ملهاة مجلس حقوق الإنسان - مقالات
أحدث المقالات

ملهاة مجلس حقوق الإنسان

ملهاة مجلس حقوق الإنسان

إيلى ليك

مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يمثل، في رأيي، ذروة كوميديا الدبلوماسية الحديثة. وعندما يفتتح المجلس دورته في جنيف هذا الأسبوع، فإن الرئيس دونالد ترامب يجب أن يعامله على هذا الأساس، أي باعتباره نكتة. والنكتة الواحدة تستدعي نكتة مقابلة، ولذلك أقدم إليكم هذه النكتة: عينوا سفيراً لا يكون مؤهلاً من الناحية الكوميدية.

فمجلس حقوق الإنسان، وجد ليس من أجل تحديد ومعالجة الانتهاكات التي تقع في العديد من أنحاء العالم، وإنما لتوفير منبر لبعض الدول لشجب وإدانة غيرها من الدول الأخرى.

وفي الحقيقة أن المجلس يكرس جهوده البيروقراطية، كلها تقريباً، من أجل ترسيخ وهم بأن دولة بعينها -أياً كانت تلك الدولة- هي الوحيدة في العالم التي تنتهك حقوق الإنسان، في الوقت ذاته، الذي يتم فيه منح فاعلين أكثر بشاعة في مجال انتهاك حقوق الإنسان، منابر يتمكنون من خلالها من الحكم على سجلات حقوق الإنسان للدول الأخرى، متناسين تماماً الانتهاكات الرهيبة التي يرتكبونها هم أنفسهم.

وأعضاء المجلس المنوط به تعزيز الكرامة الإنسانية يضمون ممثلين لدول عديدة تنتهك هذه الكرامة.

وتقليدياً، كان رؤساء الولايات المتحدة، يحاولون دوماً إصلاح المجلس. فالرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، على سبيل المثال، كان يأمل أن يفعل ذلك من خلال الامتناع عن الانضمام للمجلس، والضغط عليه من أجل إنجاز المهمة المنوطة به، قبل أن تمنحها الولايات المتحدة شرعيتها.

أما الرئيس السابق باراك أوباما، فقد سعى لإصلاح المجلس من خلال مشاركة الولايات المتحدة فيه. أما الرئيس الحالي دونالد ترامب، فهو كما يقال، ينظر مقترحاً للانسحاب من المجلس بشكل كلي.

ولكن التجاهل والابتعاد، ليس هو الموقف الذي يستحقه المجلس، لأن ما يستحقه، في الحقيقة، هو السخرية، من وجهة نظري الشخصية، وعلينا ألا ننسى أن أفضل طريقة لكشف النقاب عن ملهاة معينة، هي إرسال مهرج إلى المكان الذي تدور فيه وقائع هذه الملهاة.

وهذا الشخص -أو دعونا نقول المهرج- من وجهة نظري هو: ميلو يانوبولوس.

نعم، ميلو يانوبولوس بعينه، ولا أحد غيره.. الرجل الذي حُظر من قبل تويتر لتشجيعه على شن هجمات عنصرية ضد الممثلة «ليزلي جونز»، والرجل الذي أُلغيت دعوته لـ«مؤتمر العمل السياسي المحافظ» بسبب التعليق الساخر الذي أدلى به دفاعاً عن أمور لاأخلاقية.

وهو ليس دبلوماسياً، وليس من طراز الرجال الذين يناقشون جدياً، مزايا سجن جوانتانامو، مع بعض المسؤولين الكوبيين، على سبيل المثال، وإنما هو مجرد رجل ينشر مواد مهيجة ومسيئة للآخرين على شبكة الإنترنت.

إنه ذلك النمط من الرجال الذين يقدرون قيمة السخرية من مجلس حقوق الإنسان، الذي انتخب رجلاً حصل في السابق على جائزة القذافي لحقوق الإنسان، كي يكون ضمن أعضاء هيئته الاستشارية.

ويانوبولوس هو فنان أدائي في الأساس، وموهبته تتجلى في تعرية النفاق. فلنتخيل الاحتمالات هنا. فعندما يقوم مبعوث دولة شمولية يتباكى فيها على حقوق الإنسان، فإنه يمكن ليانوبولوس في هذه الحالة، أن يستجيب لذلك من خلال مخاطبة من يلقي هذه الكلمة بـ«أبي»، وهي الكلمة التي يستخدمها دوماً عند مخاطبة الرئيس الحالي. ولاشك أن يانوبولوس سيجد في الجلسات السنوية لمجلس حقوق الإنسان، منجم ذهب يغترف منه مواقف ومواد لفيديوهات، تنتشر على الإنترنت كانتشار النار في الهشيم.

وفوق كل هذا فهو يحتاج إلى وظيفة، ففي الأسبوع الماضي، فصل من وظيفته كرئيس تحرير لموقع «بريتبارت»، كما ألغت دار «سايمون آند شوستر» طبع كتابه القادم.

وعلى رغم أنه قد أعلن عن خطط لإنشاء مؤسسة إعلامية جديدة، إلا أنه يبدو في اللحظة الراهنة، وكأن أمامه الكثير من الوقت حتى يتمكن من إنجاز ذلك.

لفترة طويلة للغاية من الزمن، حاولت الولايات المتحدة إصلاح مجلس حقوق الإنسان، وقد بات يرمز لنظام الأمم المتحدة، الذي يعامل الدول الحرة والدولة الشمولية بالدرجة نفسها من الاحترام. وهذه نكتة رديئة في الحقيقة. فلماذا لا نرد عليها بأخرى جيدة؟

واشنطن بوست

ترجمة صحيفة الاتحاد

 

 

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*