السيسي والأزهر في الطريق إلى التصادم الرئيس قال «أنت يا سيدي الشيخ تتعبني» وهذه رصاصة البداية - مقالات
أحدث المقالات

السيسي والأزهر في الطريق إلى التصادم الرئيس قال «أنت يا سيدي الشيخ تتعبني» وهذه رصاصة البداية

السيسي والأزهر في الطريق إلى التصادم الرئيس قال «أنت يا سيدي الشيخ تتعبني» وهذه رصاصة البداية

صحف عبرية

لقد ملّ الرئيس المصري من المؤسسة الدينية الاهم في مصر (وربما في العالم الإسلامي). بعد أن أوضح لشيخ الازهر بكلمات فاضحة، «أنت، يا سيدنا الشيخ، تتعبني»، خرج وزير التعليم طارق شوقي في الشهر الماضي بتصريح دراماتيكي يقول إن في نية وزارته فحص دمج نظام التعليم في الازهر مع نظام التعليم العام.
هذا كان بالون اختبار انفجر بشدة. لا أحد يفكر بشكل جدي أنه سيكون بالامكان القيام بهذا الدمج الذي يعني جهازا واحدا للتعليم، يكون فيه للطلاب حرية الاختيار في كل ما يتعلق بالتعليم الديني، مقابل الوضع في مدارس الازهر، التي فيها التعليم الديني هو أمر الزامي. معنى ذلك عمليا إلغاء نظام التعليم الازهري، الذي يتعلم فيه حوالي مليوني طالب في مختلف المستويات. وزير التعليم نفسه سارع إلى نفي وجود هذه النية، رغم أنه طرحها أمام لجنة التعليم البرلمانية، لكن من الواضح للجميع أن الامر يتعلق برصاصة تحذير في هذه الاثناء في الهواء، لكنها رصاصة يمكن أن تعطي اشارة على وجهة النار.
الازهر ليس فقط مؤسسة دينية مهمة، بل هو يسيطر على حوالي 9 آلاف مؤسسة تعليمية، بدءاً من رياض الاطفال وحتى الجامعات. وقيادته لا تسحب يدها من العمل في السياسة. هذا كان عندما رفض رئيس الازهر القول بأن داعش هو تنظيم كافر، بزعم أن «المسلم حتى لو كثرت اخطاؤه لا يمكن أن يكون كافراً»، وعندما وجه الانتقاد لعبد الفتاح السيسي عندما أمر الاخير بتفريق مظاهرات الاخوان المسلمين ضده في 2013 بالقوة.
المناكفة الشديدة بين الرئيس المصري ورئيس الازهر وصلت إلى الذروة في شباط/فبراير 2017 عندما أراد السيسي سن قانون يمنع الطلاق الشفوي. الازهر قال في حينه إن الطلاق الشفوي يسري حسب الشريعة الإسلامية ولا يجب أن يلغى. وفي هذه السنة أغضب رئيس الازهر السيسي عندما رفض الالتقاء مع نائب رئيس الولايات المتحدة، مايك بينس، على خلفية قرار ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل. السيسي الذي وضع هدفا له يتمثل في خلق حوار ديني جديد وحديث ومعتدل، بحيث يقيم أسواراً دفاعية ضد الإسلام المتطرف، اكتشف فجأة أن المؤسسة التي تعطيه الشرعية الدينية تضع العصي في دولاب سياسته المؤيدة لأمريكا.
الازهر الذي تأسس في القرن العاشر، وكان منذ ذلك الحين عنصر جذب لطلاب ومفكري شريعة إسلاميين من كل العالم، تصرف مثل مؤسسة مستقلة حتى العام 1961. وفي حينه تحول بواسطة قانون سنه جمال عبد الناصر إلى جزء من الجهاز الحكومي. في المقابل حصلت المؤسسة على صلاحيات فرض الرقابة الدينية على كل فروع الثقافة، وكذلك صلاحية لادارة جهاز تعليمي مستقل، يشمل انشاء كليات للهندسة والطب والتجارة اضافة إلى الكليات الدينية.
على مدى السنين كان الازهر معرضاً لانتقادات شديدة من فقهاء الشريعة وحركات إسلامية راديكالية، اعتبرت التكافل بينه وبين النظام أمراً شاذاً يتناقض مع الشريعة. ورغم الانتقاد خرج الطرفان رابحين من هذه العلاقة المتبادلة. ولكن عندما بدأت بالخروج من داخل الازهر اصوات تعارض سياسة الرئيس، ولا سيما معارضة توجه «الخطاب الجديد»، أظهر السيسي مخالبه ووجه الانتقادات لمؤسسة الازهر.
لا شك لدى أحد أن اقتراح وزير التعليم دمج الجهازين التعليميين تم توجيهه من قبل السيسي. العاصفة التي ثارت في الخطاب العام تبرهن على الخوف الذي أثارته في المؤسسة نفسها.
«الاقتراح يعارض القانون»، قال مدير عام الازهر، عباس شومان. «هذا القرار لا يمكن أن يأتي من وزير التعليم، لأن رئيس الوزراء هو المسؤول عن الازهر»، شرح المتحدث بلسان الازهر، أحمد زارع. اضافة إلى المعارضة الاجرائية فإن جهاز التعليم للازهر هو مصدر هام للمداخيل، واذا تم دمجه مع الجهاز التعليمي العام سيفقد رؤساؤه ومعلموه ومفتوه مصدر دخلهم. وفي محاولة لمنع سوء المصير الذي لم يولد بعد، شرح المتحدثون باسم الازهر أن المؤسسة هي مركب هام للقوة غير العسكرية لمصر، حيث يأتي اليها طلاب من اكثر من 105 دول، ويوجد من بين خريجيه رؤساء دول ووزراء.
ادعاء آخر موجه نحو معارضي الازهر الذين يقفون من وراء طلب الدمج: «الحديث يدور عن علمانيين يعارضون أن تصبح مصر دولة تقودها القيم، وهم يريدون هدم السور الذي يضعه الازهر في طريقهم». اضافة إلى ذلك فإن دمج الاجهزة، يقدر المعارضون له، سيتسبب في عدم اختيار الطلاب تعلم الدين وسيفضلون التركيز على المواضيع الالزامية التي يفرضها النظام العام، وهكذا سيفقدون التراث الديني الذي هو جزء من الهوية القومية. الادعاء المضاد يقول إن مؤسسة الازهر تجذب اليها الطلاب الضعفاء الذين يجدون صعوبة في مواجهة مطالب نظام التعليم العام، وبهذا يكرسون الضعف التعليمي والعلمي لمصر.
السيسي لن يغير قريبا نظام التعليم الضعيف في مصر، لكن سيف النضال ضد التيارات السلفية الراديكالية اصبح مرفوعا. الخطاب الديني الجديد أصبح جزءاً من الخطاب العام، واذا كانت هناك حاجة، فإن الرئيس سيفرض المضامين الصحيحة أيضاً على الازهر. وربما عندما يكون له وقت لذلك سيوافق على المجيء حتى إلى إسرائيل من اجل أن يقدم لها بعض النصائح في هذا الشأن.

تسفي برئيل
هآرتس 7/5/2018

2018

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*