المصدر: القاهرة - أشرف عبدالحميد
قبل يومين مرت الذكرى الثامنة والعشرين لاغتيال المفكر المصري الدكتور فرج فودة، الذي اغتيل مساء 8 يونيو من العام 1992 بسبب أفكاره وآرائه التي دحض فيها أفكار التنظيمات المتطرفة، وجماعة الإخوان، وكشف سعيهم للوصول إلى السلطة باسم الدين.
وفي مناظرته الشهيرة بنقابة المهندسين في الإسكندرية في يوم 27 يناير من العام 1992، والتي نشرت صحيفة "المصري" مقتطفات منها، فنّد فرج فودة كل أكاذيب الإخوان وكشف تناقضاتهم، وتركزت ردود فرج فودة في المناظرة على ادعاءات جماعة الإخوان حول تطبيق الشريعة الإسلامية، واستشهاد بعض قيادات الإخوان في المناظرة، ومنهم الدكتور محمد عمارة، ببعض الردود من الزعيم المصري سعد زغلول واقتباسها في غير محلها.
وقال إن "الإخوان ينفون عن سعد زغلول صفة العلمانية بينما الزعيم الراحل كان أول من نادى بمبدأ مدنية الدولة وترك لزوجته حرية ارتداء الحجاب ووضع أيضا واصف القبطي رئيسا للبرلمان".
وفنّد فودة أكاذيب الإخوان حول بعض الأحاديث المتعلقة بالشريعة والعبادات، مثل الرق وزواج القاصرات، وشبهات الحلال والحرام، مضيفا أن الدستور المصري نص على أن تكون الأحكام متسقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية لكونها تخضع للاجتهاد.
وقال إنه لا أحد يتعارض مع الشريعة أو يرفض التمسك بها، لكن نحن مع الاجتهاد وتنقية التراث الديني، ووضع حدا فاصلا بين الإسلام والبرامج السياسية، مضيفا أن مرشد الإخوان عمر التلمساني كتب مقالا له في صحيفة الشعب انتهى فيه إلى أن الديمقراطية حرام، ومع ذلك تنادي جماعة الإخوان بالشورى رغم أنها ترفض الديمقراطية ومرشدها يعتبرها حراما، وبعض المنتمين لهم يطالبون بعودة عقوبة الجلد.
وتساءل فودة "هل سمعتم عن مرشد للإخوان له فترة حكم معينة أو رئاسة لمدة معينة؟" بل العكس يحصلون على منصبهم بالبيعة وهي مؤبدة وتنتهي بإحدى الحسنيين الموت أو القتل، بحسب فودة، الذي أكد أن حسن البنا مؤسس الجماعة له رأي مخالف في الحكم والديمقراطية والشورى والأحزاب، واستخدم الفتوى والدين في صراعه السياسي مع حزب الوفد ولصالح الملك.
وقال إن جماعة الإخوان ليس لها برنامج مفصل للحكم، وهم من ينادون بالحكم الشمولي، ومرشد الإخوان التالي للبنا وهو الهضيبي رفض مشاركة عناصر الإخوان في المقاومة ضد المحتل الإنجليزي، قائلا "اعتكفوا واقرأوا القرآن أفضل لكم"، مؤكدا أن الإسلام موجود ونقي لكن بعض أبنائه سفهوه وخلعوا أمراضهم النفسية عليه.
وقال "أود أن أسأل قيادات الإخوان الذين ينادون بالدولة الدينية ماذا سلمت لنا الدولة العثمانية التي كانت تدعي الخلافة؟ وماذا يجري باسم الدين في إيران؟" مضيفا أن الإسلام أرقى وأعز وهو دين الرحمة والعلم والتسامح والمواطنة والمساواة والعدل.
وتوقع المفكر المصري الراحل كل ما حدث في المنطقة من ثورات الربيع العربي، وصعود الإخوان للحكم، ثم عودة العسكريين للسلطة مرة أخرى في مصر والسودان قبل ربع قرن، كما توقع كل ما حدث في إيران إثر الثورة.
وألّف فودة عدة كتب فنّد فيها أفكار جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان، منها "نكون أو لا نكون"، و"الحقيقة الغائبة"، و"قبل السقوط، والنذير"، و"حوار حول العلمانية".
وتم اغتيال فرج فودة بعد شهور من هذه المناظرة بسبب آرائه التي دحض فيها أفكار الجماعات الإسلامية، حيث استهدفه مسلحان متطرفان بالرصاص أمام مكتبه في 8 يونيو من العام 1992 وتوفي خلال محاولات إنقاذه في المستشفى.