دخل الخلاف بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وجماعة الإخوان المسلمين في بلاده، مرحلة جديدة بعد أن قررت رابطة علماء موريتانيا أن تحذو حذوه وتسانده في ظل الانتقادات التي تشمله. وقال علماء موريتانيا في بيان إنه من "الخطأ نصح الحاكم علانية، لأن ذلك يمكن أن يتسبب في مشاكل كثيرة قد يكون بعضها أشد من القتل"، معتبرين أن توجيه النصح للحاكم علانية يؤدي إلى "تجاسر العوام على الحكام".
يأتي البيان الذي أصدرته الرابطة في 4 أكتوبر، بعد خطبة أثارت جدلاً واسعاً في موريتانيا ألقاها الشيخ محمد الحسن ولد الددو، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وجه فيها نصائح للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، بعد اتهامه الإسلاميين في بلاده بالتطرف والإرهاب.
ويعد ولد الددو واحداً من أبرز الشخصيات الدينية في موريتانيا، وله الكثير من المتابعين.
وكثيراً ما يؤكد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أن "الإسلام السياسي قضى على العالم العربي"، كما سبق أن أعلن أن إسرائيل كانت أرحم من التيار الإسلامي على العرب، قائلاً إن حربَيْ 67 و73، لم تفتكا بهم كما فتكت بهم أفعال الإسلاميين، حسب قوله.
وقالت رابطة العلماء في بيانها الذي حمل توقيع رئيسها الشيخ حمدا ولد التاه إن "ما يثار هذه الأيام يحتاج إلى توضيح لبعض النقاط"، متابعة أن "الحرية لها ضوابط شرعية لا يجوز لها أن تخرج عليها"، مشيرةً إلى أن "ما يقوله غير المسلمين لحكامهم لا يجوز للمسلمين أن يقولوه لحاكم إسلامي يحكم دولة إسلامية".
وأشار بيان الرابطة إلى أن "الحاكم المسلم عرضه محفوظ وطاعته واجبة"، مضيفاً أن الحرية "لا تصل في الشريعة إلى الخروج على الحاكم بقول أو بفعل".
وبررت الرابطة دفاعها عن الرئيس الموريتاني بأن "عدم المنازعة لا يقتضي مناصرة العلماء، فلا تقع مناصرتهم إلا إذا وجدت مبرراتها"، مشيدةً بما قام به الرئيس محمد ولد عبد العزيز من "المواقف الإسلامية والعمل الجاد والإنجازات البناءة الملموسة التي لا ينكرها إلا مكابر أو معارض، ما يقتضي المناصرة والمعية والوقوف معه".
حملة ضد الرئيس ثم حملة لأجله
يأتي بيان الرابطة رداً على ما يمكن أن نعتبره حملة قامت بها جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا ضد الرئيس الموريتاني وحكومته، بسبب مواقفه المعارضة لنفوذ الإسلاميين في بلاده.
ويوم 20 سبتمبر الماضي توعد الرئيس الموريتاني إسلاميي موريتانيا بإجراءات "في الوقت المناسب" لم يفصح عنها، قائلاً إن "الإسلاميين تسببوا في جميع المآسي التي وقعت في البلدان العربية، وكانوا سبباً في خراب بلدان كثيرة". كما وجه اتهامات لحزب "تواصل" المحسوب على الإخوان بالتطرف والإرهاب.
واتخذت تهديدات الرئيس الموريتاني شكلاً عملياً بعد أن أغلقت السلطات الموريتانية مركز تكوين العلماء المحسوب على جماعة الإخوان، والذي يترأسه الشيخ محمد الحسن ولد الددو. والذي سحبت الحكومة الترخيص منه، بتهمة "نشر التطرف والغلو، وتلقي أموال مشبوهة من جهات دولية معادية للنظام". كما أغلقت السلطات جامعة عبد الله ابن ياسين، وهي مؤسسة علمية يترأسها أيضاً ولد الددو.
وقالت الرابطة في بيانها إن منح الترخيص أو سحبه "مسائل إدارية إجرائية داخلة في حيز المباح، والسلطة هي التي تقدر المصلحة في الإعطاء أو الأخذ، فمنح الترخيص في الأصل ليس بواجب وسحبه ليس بحرام"، وانتقدت الرابطة من قالت إنه "يتكلم باسم الإسلام، ويحرك العواطف غير المفقهة، ويقول هذا حرام".
وخلصت رابطة العلماء في بيانها إلى القول إن "موقف العلماء من الحكام هو في الأصل مسايرتهم وعقد بيعتهم، والنصح لهم والدعاء لهم، حفاظاً على وحدة الأمة، وحماية كيانها وأمنها واستقرارها"، مشيرة إلى أن "الخروج على الحكام والتشهير بهم، فليس من النصح ولا يسمح به الشرع، وأما نصح الحاكم علانية فلا يفيد إلا تجاسر العوام على الحكام، وما يسبب من فتن ومشاكل أشد من القتل".