تصدرت الصين وتركيا والسعودية ومصر وإيران قائمة البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين في العالم، وفق تقرير للجنة حماية الصحافيين الدولية، نشر الأربعاء.
وقالت اللجنة في تقريرها إن الحكام المستبدين مثل شي جين بينغ، ورجب طيب أردوغان، ومحمد بن سلمان، وعبد الفتاح السيسي، لم يظهروا أي دلائل على تخفيف القمع عن وسائل الإعلام التي تنتقذهم.
وأحكمت الصين قبضتها الحديدية على الصحافة، فيما أفرجت تركيا عن صحفيين بانتظار محاكمتهم أو استئناف أحكامهم، بعدما قوّضت فعليا الإعلام المستقل.
وارتفع عدد الصحفيين في السجون في 2019 مع استمرار أنظمة الحكم الاستبدادية والاضطرابات والاحتجاجات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقا للتقرير.
ويشير التقرير إلى أن السعودية باتت تتقاسم مع مصر المرتبة الثالثة بين البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين.
ووفقا للإحصاء السنوي للجنة، هناك ما لا يقل عن 250 صحفيا سجينا حول العالم بسبب عملهم، مقارنة مع 255 صحفيا سجينا في العام الماضي.
وبعد الصين وتركيا والمملكة العربية السعودية ومصر، تحل إريتيريا وفيتنام وإيران في عدد الصحفيين السجناء لديها.
أردوغان نجح في قمع الصحفيين
ولم يتحسن وضع الصحافيين في تركيا، رغم تراجع عدد الصحفيين المسجونين فيها، من 68 في السنة الماضية إلى 27 في السنة الحالية، لكن ذلك يظهر أن حكومة أردوغان نجحت في قمع الإعلام المستقل من خلال إغلاق أكثر من 100 وسيلة إعلامية وتوجيه اتهامات متعلقة بالإرهاب ضد العديد من موظفيها.
وأوضح التقرير أن عشرات الصحفيين الأتراك باتوا يعيشون في المنفى أو عاطلين عن العمل أو يمارسون الرقابة الذاتية خوفا من القمع.
كما سنت السلطات في 24 أكتوبر حزمة تشريعات أتاحت رفع دعاوى استئناف جديدة بشأن إدانات صدرت بخصوص مخالفات معينة، بما فيها "الدعاية لمنظمة إرهابية"، وهي التهمة المفضلة لدى المدعين العامين الأتراك، وفقا للتقرير.
ولا يزال عشرات الصحفيين غير السجناء في تركيا يواجهون حاليا محاكمات أو دعاوى استئناف، ويمكن أن تصدر بحقهم أحكام بالسجن، في حين صدرت أحكام غيابية ضد غيرهم، لاعتقالهم حال عودتهم إلى البلد.
وقال التقرير إنه منذ بدأت لجنة حماية الصحفيين تحتفظ بسجلات حول الصحفيين السجناء في التسعينيات، ظلت تركيا تنافس الصين على صدارة قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين.
الصين والتهم الجاهزة ضد الصحفيين
يوضح التقرير أن الرئيس الصيني عزز سيطرته السياسية على البلد واستحدث ضوابط أشد إحكاما على وسائل الإعلام.
وفي عام 2019، وجدت اللجنة أن 48 صحفيا على الأقل، يقبعون في السجون في الصين، كما أن عددهم يزداد بثبات.
وحسب التقرير، تعد تهمة "المشاركة في شجار، وإثارة المشاكل"، تهمة شائعة توجه إلى من يعتبرهم الحزب الشيوعي الحاكم مصدر تهديد، كما هو الحال بالنسبة للصحفية المستقلة صوفيا هوانغ شوكين التي اعتقلت لتغطيتها المسيرات الاحتجاجية المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ.
وقادت السلطات الصينية حملة قمع في إقليم شينغيانغ في أوساط الصحفيين واعتقلت عشرات منهم في المنطقة التي أرسلت منها مليون شخص من الجماعات الإثنية المسلمة إلى معسكرات اعتقال.
وأفاد التقرير أن عدد الصحفيين السجناء في السعودية ازداد بثبات منذ عام 2011، كما استهدفت سلطات المملكة عدة صحفيين ممن توقفوا عن العمل على ما يبدو.
وبحسب الأرقام،كانت السعودية تحتجز 26 صحفيا على الأقل في عام 2019.
ويشير التقرير أن المملكة لا تتبع الإجراءات القضائية السليمة؛ فلم توجه سلطاتها اتهامات في 18 حالة من حالات سجن الصحفيين، أما الصحفيون الذين مثلوا أمام المحكمة فقد صدرت ضدهم أحكام بشكل سري وغالبا مستعجل.
وقالت اللجنة إن تقارير طبية سربت لصحيفة 'غارديان' البريطانية في فصل الربيع احتوت أدلة على قيام السلطات بضرب السجناء السياسيين وتعذيبهم بالحرق وتجويعهم، بمن في ذلك أربعة صحفيين.
أخبار كاذبة: التهمة المفضلة في مصر
تعد مصر أكثر دولة تستخدم تهمة نشر "أخبار كاذبة" لاعتقال الصحفيين، وفقا للتقرير.
وارتفع عدد الصحفيين السجناء في مصر ارتفاعا بسيطا عن السنة الماضية، ووصل إلى 26 صحفيا سجينا.
وأمرت السلطات، وفقا للتقرير، بعض السجناء المفرج عنهم، وخصوصا المصور الصحفي الحائز على جوائز، محمود أبو زيد المعروف أيضا باسم 'شوكان'، والمدون المعروف علاء عبد الفتاح، بالحضور إلى مركز الشرطة مساء كل يوم.
وعمدت السلطات المصرية إلى ضم قضايا معظم الصحفيين السجناء في مصر ضمن محاكمات جماعية بناء على اتهامات مرتبطة بالإرهاب ونشر أخبار كاذبة.
إيران لم تخرج من القائمة
ولم يختلف الوضع في إيران، فقد ارتفع عدد الصحفيين السجناء في البلد التي شهدت أيضا احتجاجات كبيرة في عام 2019، إلى 11 صحفيا سجينا.
واعتقلت السلطات الصحفي المعروف المتخصص بالشؤون الاقتصادية، محمد مساعد، بعد أن نشر تغريدة أثناء إغلاق السلطات شبكة الإنترنت لحجب أخبار التظاهرات التي خرجت احتجاجا على رفع أسعار البنزين.
وقال مساعد في تغريدته "مرحبا أيها العالم الحر!"، واستخدم "42 خادم بحث" ليتمكن من الوصول إلى شبكة الإنترنت.
وفي الجزائر، يشير التقرير، احتجزت السلطات ثلاثة صحفيين على الأقل أثناء الاحتجاجات التي تطالب بالديمقراطية.
وثمة سبعة صحفيين سجناء في روسيا، أربعة منهم بسبب عملهم في منطقة القرم المحتلة، حيث وثقوا حياة أقلية التتار في المنطقة وهجمات المواطنين الروس ضدهم.
وأكدت اللجنة أن تقريرها يقتصر على إحصاء الصحفيين المحتجزين لدى السلطات الحكومية، ولا يتضمن الصحفيين المختفين أو المحتجزين لدى جماعات من غير الدول.
وقالت لجنة حماية الصحفيين إنها تقدر "أنه يوجد عشرات الصحفيين المفقودين والمختطفين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط النزاعات في اليمن وسوريا والعراق وليبيا.