أخي المسلم لا تصدق هذه الكذبة الكبرى "وجدنا في الغرب إسلاما .. ولم نجد مسلمين" - مقالات
أحدث المقالات

أخي المسلم لا تصدق هذه الكذبة الكبرى "وجدنا في الغرب إسلاما .. ولم نجد مسلمين"

أخي المسلم لا تصدق هذه الكذبة الكبرى "وجدنا في الغرب إسلاما .. ولم نجد مسلمين"

سعيد شعيب

 

ضحكوا علينا للأسف

 نعم، وهي من الأكاذيب الكبيرة في تاريخ المسلمين في العصر الحديث، وأظن أنها دمرت عقل ووجدان كثير من المسلمين. هذا التعبير منسوب للشيخ محمد عبده : "ذهبت للغرب فوجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين ولما عدت للشرق وجدت مسلمين و لكن لم أجد إسلاماً".  الهدف منه التأكيد على أننا لو تمسكنا ب"الإسلام"، سوف نصبح مثل الدول الغربية المتقدمة والتي تعيش شعوبها في رفاهية وحرية غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية. كما أن هذا التعبير الكاذب يتضمن بشكل غير مباشر دفعك إلى استعادة ما يسمونها"الخلافة الإسلامية"، فقد كانت كما يقولون "العصر الذهبي" للإسلام والمسلمين، في حين أنها لم تكنأاكثر من امبراطورية استعمارية حولت "ديننا العظيم" إلى سلاح للقتل والنهب والإذلال للشعوب التي احتلته.

 بل ويستخدمون هذه الكذبة ليس فقط لخداع المسلمين "الغلابة"، بل ويتم استخدامها أحياناً لخداع الغرب. فقد استخدمها الكاتب الكندي فيصل كويتي ليناصر ليهدأ من الإنزعاج الشديد في كندا، من محاولات إسلاميين تجريم أي انتقاد للإسلام والإسلاميين. فقال إن الشريعة تعزز رفاهية الإنسان... وتنوع الأراء معترف به في الفقه الإسلامي. واستند إلى هذه الجملة التي قالها محمد عبده للتدليل على عدم وجود تناقض بين الإسلام وبين كندا العلمانية!.

https://www.thestar.com/opinion/commentary/2017/02/20/factors-to-consider-about-sharia-law-and-m103.html

 الغرب لم يتقدم بسبب أي دين، ولكنه تقدم وأصبح لديه هذه الحضارة لأنه أسس دولا علمانية ديمقراطية غير دينية، وسنرى هل لها أي علاقة بما قاله إمامنا "محمد عبده" وغيره كثيرون: 

*الإسلام الذي علموه لنا يقول إن تطبيق الشريعة (قطع يد السارق، رجم الذاني، قطع ارجل وأذرع المفسدين في الأرض من خلاف .. الخ).

+الغرب لا يطبق أي قوانين فيها اعتداء جسدي على المجرم، ويعتبر هذا ضد الإنسانية، ومعظم الدول الغربية ألغت عقوبة الإعدام. اعتمدوا قوانين تقترب كثيراً من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

*الإسلام الذي علموه لنا (بالتأكيد ليس هو ديننا العظيم) إذا تم نقد "الإسلام" أو السخرية منه أو من سيدنا النبي محمد (ص)، فواجبنا الديني هو حماية الله ورسوله ب"قتل" من فعل ذلك، أي قتل المخالفين في الرأي. أظنك تتذكر على سبيل المثال مذبحة جريدة "شارل إيبدو" حيث قتل إرهابيون مسلمون كثيرا من صحفييها في صالة التحرير، لأنها نشرت انتقاداً ساخراً لسيدنا النبي محمد (ص). كثير من المسلمين بحثوا عن مبررات للقتلة الذين قتلوا "الكفرة". وحتى المسلم "المعتدل" برر القتل بأنه "ميصحش برضه" انتقاد أو السخرية من "ديننا". لذلك لم تخرج أي مظاهرة من مسلمين، للتنديد بهذه الجريمة وغيرها من الجرائم.

 كما أننا نسجن كما تعرف أي مفكر مسلم ليس لأنه ينتقد القرآن، بل لأنه مثلاً ينتقد البخاري (هو بني آدم زي وزيك) مثلما حدث مع إسلام البحيري والشيخ محمد عبد الله نصر، وذلك باستخدام  قانون "ازدراء الأديان"، و"الجريمة" التي ارتكبها هؤلاء هي محاولتهم هدم الأساس الديني  الإسلامي للإرهاب.   

+الغرب ليس فيه قداسة لأي دين ولا للأنبياء ولا للصحابة (الحواريين)، بما في ذلك دين الأغلبية وهي المسيحية. المحظور الوحيد  هو نشر الكراهية والعنصرية والتحريض ضد أصحاب أي دين أو مذهب. أما الدين نفسه فمن حقك ليس فقط أن تنتقده، ولكن حتى أن تلعنه وتشكك فيه. فالأفكار لن يؤذيها أن يتم انتقادها و السخرية منها. لعلك تتذكر رواية وفيلم "شفرة دافنشي" الذي يهدم أساس العقيدة المسيحية السائدة. لم يتم المنع بتهمة "ازدراء الأديان". كل ما فعلته الكنيسة الكاثوليكية (الفاتيكان)، هو الدعوة لمقاطعة الفيلم.

*علمونا أن الإسلام يقدس ويحترم الرموز"خد عندك" علماء الدين الإسلامي بالطبع (دم العلماء مسموم) وسياسيين وشخصيات تاريخية، مثل القانون الذي يتردد أن البرلمان سوف يقره لحماية الرموز التاريخية!. لعلك تتذكر الضجة الكبيرة التي ثارت عندما قال الدكتور يوسف زيدان إن صلاح الدين الأيوبي "مجرم"، اتهموه ب"تخريب وعي الأمة" و"هدم الثوابت". ولعلك تتذكر سجن إسلام بحيري لأنه انتقد بحدة البخاري وتم سجن الشيخ محمد عبد الله نصر.

+في الغرب لا توجد أي قداسة لأي شخصية تاريخية، سواء كانت رجال دين أو غيرهم .. لماذا؟ القداسة فقط للمواطن العادي، وتدخل السجن لو انتهكت حياته الخاصة. لكن الشخصيات العامة التي رغبت في العمل العام، فعليها أن تتحمل النقد والسخرية. تحطيم هذه القداسة هو الذي يجعل عقل ووجدان هذه الشعوب يتخلص ويتبرأ من الجرائم ليصبح أكثر إنسانية.

 سأعطيك مثالاً: الحكومة الكندية الحالية التي تنتمي للحزب الليبرالي اعتذرت أكثر من مرة للسكان الأصلييين بسبب المجازر التي ارتكبها الغزاة في حقهم. من المهم أن أنبهك أن هؤلاء "الغزاة" هم الذين وضعوا أسس هذا البلد العظيم. ومع ذلك فلا قداسة لهم، ولابد للمجتمع أن يتبرأ من جرائمهم، ولابد أن يعوض السكان الأصليين الحاليين عن ما حدث لأجدادهم. لن تجد أحدا هنا يتحدث عن "رموز الأمة" ويحذر من هدم "ثوابت الأمة"، أو الذين يفعلون ذلك عملاء وخونة يشاركون في مؤامرة خارجية لهدم كندا !!.

 المسلم حتى الآن يرفض الإعتراف بالجرائم التي ارتكبها "الغزاة العرب المسلمون" القادمون من الجزيرة العربية ودمروا وحطموا حضارات عظيمة مثل الحضارة المصرية القديمة وحضارة الأمازيغ. بل وللأسف هناك من يعتبر هذه الجرائم جزءاً من الدين! 

* تعلمنا تقديس أفعال الأب والأم ورئيسك في العمل .. الخ .. مد الخط على استقامته الى أن تصل إلى الرئيس أو شيخ الأزهر أو البابا .. الخ. نعتبر أن هذا نوع من الإحترام الأخلاقي والديني ل"الكبير"، وأن هذا يحفظ تماسك المجتمع بدلاً من الفوضى الأسرية أو التفكك الأسري اللذين يعاني منه الغرب.

+ في الغرب  لابد من احترام  الأب أو الأم أو لرئيسك في العمل .. وأن تحترم كل الناس . لكن ذلك لا  يعني أنهم  أصحاب سلطة مطلقة عليك، ولا يعني بالطبع عدم انتقادهم باحترام. في كندا التي أعيش فيها منذ سنوات ليس للأب والأم سلطة مطلقة على الأولاد .. فاذا تم أي اعتداء جسدي (ضرب يعني)  على أولادك "اللي خلفتهم"، غالباً ستدخل السجن، وإذا مارست عنفا لفظيا ستقع في مشاكل، وفي حالة وجود أي عنف يهدد حياة الطفل الدولة ستأخذه منك وتربيه هي.  وإذا تخاذلت في الإنفاق على أولادك ستأخذهم منك الدولة لأنها تدفع لكل طفل مرتبا شهريا حتى يصل إلى سن 18 عام. وتنتهي السلطة القانونية للأب والأم  عندما يصل الولد أو البنت 16 عاماً.

 نحن لم نعتد على ذلك، بل وربما نراه ضد الدين، أو ضد المجتمع. مؤكد أن هذا له عيوب ، لكنه من جانب آخر، يدرب الأب والأم على الكيفية التي يقنعون بها أولادهم دون عنف. ويصنع من الأولاد شخصيات مستقلة تستطيع أن تنتقدك دون خوف، شخصيات قادرة على الإبداع بحرية، وهذا الإبداع هو الذي يجعل هذه الدول تعيش في تقدم ورفاهية.

*نحن تربينا على أننا لابد أن نعيش في دولة إسلامية، فهي "الجنة الموعودة". بل وتربينا على أن الإسلام يأمرنا بإقامة هذه الدولة، ليس في بلادنا فقط ولكن على كل الكرة الأرضية "أرض الله"، لذلك تجد عندنا في مصر مثلاً وزارة الأوقاف أو الأزهر ينفقون مليارات من أموال دافعي الضرائب، ومن بينهم غير مسلمين.  هذه المؤسسات "الإسلامية" مشغولة بمحاربة الإلحاد مثلاً أو مشغولين بالتبشير الإسلامي، وأن "تمشي" الدولة والمجتمع على الصراط المستقيم "بتاعهم". ولأن الدولة عندنا مسلمة، فمحرم التبشير بأي دين آخر مثل المسيحية والبهائية. بل ومحرم حتى  التبشير بالمذاهب الإسلامية الأخرى مثل الشيعة أو العلوية أو غيرهما. فهي دولة سنية. وفي إيران ذات الأمر الدولة شيعية، فمحرم التبشير بالإسلام السني وهكذا.  

+الغرب ليس فيه دولة مرجعيتها المسيحية، رغم أن الأغلبية كما تعرف مسيحيين. الدولة لا دين لها، لأنها يجب أن تكون على مسافة واحدة من كل الأديان. الدولة ليس مهمتها أن تدخلك الجنة "غصبا عنك" . كندا لا تنفق دولاراً واحداً على نشر المسيحية  ولا التبشير بها، ولا بناء الكنائس، ولا مهمتها بالطبع محاربة الإلحاد ولا غيره من العقائد الدينية المخالفة للمسيحية. مهمة مؤسسات الدولة والحكومة الوحيدة هي حماية حقك في أن تعتنق ما تشاء من أديان وأفكار. لو أردت أن تعبد شجرة وتقيم لها معبداً، ستحمي هذا الحق، وترحب بإقامة معبدك. لذلك لا يوجد أي تمييز ضد أصحاب أي دين. هنا الأغلبية المسيحية لا تضطهد المسلمين وتمنعهم من الصلاة دون ترخيص. المحظور في كندا هو مخالفة القانون فقط لا غير. من حقك أن تبشر بدينك وتلعن الأديان الأخرى، لكن دون التحريض ضد المتدينين الذين يؤمنون بدين آخر.

 أرجو ألا تصدق الأكذوبة الكبرى التي اخترعها الإسلاميون في الغرب وهي "الإسلاموفوبيا"، يقصدون "الخوف المرضي" من الإسلام، ووجود عداء ممنهج ضد الإسلام، فهذه أكاذيب. مؤكد هناك خوف من الإسلام والمسلمين، لكنه رد فعل طبيعي وليس "مرضيا" لكن بسبب جرائم الإرهابيين المسلمين. طبعاً توجد انتهاكات ولكنها فردية، ومؤكد "إن ربنا بيحبك" لو تعرضت كمسلم لتمييز أو انتهاك لحقوقك. من فعل ذلك سيدخل السجن وستحصل أنت على تعويض ضخم يغير حياتك. حكومة كندا دفعت للمسلم عمر خضر تعويض 10 مليون دولار لأنها تخلت عنه عندما كان معتقلاً في سجن غوانتانامو، عندما كان عمره 15 عاماً. خضر كان متهماً بارتكاب جرائم حرب (قتل جنديا أمريكيا وتسبب في فقدان بصر جندي آخر). حصل المسلم عمر خضر على هذا التعويض الضخم رغم أنه متورط في جرائم إرهابية والسبب أن الدولة لم تقم بواجبها تجاه طفل كندي. القضاء أمر بالتعويض والحكومة لم تعرقل ونفذت رغم معارضة ثلثي الكنديين، ورغم أن عمر كان منتمياً لتنظيمات ارهابية دون شك. إنه القانون سيف على رقبة الجميع.

*تربينا على أن المثلية الجنسية جريمة ضد الدين ولابد من عقاب من يفعل ذلك.

+في  كندا والغرب من الممكن أن يكون من بين جيرانك متحولون جنسياً أو امرأتان متزوجتان أو رجلان متزوجان . في كندا لهم يوم في السنة ينظمون مظاهرة ضخمة للتعبير عن وجودهم ولطرح مطالبهم. رئيس الوزراء الكندي الحالي جوستن ترودو يحضر هذه الفعاليات. الحكومة الكندية الليبرالية اعتذرت لهم عن الإساءات والتمييز الذي تمت ممارسته ضدهم في الجيش الكندي وبالطبع ستكون هناك تعويضات. هؤلاء في الغرب مواطنون مثلك وإذا حدث واعتديت على أحد منهم لفظياً أو يدوياً سيكون مصيرك المؤكد السجن. هناك مرشح من حزب المحافظين لإنتخابات البرلمان الفيدرالي الحالي، تم استبعاده لأنه كتب "هؤلاء مرضى لابد من علاجهم". هذا يحدث رغم أن هناك قطاعات في المجتمع الكندي لا ترحب بهم. ورغم أن  الأغلبية مسيحيون والإنجيل يحرم المثلية الجنسية. أسرة كندية من جيراني، كانت ابنتهم مثلية وكانوا يعربون لها عن استيائهم فقط لا غير، لأنهم لو حبسوها أو ضربوها .. الخ سيكون المصير السجن.

*تربينا على أن العلاقات الجنسية خارج مؤسسات الزواج  الشرعية محرمة، حتى لو كانت بالتراضي ومعلنة. و تربينا أيضاً على أن العلاقات الجنسية المؤقتة محرمة  (زواج المتعة عند الشيعة وهو حلال). مؤكد أنت تعرف العقوبة، رجم الزاني والزانية المحصنين، وجلد غير المحصن.

+ في الغرب لا يوجد أي قانون يحرم ذلك. المحرم هو الإغتصاب للرجل أو المرأة. أو استغلال حالة المرأة أو الرجل (سكران مثلا ) في إقامة علاقة جنسية، هذا مجرم قانوناً، يعتبرونه اغتصابا. كما أنهم لا يقبلون حتى أن تمارس الجنس مع زوجتك دون إرادتها أو العكس. المسموح به هو إقامة علاقة جنسية بالتراضي، بين رجل وامرأة أو بين أي رجلين أو امرأتين بالتراضي.

 لا تصدق من يقول لك إن في الغرب فوضى جنسية. هناك محددات أخلاقية وقانونية. هناك أمور مرفوضة حتى لو كانت بالتراضي، مثل إقامة علاقة جنسية مع بنت أو ولد قاصر. فعلها عضو مجلس الشيوخ الكندي وتم إجباره على تقديم استقالته. مدرسة حكم عليها القضاء ب 30 سنة سجن لأنها أقامت علاقة مع طالب قاصر. المجتمع يستنكر أن يقيم أستاذ جامعي مثلاً علاقة مع طالبة عنده، حتى لو لم تكن قاصرة، أيضاً مع رئيسك أو رئيستك  في العمل، لأن في ذلك شبهة استغلال المنصب.  كما أنه مستهجن أيضاً أن تقيم علاقة مثلاً مع فتاة وأنت لديك "جيرل فرند"  أو العكس، يعتبرونها خيانة، مثل الخيانة الزوجية.

*تربينا على أن المسلم هو المواطن الأول في بلادنا، هو الأعلى، والبلد بلده، فمصر "إسلامية" لأن أغلبية من يعيشون فيها مسلمون. أصحاب غيره من الأديان رقم عشرة، يتم التمييز ضدهم بمختلف الأشكال و الأصناف. وإذا حصلوا على أي حقوق فهذا من باب كرم المسلم، وليس لأنهم مواطنون مثله. لذلك فأمر عادي للمسلم أن يتم حرمان غير المسلم من العمل في العديد من مؤسسات الدولة، بل وحتى التعلم في أقسام النساء والتوليد في كليات الطب.  وإذا قتل المسلم مسيحيا أو بهائيا أو ملحدا ... الخ لا يتم القصاص منه بالقتل (لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ).

+في الغرب، وكندا على سبيل المثال، الأغلبية مسيحية كاثوليكية ومع ذلك لا يوجد أي تمييز على الإطلاق بين هذا المسيحي الكاثوليكي وغيره من المهاجرين من أديان وعقائد أخرى. والدستور والقوانين الكندية لا تقول إبداً بأنها مسيحية كاثوليكية، ولا يترتب على أن أغلبيتها مسيحية أي شيء أو أفضلية من أي نوع. فحقوق وواجبات الكنيسة مثل المعبد مثل المسجد مثل أي دار عبادة من أي نوع. وحقوق المسيحي مثل غيره من المواطنين بمن فيهم الملحدين.

فهل كل ذلك له علاقة من قريب أو بعيد ب"إسلام" الشيح محمد عبده؟

بالقطع لا.

 *هل هذا يعني أنني أوافق على كل ما يحدث في الغرب؟

بالطبع لا، على سبيل المثال تجريم التشكيك في الهولوكست، المجزرة التي قام بها هتلر ضد اليهود في ألمانيا. بالطبع بعض السياسات الخاطئة من قبل الحكومات الغربية تجاه شعوب الشرق الأوسط...الخ. بعض السلوكيات الإجتماعية ... الخ. لكن هدفي أن أوضح لك مدى كذب هذه الجملة التي بدئت بها المقال.

*هل هذا يعني أن المسلم لا يستطيع العيش سعيداً في هذه البلاد؟

 يستطيع بالطبع، لو كان من النوعية التي ترى أن الإسلام علاقة خاصة بينك وبين الله، الإسلام هو طريقك الخاص إلى الله فقط. فستجد حريتك الدينية في الغرب أكثر بكثير من أي دولة "إسلامية". 

 أما إذا كنت من النوع الذي يؤمن بأنه كمتدين مطالب بأن يحمي الله ويقيم دولته على الأرض سوف تعيش تعيساً.  لو كنت من النوع الذي يرى أن وظيفته هي أن "يحجب" كل النساء، وأن يمنع كل ما هو مخالف لما يتصوره الدين، فسوف تعيش تعيساً، لأنك ستحمل نفسك بكراهية للآخر المختلف معك في الدين وفي السلوكيات، كما أن أسرتك ستكون تعيسة مثلك دون شك.

*هل هذا يعني أن الإسلام لا يستطيع إقامة دولة متقدمة مثل الغرب؟

 لا الإسلام ولا غيره يستطيع إقامة دولة متقدمة، فالدول ذات الطابع الديني سواءً كان مسيحيا أو إسلاميا فشلت فشلاً ذريعاً، ولم تحقق سعادة الإنسان. وانظر إلى الدول ذات الطابع الإسلامي حولك، مثل السودان وباكستان والسعودية وغيرهم.

لذلك فالحل الذي وصلت إليه الإنسانية هو الدولة العلمانية الديمقراطية. هناك اجتهادات عظيمة في الإسلام تمكننا من ذلك. مع التأكيد على أن الدين اختيار فردي،  وأمامك الدول التي تقول إنها تطبق الإسلام أو بعضا منه، دول فاشلة وشعوب تعيسة. لكن الغريب أنك إذا خيرت "الإسلامي" و"المسلم" الذي يؤمن باقامة دولة الله على الأرض بين أن يعيش بجوار بيت الله الحرام و المسجد النبوي، وبين أن يعيش في "الغرب الكافر" سوف يختارون "الغرب الكافر". لأنه يعرف أنه سينال حريته ويعاملونه ك"إنسان"، بل وسوف يعطونه جنسية بلادهم. لذلك لم يلق السوريون بأنفسهم في البحر لكي يصلوا إلى السعودية أو باكستان، لكنهم عرضوا أنفسهم للموت للوصول إلى الغرب.

 الغريب أن الإسلاميين يلجؤون إلى هذه البلاد لأنها علمانية، لو كانت دولا دينية مسيحية ما هاجروا إليها. ثم بعد ذلك يريدون هدم علمانيتها التي منحتهم الحرية والرفاهية، لكي يقيموا "دولة الإسلام" والتي من المؤكد أنها ستكون مثل دول فاشلة منها  "باكستان" و "بنجلاديش" و"السودان".

 إنهم يتصورون أنهم لو حكموا هذه البلاد سوف تظل غنية، وهذا كذب. فهذه الدول غنية لأنها نجحت في تنمية ثرواتها ونجحت في تحقيق الرفاهية لشعوبها لأنها دول علمانية. فالثروة وحدها لا تصنع تقدماً حضارياً (انظر من فضلك إلى الدول البترولية الغنية في الشرق الأوسط وانظر إلى فنزويلا في أمريكا اللاتينية)، فالثروة يمكن أن تضيع، لكن الغرب وكندا مثلاً سبب ثرائهم هو الكيفية التي يديرون بها ثروات البلد، وبالتالي تنمو وتزداد رفاهية الشعوب. بنوا بلدا علمانيا يقدس الحريات الفردية والعامة.

 لذلك من المدهش أن الشيخ محمد عبده وغيره من الإسلاميين (أسميهم الإرهابيين المسلحين وغير المسلحين) يقولون إن سبب تقدم الغرب هو "إسلامهم"، إنه استعلاء الجهلاء، الذين لا يريدون الإعتراف أن تقدم الغرب سببه المواطن الغربي، بجهده وعرقه وثقافته وعلمانيته وحضارته.  

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*