صالح القلاب:
يظهر أن زعيم حزب الله، ليس اللبناني وفقط لا بل أيضاً والدولي، قد تم إخراجه من "جُبًّتهِ" وإزالة "عمامته" عن رأسه وتعيينه قائداً لفيلق القدس الإيراني خلفاً للجنرال قاسم سليماني، الذي جرى التخلص منه بتلك الطريقة المعروفة، وحقيقةً أن هذا ليس تكهناً ولا افتراءً فالقرار بهذا الخصوص قد صدر عن الولي الفقيه على خامئني و"امبراطور" ضاحية بيروت الجنوبية حسن نصر الله قد أعلنه بنفسه لا بل ومتباهياً به وذلك مع أنه ليس خريج كلية عسكرية وربما أنه إن هو غامر وبادر إلى "فكفكة" كلاشنكوف لا يستطيع ولا يعرف شيئاً عن إعادة تركيبه.
كنت قد رأيت حسن نصر الله عن قرب مرة واحدة في حياتي فقد كنت مع شقيقه حسين وصديقا مارونياً اعتقد أن اسمه "بيير" نتناول العشاء على "سطح" منزل في ضاحية بيروت الجنوبية ويومها كان الاقتتال بين المقاومة الفلسطينية ومعها الحركة الوطنية اللبنانية وبين بعض التنظيمات "المارونية" في ذروته وأذكر أنني قلت بعدما سمعته يتحدث لشقيقه ببعض الأمور السياسية أنَّ هذا الشاب ينتظره مستقبل واعد وأنه سيكون أحد رموز الطائفة الشيعية الكريمة التي كانت ولا تزال بأغلبيتها طائفة وطنية وقومية.
وهكذا فقد تلاحقت الأمور بعد ذلك وكانت "حركة أمل" التي وصلت زعامتها إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي بعد سلسلة انقلابات أطاحت بمن خلفوا ذلك الرجل العظيم حقاً موسى الصدر،الذي كان جرى تغييبه ومعه رفيقين له خلال زيارة لـ"ليبيا" بدعوة من معمر القذافي، وحقيقةً أن حسن نصر الله لم يظهر كقطب شيعيِّ إلّا بعد فترة تعتبر طويلة بعد الثورة "الخمينيّة" في فبراير 1979 عام وإلا بعد عام 1982 بعد إخراج أو خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت وحيث أن حركة المقاومة الإسلامية كان تحظى برعاية حركة "فتح" وتحديداً رعاية الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) رحمه الله.
والآن فإن الواضح أن حسن نصر الله، الذي قد أصبح عملياً الزعيم السياسي والعسكري الأوحد لشيعة لبنان بعد إزاحة الرموز الأخرى كلها بما في ذلك حسين الحسيني وكامل الأسعد وبعض وجهاءعائلة الخليل من مدينة صور في الجنوب اللبناني وعائلة عسيرات في صيدا، سينتقل إنتقالة نوعية هائلة بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني الذي كان دائم التواجد في ضاحية بيروت الجنوبية التي باتت هي العاصمة الحقيقية للبنان بعدما فردت جناحيها السياسيين والعسكريين أيضاً على بلاد الأرز كلها حتى بما في ذلك طرابلس اللبنانية.
ولعلّ ما لم يدركه حسن نصر الله، أو أنه يدركه ولكنه يغضُّ الطرف عنه، هو أن دوره العسكري كخلف للجنرال قاسم سليماني قد جاء في الفترة التي بدأت فيها دولة الولي الفقيه في إيران بالإنكماش وإن تمددّها الإحتلالي، في العراق وفي سوريا وفي لبنان وأيضاً اليمن، بات في مراحله الأخيرة وأنَّها باتت "مفلسة" سياسياً ومالياً وأيضاً عسكريّاً وأنها أًصبحت تواجه معارضة مسلّحة وأنَّ "رموزها" القدماء قد تخلّوا عنها وهذا يعني أنَّ "سيّد" ضاحية بيروت الجنوبية قد جاء دوره الذي بقي يسعى إليه في اللحظة التي دخلت فيها الدولة الإيرانية دائرة الإنهيار ودائرة الإفلاس المالي.. وإنّ غدا لناظره قريب!!