هل طُرِدَ الأقباط لأننا شبه دولة؟ - مقالات
أحدث المقالات

هل طُرِدَ الأقباط لأننا شبه دولة؟

هل طُرِدَ الأقباط لأننا شبه دولة؟

محمد أبو الغار

الدولة المحترمة تحافظ على سلامة مواطنيها وتدافع عنهم. أنا لا أطلب رعاية كالتى تقدمها أمريكا أو دول أوروبا لمواطنيهم حرصاً عليهم، أنا أطلب للمصريين أقل القليل. النظام المصرى يعرف أن الأمر فى سيناء أصبح خطراً داهماً وكل يوم يسقط شهداء من ضباط وجنود الجيش والشرطة دفاعاً عن أرض سيناء الغالية.

ما حدث للأقباط المدنيين أمر مختلف، قرر الإرهابيون أن يعلنوا الحرب على المدنيين من الأقباط. وبدأ الاعتداء على سيدة قبطية مدنية فكان يجب على النظام المصرى وفوراً إجراء عملية تقييم للأمر، وإذا رأى أنه غير قادر على حمايتهم بسبب ظروف الحرب والإرهاب وهو شىء لا ألومهم عليه، ولكننى ألومهم بكل شدة على أنهم لم يدرسوا الأمر، ولم يتبينوا صعوبة حمايتهم، فكان عليهم تنظيم عملية التهجير بوسائل الدولة وتحت حماية مكثقة، خاصة أنهم بضع مئات، وهذا لم يحدث وهرب بعض الأقباط بوسائلهم الخاصة ليصلوا إلى الإسماعليلية، لا محافظ فى استقبالهم ولا أحد يساعدهم وكأنهم لا يحملون جنسية هذا الوطن.

هنا حدث أمران، الأول انتفض الإنترنت والفيسبوك والتويتر والرسائل التليفونية كلها تطلب المساعدة لهؤلاء المصريين الذين فجأة وجدوا أنفسهم دون مأوى. وانتفض عدد من الجمعيات الأهلية والمجتمع المدنى والأفراد ليقوموا بما عجزت عنه الدولة ووصلت مئات البطاطين والمراتب والمعدات فى أقل من 24 ساعة، والأفراد المدنيون الوطنيون للمساعدة، وكل هذا والدولة نائمة فى العسل.

عندما أصبح الفيسبوك ينفس ناراً ودخاناً وهجوماً على النظام لعدم حمايته للمواطنين، وأصبح الشارع يغلى ضد كل مؤسسات الدولة، حدثت الاجتماعات الرئاسية وتحرك الوزراء والمحافظون بعد أن سبقهم الشارع بمراحل، وبعد أن اتهمهم الشعب بالتقاعس. الإنترنت أصبح الآن أكبر قوة فى العالم. منذ مائة عام كانت الصحافة هى القوى الأولى، ثم جاء الراديو يقدم خدمة سريعة ثم التليفزيون الأرضى ثم القنوات الفضائية. وفى ظرف فترة قليلة جداً لن يشاهد أحد الفضائيات لأنك سوف تشاهد كل شىء على الإنترنت. يعنى ذلك أن شراء الدولة والجهات السيادية محطات فضائية اتضح أنه ليس له قيمة. تحرك الشعب كله بالإنترنت، ورضخت الدولة لثورة الناس على ما يحدث للأقباط فى سيناء وتحركت وفعلت شيئاً بعد أن تحدث الجميع أن الشبه دولة أصبحت لا دولة.

لو كانت هذه دولة فعلاً لنظمت الأمر منذ أسبوع وهجرت الأقباط وجمعتهم ورتبت لهم مساكن فى الإسماعيلية، ولأنها غير موجودة حدث كل ما حدث، وعندما شعرت الدولة بالحرج وبعض الإهانة تحركت بسبب ثورة الإنترنت وتحرك المجتمع المدنى. كلنا فى انتظار الحل الحقيقى للأزمة عندما يعود المهجرون إلى بيوتهم فى سيناء بعد أن تتطهر من الإرهابيين ولكن نحن فى استطاعتنا فعلاً الانتصار على الإرهابيين ووقف نزيف الشهداء.

هذه حكاية ما يحدث فى سيناء من شاهد عيان، وأنا أريد أن أتأكد هل ما قالته هذه السيدة يمثل حقيقة الوضع هناك؟ مريضة سيناوية حضرت

وبالطبع تحدثت معها عن الوضع فى سيناء، وعبرت عن مخاوف على جزء غال من الوطن فكانت إجابتها صادمة ومرعبة، حيث قالت إن عددا كبيرا من شباب البدو من أبناء زعماء القبائل قد اعتنقوا الأفكار الإرهابية، وأصبحوا جزءاً من داعش سيناء، وهذا يعنى أنهم فى كل بيت وفى كل حارة، وأن جيل الآباء الذى كان عنده علاقة وثيقة بالمخابرات الحربية المصرية قد تم تهميشه وأصبح بلا سلطة ولا نفوذ. هؤلاء الشباب أنشأوا جهازهم المخابراتى البدائى وعندما يتعاون أحد مع الجيش أو الشرطة المصرية يتم ذبحه وتعلق رأسه أمام بيته حتى يخاف الجميع. وهو ما حدث بالفعل، بقية السكان لا يحبون داعش ولكنهم خائفون ومرعوبون لا يتحدثون والقتل والإرهاب يحدثان أمام أعينهم.

هل تمت كل هذه الكوارث فى لحظة أو يوم؟ هى حدثت خلال مدة طويلة، وتفاقم الوضع فى العامين الأخيرين.

واضح أن الحل العسكرى من أول الأمر وحده مش نافع، والأمر يزداد سوءاً. هنا يجب أن نتوقف ونفكر ونشرك الآخرين من الذين يمكنهم المساعدة فى الحل. وهو أمر طبيعى يحدث فى الدنيا كلها، وهذه الطريقة فى محاولة البحث عن حل لأن الحلول العسكرية والشرطية هى جزء من الحل وليست كل الحل.

حدود مصر الدائمة أصبحت مطمعاً لمختلف البلدان من الجيران، والتعدى عليها والاستيلاء على أجزاء منها أصبحا حقيقة قائمة، هذا الموضوع جد خطير. ويبدو أن السعادة الغامرة التى عبرت عنها الرئاسة والخارجية المصرية بنجاح ترامب لم تكن بالكامل فى محلها، فقد فاجأنا السيد ترامب بإلغاء موضوع الدولتين فى فلسطين، وهذا سوف يؤثر سلبياً على الفلسطينيين وأيضاً ربما يؤثر على الحدود المصرية. ثم تقترح أمريكا إنشاء قوة مسلحة عربية لأن الأمريكيين لن يحاربوا بجنودهم فى عصر ترامب. حجم المخاطر رهيب، وإعلان المواقف من الشعب والبرلمان يساعد الرئيس فى مقابلته للسيد ترامب. إعلان سيناء موحدة مصرية، وتيران وصنافير مصريتين، أصبحا موضوعاً ضاغطاً على الشعب المصرى، وعلى الرئيس أن يعلنها بوضوح قبل زيارته واشنطن لقفل الباب أمام أى محاولات.

قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك

المصرى اليوم

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*