تونس والمغرب في مواجهة تفريخ التطرف ومخاطره على أوروبا - مقالات
أحدث المقالات

تونس والمغرب في مواجهة تفريخ التطرف ومخاطره على أوروبا

تونس والمغرب في مواجهة تفريخ التطرف ومخاطره على أوروبا

تسير تونس في طريقها الصعب نحو الديمقراطية، وهي مقارنة بعدد سكانها تصدر الكثير من المتطرفين. والمغرب الذي لم يسجل منذ سنوات عملاً إرهابياً، له مواطنون بين المشتبهين بعمليات إرهابية في أوروبا. فمن أين يأتي هذا التطرف؟

يعمل رضا الرداوي محامياً وساهم في تقييم ملفات نحو ألف من المشتبه بهم بالإرهاب في تونس وتوصل إلى نتيجة أن "أكثر من ثلاثة أرباع مجموعهم أصغر من 34 عاماً، وهذا جيل جديد لم يتأثر بضغط الدكتاتورية، وهو جيل متعلم، إذ أن 40 في المائة منهم ترددوا على دروس في الجامعة".

العديد من أولئك الشباب متعلمون ولهم تكوين جيد. وحوالي 70 في المائة من مجموع المشتبه بهم بالإرهاب التونسيين الذين تمت دراسة ملفاتهم، قضوا فترات في معسكرات تدريب في الخارج. بعضهم انتقل من أوساط المجرمين الصغار إلى القتال لدوافع دينية. لكن لا يوجد صنف موحد أو طريق واحد في اتجاه التطرف، إذ توجد العديد من الدوافع والأسباب.

انعدام الاستراتيجيات الوقائية

المحامي الرداوي وزملاؤه لاحظوا أن سجون البلاد تحولت إلى أماكن تفريخ حقيقية للراديكالية في البلاد. ويشتكي الرداوي من أن الحكومات التونسية المتعاقبة منذ ست سنوات بعد الثورة لم تبلور مخططاً لمكافحة التطرف: "السلطات مطالبة بتطوير مشروع لمكافحة الراديكالية، وهذا لم يحصل إلى يومنا هذا". أما الاستراتيجيات الوقائية فهي منعدمة، ولا يمكن تطويرها ببساطة عندما لا تتم دراسة الظاهرة بشكل كاف وفهمها.

في المغرب يمكن لأناس مثل أبو حفص تقديم المساعدة. هذا الرجل كان مشهوراً كخطيب شاب سلفي له مواقف راديكالية. وبعدما قضى تسع سنوات في السجن أخذ اسمه الحقيقي وهو محمد رفيقي الذي يحكي كيف أصبح متطرفاً دينياً: فوالده كان متديناً ومحافظاً، ويميل للسيطرة وأصدقاؤه كذلك. وتلقى محمد رفيقي تكوينه جزئياً في المملكة السعودية. "تلقنت بأن هناك تفسيراً واحدا لتعاليم الدين، ولم أعلم قبلها أن هناك تفسيرات إضافية، وهذا ما تعلمته لاحقاً، وكان بمثابة صدمة"، يقول رفيقي.

إلى حين حدوث تلك الصدمة كان رفيقي يلقي الخطب في المغرب ويرحب باعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 كـ"عقوبة عادلة للكفار".

Casablanca bombingالدمار الكبير الذي خلفته هجمات الدار البيضاء عام 2003

ودخل المذهب الوهابية في السبعينات والثمانينات إلى المغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يريد التصدي للمد اليساري القوي الذي كان يضع علامات استفهام أمام وجود الملكية في البلاد. أحمد عصيد، خبير الشأن الديني في المعهد الملكي بالرباط، يصف الوضع بالقول: "كان الهدف المراد من إدخال الوهابية هو نشر الهدوء، لأن الوهابية تقوم على فكرة أن الحاكم يعرف ما يليق بالمسلمين وأن كل شخص مطالب بقبول ذلك. والانتفاضة ضد الحاكم هي بمثابة جريمة في تصور الوهابية".

رقابة على الوعاظ وأئمة المساجد

وتجذر التفسير المحافظ لتعاليم الإسلام في المغرب في المدارس والجامعات، وباتت البلاد تخضع لتيار محافظ وأحياناً راديكالي. ولجأ سلفيون إلى تحريض شباب يعيشون في هامش المجتمع على ممارسة العنف باسم الدين. وفي 2003 قتل 12 شاباً من الأحياء الفقيرة في الدار البيضاء 40 شخصاً، ما شكل صدمة أيقظت انتباه السلطات في البلاد التي تحاول منذ ذلك الحين التصدي لهذا التطور بفرض رقابة على الوعاظ والأئمة في المساجد وإدخال بعض التحسينات السطحية على المرافق العامة في الأحياء الفقيرة في المدن الكبرى.

وفي 2015 تم إنشاء "مركز التحقيقات القضائية" التي تُعد مركزاً لمكافحة الإرهاب. ويقول رئيس هذه المصلحة عبد الحق خيام إنه منذ تأسيس هذا المركز تم الكشف عن 46 خلية إرهابية في المغرب والقضاء عليها.

ويشير خيام إلى أن 1664 من المغاربة التحقوا بمختلف التنظيمات المتطرفة في الخارج، وغالبيتهم في صفوف تنظيم "داعش". ويضيف خيام: "يجب مكافحة أسباب الراديكالية، وهنا يجب على العائلات والمدرسة والمجتمع المدني أن يلعبوا دورهم، لأنها تحدي مشترك".

ولكن لماذا يصبح شخص ما راديكالياً؟ الدراسة أوضحت في تونس أن هناك أسباباً مختلفة. ويمكن افتراض أن ذلك ينطبق أيضاً على المغرب. السلفي السابق محمد رفيقي قضى تسع سنوات في السجن، وهو يعرف على الأقل نموذج تفكير الراديكاليين الذين يبحثون عن مجندين.

دى دبليو

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث