراتية، بغرس سياساتها في اذهان  شعوبها خدمة لمصالحها الحزبية او زعاماتها السياسية.

ماتحتاجه اليوم اسرائيل ودول المنطقة العربية، هو التعاون مع المراكز البحثية والمؤسسات الاعلامية والتربوية ، من أجل اعداد مناهج تدعو الى التعايش السلمي، والتركيز على السياسات الناعمة المجتمعية بمحاربة التطرف والكراهية تدريجيا، أكثر من فرض السياسات المباشرة.

المركز الاوروبي

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث