المقاتلون الأجانب و الجدل حول إعادة تأهيلهم من جديد في ألمانيا - مقالات
أحدث المقالات

المقاتلون الأجانب و الجدل حول إعادة تأهيلهم من جديد في ألمانيا

المقاتلون الأجانب و الجدل حول إعادة تأهيلهم من جديد في ألمانيا

بقلم جاسم محمد:

 

إن عودة المقاتلين الأجانب الى المانيا،  امام أعين أجهزة الأمن والسلطات الألمانية، تثير الكثير من الأسئلة، حول أسباب عدم اتخاذ الحكومة الالمانية اجراءاتها بالقاء القبض او احتجاز العائدين، عند دخولهم المانيا ؟ المشكلة تكمن ان السلطات الالمانية لا تلقي القبض على عناصر داعش العائدين او احتجازهم الا بعد ان تتوفر لديهم شواهد وادلة، او تورطهم بعمليات إرهابية او جرائم حرب، وهذه تعتبر مهمة صعبة امام الأدعاء العام !

ألقت السلطات الألمانية القبض على أرملة مغني الراب الألماني السابق والإرهابي المنتمي لتنظيم داعش، دنيس كوسبرت، بناء على أمر اعتقال من الادعاء العام الاتحادي. وأعلن الادعاء العام في مقره بمدينة كارلسروه يوم التاسع من سبتمبر 2019 إنه تم القبض على أميمة أ، التي تحمل الجنسية الألمانية والتونسية، في مدينة هامبورغ، للاشتباه في أنها كانت عضوة في تنظيم داعش في سوريا، رغم انها دخلت المانيا قبل اشهر طويلة.

السؤال : هل الإستخبارات الالمانية كانت غير قادرة على الوصول الى سجل عناصر داعش ؟

الحكومة الالمانية والمدعي العام، بدون شك تتوفر لديه المعلومات حول التحاق  العناصر المتطرفة بتنظيم داعش، لكن العقدة تكمن في القوانين والاجراءات الالمانية، والتي يمكن وصفها ثغرة أمنية وهي عدم اعتبار السفر الى سوريا والعراق والالتحاق بالتنظيمات المتطرفة تهمة يحاسب عليها القانون !! ويبدو ان هذا السبب وراء منع الادعاء العام الالماني العام في محكمة كارلسو اصدار الاوامر القضائية باعتقالها منذ الكشف عن دخولها المانيا مطلع  هذا العام 2019.

المشكلة تكمن ان محكمة كارلسروه المعنية بالارهاب، والمدعي العام مازال لحد الان يتعامل مع قضايا الارهاب كقضية جنائية، بحيث لم يتم القاء القبض على اميمة الا بعد مضي عدة اشهر، وهذه ثغرة امنية.

كيف يتمكن المقاتلون الاجانب العودة الى المانيا دون الوقوف امام المحاكم ؟ كم عدد المقاتلين الاجانب؟

تسعى عناصر تنظيم داعش العودة الى أوروبا بعد خسارة التنظيم معاقله في العراق وسوريا منذ اكتوبر عام 2017 الى العودة الى اوطانهم ـ أوروبا باللجوء الى شبكات تهريب البشر عبر تركيا مقابل دفع الاموال، وهنا يظهر دور الحكومة التركية، حول كيفية السماح الى عناصر الدواعش بالمرور عبر النقاط الحدودية او المغادرة عبر مطاراتها، علما التحقيقات، تؤكد بان الدخول والمغادرة تكون باختام رسمية. العائدون من عناصر تنظيم داعش، يسلكون طرق سفر غير مباشرة للعودة الى مدنهم، من اجل الافلات من المراقبة او الفحص في المعابر الحدودية.

صنفت اجهزة الإستخبارات  الداخلية الألمانية اعداد من النساء والمراهقين كإسلاموين خطيرين أمنياً يمكنهم القيام بأعمال إرهابية. وذكرت مصادر أمنية  أن النساء والمراهقين، يشكلون نسبة ضئيلة دون عشرة بالمئة بين نحو 720 إسلاموياً مصنفين على أنهم خطيرين أمنياً.

اسباب النزوح نحو التطرف من داخل أوروبا :

ـ البحث عن الهوية : اغلب الملتحقين بالتنظيمات المتطرفة، هم من اصول اسلامية، يعيشون في اوروبا، وربما من اكثر من جيل. يعيش البعض حالة من الازدواجية مابين البلد الام والبلد الذي يعيشه، احيانا يجد نفسه رافضا الى الدولة والمجتمع الذي يعيش فيه.

ـ الفشل في الدراسة او العمل : يتجه الشباب نحو التطرف، بعد ان يميل الى العزلة والانغلاق على نفسه، ويجد في التنظيمات المتطرفة وسيلة ثأر او ربما “التعبير عن قدرته” التي فشل اثباتها في الدراسة او العمل او اسريا.

ـ الضغوطات النفسية والأكتآب : كشفت التحقيقات ان بعض من نفذ عمليات إرهابية او التحق بالقتال، كان يعاني من ضغوطات نفسية او ازمات اجتماعية عائلية او فشل، الى جانب حالة الادمان على المخدرات والكحول.

لكن تبقى دائرة العلاقات الاجتماعية داخل الاسرة والمجتمع والمدرسة، هي العنصر الاهم، فاغلب النساء التحقن بالقتال نتيجة علاقات “رومانسية” عبر النت او على الارض.

هل يمكن إعادة تأهيل عناصر داعش للحياة من جديد في المجتمعات الاوروبية ؟

كشفت تحقيقات اجهزة الإستخبارات، بانه من الصعب نزع ايدلوجية التطرف من الذين التحقوا في القتال بصفوف داعش، ومضوا سنوات تحت مظلة مايسمى”دولة الخلافة”، واعترف مسؤولون عن برنامج “الحياة” التي تديره الحكومة الالمانية، حول الوقاية من التطرف، بفشل محاولاتهم، وهذا ما اعلنته ايضا تطبيقات تنفذ من قبل الحكومة الفرنسية والهولندية. لكن يمكن تطبيق برامج الوقاية من التطرف مه حديثي النزوح نحو التطرف  محليا. فالإحصاءات تؤكد ارتفاع وتيرة تجنيد النساء بعد الهزائم المتتالية التي مني بها التنظيم مؤخرا. مسالك عودة المقاتلين الاجانب

يرى الباحث السياسي “رالف غضبان” في حديث لـ DWعربية أن “ما يدفع هؤلاء الفتيات إلى الالتحاق بداعش ليس سببا دينيا، بل هو راجع إلى مرحلة النمو التي يعيشها هؤلاء الشباب والمراهقون والتي تسمها الرغبة في تحقيق الذات بشكل غير واقعي من خلال الالتزام بقضايا كبرى”.

رصدت مجموعة “الوقاية من الإرهاب”، التابعة لوزارة الداخلية، خطابات إلكترونية مكثفة للمتطرفين على الإنترنت إلى المراهقات المسلمات المقيمات في ألمانيا، وتنجح هذه المحاولات أكثر مما في السابق في توريط المراهقات في العمل مع التنظيمات المتطرفة.

نساء داعش، هن المعادلة الاصعب داخل التنظيم، فرغم ادعاء بعضهن بانهن لم يتورطن في القتال او جرائم حرب والانخراط في اعمال الاسرة، فان تحقيقات ووثائق تنظيم داعش كشفت، بان المرأة داخل التنظيم عنصر هام. تنظيم داعش استثمر المرأة اكثر من بقية التنظيمات المتطرفة ابرزها تنظيم القاعدة، واحتلت المرأة، درجة متقدمة في التنظيم في العمل “الجهادي”.

ابرز الادوار التي تنفذها المرأة داخل التنظيم

ـ المشاركة في “الحوكمة” ساهمت المراة داخل التنظيم بالعمل في “مؤسسات” تنظيم دعش في ادارة “الولايات” ومنها “الحسبة” جهاز الشرطة.

ـ جمع المعلومات الاستخبارية عن الاشخاص والمؤسسات التي يستهدفها تنظيم داعش وربما اختراق بعض اجهزة الامن في العراق وسوريا، للحصول على المعلومات والخطط بشكل استباقي، وهنا يظهر العنصر الاستخباري ودور المراة، على غرار اجهزة الاستخبارات.

ـ الترويج الى الدعاية المتطرفة للتنظيم على شبكة النت، وهذا ماكشفته وكالة الاستخبارات الالمانية الداخلية” شبكة سلفيات المانياتالتي كانت تنشط في كسب الشباب على الانترنيت من اجل تنفيذ عمليات ارهابية محليا او الالتحاق بصفوف داعش .

ـ التجنيد : استغل تنظيم داعش قدرة النساء وتاثيرهن على الشباب في الالتحاق بالقتال او تنفيذ عمليات ارهابية محليا من خلال ارتباطهن بعلاقات مع الشبابالجدل حول اعادة تاهيل نساء داعش

التوصيات

إن عودة المقاتلين الأجانب الى المانيا ودول أوروبا دون المثول امام القضاء او اجهزة الامن، يعتبر ثغرة امنية، هذه العناصر تمتلك الخبرة في التطرف والارهاب وممكن ان تنفذ عمليات ارهابية بعد عودتها.تحتاج الحكومة الالمانية ان تراجع قوانينها الخاصة في مكافحة الإرهاب والتطرف، واعتبار الالتحاق بالتنظيمات المتطرفة محليا او خارجيا جريمة يعاقب عليها القانون، وفي اي حال تحتاج الحكومة تعديل قوانينها، بوضع العائدين من عناصر تنظيم داعش، تحت الحجز الاحترازي او الاحتياطي، لحين اكمال التحقيقات الامنية، للتاكد من تورطه من عدمه في عمليات ارهابية.

 

جاسم محمد، باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات ـ بون

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

 

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث