من خلط بين الحكمة الإلهية والصوفية الوثنية؟ - مقالات
أحدث المقالات

من خلط بين الحكمة الإلهية والصوفية الوثنية؟

من خلط بين الحكمة الإلهية والصوفية الوثنية؟

بقلم الأخ رشيد

ليس من عادتي أن أدخل في جدال لاهوتي جانبي يثنيني عن الهدف الذي وضعته نصب عيني منذ اليوم الذي صرت فيه مسيحيا، لكن هناك بعض الأفكار تستوقف الإنسان وتلح عليه ألا يتركها جانبا لأنها تضرب صلب العمل الذي يؤمن به و يقوم به بل ويؤمن به الكثيرون من العابرين أمثالي الذين قاسوا وتحملوا وتألموا وتركوا بلدانهم وأهلهم مضطرين، فعلوا كل ذلك في سبيل تركهم للعقيدة الإسلامية وكل ما يتعلق بها، لم يقوموا بذلك كله لكي يأتوا إلى المسيحية فيجدون من ينادي بأن الطريق إلى الله هو الصوفية، وكأني بهم يقولون "واحسرة على كل ما قدمناه من تضحيات". وبما أن الفكر يجابه بالفكر فقد قررت أن أرد على بعض المقتطفات من كتابات الأخ ماهر فايز الذي يروج للصوفية أنها طريق العابد إلى الله، وأن هناك تصوف مسيحي، وأن الكثير من رجال الله المذكورين في الكتاب المقدس كانوا متصوفين بل صار الأخ ماهر يلقب نفسه بالمنشد الصوفي بدل المرنم، ويروج لمصطلحات صوفية لم تكن في يوم من الأيام جزءا من قاموس اللاهوت المسيحي.

يعتقد الأخ ماهر أن الصوفية ماهي إلا اشتقاق من كلمة "صوفيا" اليونانية التي تعني الحكمة، وأن الصوفي هو الشخص الساعي إلى هذه الحكمة، ويستدل من الناحية اللغوية على ذلك بكون الفلسفة مثلا هي "فيلو صوفيا" أي حب الحكمة، ثم ينطلق من هذا الأساس ليبحث في الكتاب المقدس عن أي مكان وردت فيه الحكمة فيغيرها إلى صوفيا موهما القارئ بأنها ترتبط في الآيات التي يستشهد بها ب"المعنى الصوفي" الذي يريد أن يضفيه عليها، فتتحول بقدرة قادر صوفيا إلى التصوف أو الصوفية ضاربا بعرض الحائط كل القواعد اللغوية.

وللرد أقول: إن الصوفية ليست من مشتقات الكلمة اليونانية Sophia، والدليل اللغوي كما يقول المستشرق الألماني تيودور نولدكه لا يسمح بذلك الاشتقاق، فالعرب حين ترجموا "Philosophia" لم يترجموها إلى "فيلوصوفيا" بل ترجموها إلى فلسفة بالسين وليس بالصاد، وحين ترجموا "سفسطة" ترجموها بالسين وليس بالصاد وهي مشتقة من كلمة "Sophisma" اليونانية والتي لها نفس الجدر "السوفيا" أو الحكمة، ولم تتم قط ترجمة الحرف اليوناني إس إلى صاد بل دائما حين يترجم إلى العربية يترجم بالسين وهذا ما تقره اللغة والمصادر العربية كما يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي، ويؤكد الدارسون للتصوف أمثال لويس ماسينيون أن التصوف ولد إسلاميا وتأثر بعوامل خارجية بعد ولادته (ص 55 تاريخ التصوف الإسلامي)، كما يرى الدكتور عبد الرحمن بدوي أن التصوف مشتق من لبس الصوف وهو بذلك يؤكد ما قاله تيودور نولدكه وغيره حتى من قدماء شيوخ التصوف أمثال أبي نصر السراج (تاريخ التصوف الإسلامي صفحات 13 إلى 20). إذن الأساس الذي بنى عليه الأخ ماهر نظريته أساس باطل من الناحية العلمية، وما بني على باطل فهو باطل.

نأتي إلى الأخطر، وهو أنه يفسر كل مرة وردت فيها كلمة الحكمة في أسفار العهد الجديد أنها تلك الحكمة الصوفية التي يدعيها، فمثلا يتحدث عن موسى ويقتبس ما جاء عنه في سفر الأعمال فيقول "فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَة (صوفيا- نفس الكلمة)ِ الْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ مُقْتَدِرًا فِي الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ." أعمال الرسل ٧: ٢٢. ثم يعلق قائلا "ما هي صوفيا المصريين التي تهذب بها موسى؟ هل تحدث الكتاب عن صوفيا إلهية أعلنها الله للمصريين القدماء في عهد الفراعنة؟! هل شهد الله نفسه انه مصدرها، أم لها مصدر آخر من قلب وثنية التاسوع المصري؟!" انتهى هنا كلام الأخ ماهر. موسى في نظر الأخ ماهر تعلم الصوفية "أو الحكمة الصوفية" وهي "علم الباطن" من المصريين، هذه الحكمة موجودة في الوثنية الفرعونية! فالله أودع سره حتى في الأوثان المصرية وموسى تعلم هذه الأسرار الوثنية من قلب التاسوع المصري، التاسوع الوثني. لا أدري هل الأخ ماهر غاب عنه أن كلمة الحكمة كانت في القديم تشير إلى الكثير من العلوم؟ فن الخطابة مثلا كان يسمى حكمة، والمعرفة الفلسفية تسمى حكمة والرياضيات والعلوم الطبيعية تسمى حكمة، والتخطيط الحربي يسمى حكمة، بل حتى الأشعار كانت تسمى حكمة ولذلك نسمي أسفارا معينة بأسفار الحكمة، والأمثال أيضا حكمة، بل حتى السحر كان يسمى حكمة. فليست كل حكمة هي فعلا حكمة. فموسى تعلم الحكمة المصرية بمعنى أنه تعلم علوم المصريين وصنائعهم لا وثنيتهم لأنه من الواضح جدا أنه كان عبرانيا أخذ الحكمة الإلهية من أهله العبرانيين لا من الوثنية المصرية.

لم يتوقف الأخ ماهر عند ذلك الحد، بل ادعى بأن سفر أيوب يحمل نفس المعنى، أي أن الله وضع حكمته في الآلهة الوثنية المصرية، وهنا يقول " يقول الرب يهوه لأيوب العربي(؟): "من وَضَعَ في الطخاء حكمة (صوفيا)؟" وتأتي الآية في الترجمة اليسوعية "من وضع الحكمة في أبو منجل!" أيوب ٣٨: ٣٦. وهي في الأصل العبري حرفيا "من وضع الحكمة في تحوت"! نعم "تحوت" إله الحكمة عند المصري القديم، ويُرمز له بطائر "أبو منجل" والتي شاء مترجمو فانديك الحكيم أن يترجمها (الطخاء) لأنها قريبة من تحوت لشيء في نفسه لا نعلمه، وعلى منواله مترجمو اليسوعية أشاروا فقط للرمز "أبو منجل" دون ذكر اسم تحوت الذي يملأ الآية بوضوح ودون تأويل وترميز!! فلا عجب أن تنشئ ترجمات كهذه تغلق باب معرفة الله على غير المتدين بديانة المترجم الوضعية، وتنفي وصول الحكمة (الصوفيا) للكل بلا استثناء وبوضع قرره الله لا الإنسان ولا الدين." (المقالات العشر في لاهوت المحبة الحر المقال 2 على 10 بعنوان : التصوف المسيحي).

يكاد المرء لا يصدق أن كاتب هذه السطور هو الأخ ماهر فايز، فهو يقول بأن الله أودع حكمته في الإله الوثني تحوت! وهنا أتوقف لأسأله ماهي الحكمة التي وضعها الله في وثن؟ نريد أن نعرف هذه الحكمة، هل تستطيع أن تحدثنا عنها وتشرحها لنا؟ أي حكمة توجد في وثن؟ ليس ذلك فحسب بل يقول بأن مترجمي الكتاب المقدس، غيروا معنى الكلمة في الترجمة عمدا لكي ينفوا وصول "الصوفيا" للكل بدون استثناء، وهو هنا لا يختلف شيئا عن المسلمين الذين يتهمون الكتاب المقدس بالتحريف دون دليل. فهو يفترض سوء النية في مترجمين أفنوا كل حياتهم في ترجمة الكتاب المقدس، ويتهم جمعية الكتاب المقدس التي لديها خبراء في كل اللغات ولديها لاهوتيين عظام يشتغلون ليل نهار على تدقيق الكلمات وفحصها كلمة كلمة، يتهم هؤلاء جميعا بأنهم تآمروا لكي يغلقوا باب معرفة الله أمام من يخالفهم الدين عوض أن يترجموا الآية "من وضع الحكمة في (الإله الوثني) تحوت" ترجموها "من وضع الحكمة في الطخاء". الأخ ماهر فضحهم الآن أمام الملأ، فهو يحب الوثنيين أكثر منهم ويريد لهم أن يخلصوا والآن كشف لنا السر، سر خلاص الوثنيين، كشف لنا تلك المعرفة الباطنية الصوفية، أن الله وضع سره حتى في الأصنام. قبل أن أرد عليه من ناحية الترجمة أريد أن أسأله: هل معنى ذلك أن الله وضع سره المكنون أيضا في الكعبة وفي الحجر الأسود؟ ما المانع إذن؟ إذا كان الله قد وضع سره في تحوت فليضعه في الحجر الأسود، وفي الصفا والمروة، وفي جبل عرفات، ولذلك لن نستغرب أن نرى يوما بدل لقب "المنشد الصوفي" لقب "مولانا الحاج ماهر قدس الله سره". كان علينا نحن المسلمين السابقين أن نبقى في الإسلام ونحج إلى بيت الله الحرام لنستمتع بتلك "الصوفيا" الإلهية المودعة في الحجارة والأوثان، كان علينا اختيار ذلك الطريق بدل الطريق الضيق والباب الضيق الذي يريد الأخ ماهر أن يوسعه غصبا عنه.

نأتي إلى الترجمة التي ادعى الأخ ماهر تحريفها، هل كل المترجمين اتفقوا على التحريف؟ هل كل المترجمين اتفقوا على حجب الصوفيا الإلهية عن الناس ولديهم رغبة في حرمان الناس من هذه الصوفيا؟ لوسلمنا لك بذلك عن الترجمات العربية هل سينطبق الأمر حتى على الترجمات الأجنبية؟ راجعت ثلاثا وثلاثين ترجمة باللغة الإنجليزية فوجدت أن جميع هذه الترجمات ولا واحدة منها قد استخدمت "تحوت الإله الوثني" فهل كل هؤلاء المترجمين لم يدركوا لاهوت المحبة الحر وتآمروا ضده وحرفوا الكلام لكي يحجبوا الصوفيا عن البشر؟ أخذت كتاب العهد القديم العبري الذي يحتوي على ترجمة بين السطور، والتي قام بها الأب بولس الفغالي والأب أنطوان عوكر، وجدت أنهما ترجما الآية "من وضع في البواطن حكمة؟" يبدو أن الأبوين بولس الفغالي وأنطوان عكر أيضا انضما إلى تلك المؤامرة الكونية ضد الصوفيا الإلهية التي وضعها الله في أوثان المصريين. ألا يعلم الأخ ماهر أن نفس الكلمة "طحوت" (وليست تحوت كما يقول) قد وردت في المزمور 51 الآية 6؟ الآية تقول "هَا قَدْ سُرِرْتَ بِالْحَقِّ فِي الْبَاطِنِ، فَفِي السَّرِيرَةِ تُعَرِّفُنِي حِكْمَةً"، الكلمة التي ترجمت الباطن هي نفس الكلمة "طحوت" التي يريد الأخ ماهر أن يفهمنا أنها الإله المصري تحوت الذي يملأ الآية بكل وضوح دون تأويل وترميز، فهل الأخ ماهر سيقول لنا أن هذه الآية الآن علينا أن نقرأها كالتالي " هَا قَدْ سُرِرْتَ بِالْحَقِّ فِي تحوت، فَفِي السَّرِيرَةِ تُعَرِّفُنِي حِكْمَةً."؟ إن كلمة طحوت ترجمت بمعان متعددة لكنها لغويا قريبة من الكلمة العربية "طَحية" التي تعني القطعة من الغمام (القاموس المحيط)، وقريبة أيضا من الطخاء والطخوة التي تعني "السحاب والظلام" (لسان العرب) ولذلك ترجمها البعض ب"الطخاء"، وترجمت "البواطن أو الباطن" لأنه مظلم أيضا، وبالتالي الآية تعني بكل بساطة أن الله وضع الحكمة في باطن الإنسان أو في ترجمة أخرى وضعها في السحاب لأنه يخضع لنظام معين وقوانين فزيائية معينة، هذا النظام أيضا حكمة إلهية. لا داعي لأدخل في اختيارات المترجمين لكنها كلها تتفق على أن الله وضع الحكمة إما في الإنسان أو في الحيوان أو في عناصر الطبيعة، لكنها ليست تلك الحكمة الصوفية التي يبحث عنها الأخ ماهر لكي يبرر لنا تصوفه ويجعله يبدو بالمظهر الكتابي، إنها الحكمة التي تظهر في النظام الذي خلقه الله إما في الكون أو في الإنسان أو الحيوان، فالسموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه (مزمور 19 آية 1)، وكذلك الإنسان والحيوان، وليس تحوت.

إذا كان الإله قد وضع الحكمة في الآلهة الوثنية لماذا غير هذا الإله رأيه؟ موسى "الذي تعلم الصوفيا الوثنية المصرية" بحسب كاتب المقال، منعه الإله بوصية من الوصايا العشر ألا يتخذ أي وثن إلها له حيث تقول الوصية "لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ" (خروج 20 آية 4) كان على موسى أن يعترض ويقول له، يارب، ألم تضع الحكمة في تحوت؟ لماذا الآن تحرم الأوثان والتماثيل؟ نفس الإله يغضب على شعبه حين صنعوا عجلا متشبهين بالأمم الأخرى ويقول بالحرف لموسى "اذْهَبِ انْزِلْ. لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ الَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. زَاغُوا سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ." (خروج 32 آيات 7 و 8) يبدو أن الطريق الذي أوصاهم به يختلف عن الطريق الذي يوصل له العجل وتوصل له الأوثان، هل اعترض موسى وقال له مثلا "يارب أنسيت أنك أنت الذي وضعت الحكمة في تحوت"؟ أتلوم شعبك على العجل وأنت الذي باركت أوثان مصر ووضعت فيها حكمتك؟ لقد أحرق موسى العجل وطحنه، ولام الشعب وسمى ما فعلوه خطية عظيمة، بل وقتل كثيرين ممن اشتركوا في تلك الخطية، يبدو أن موسى لم يتذكر صوفيا الأوثان التي تعلمها من المصريين. ولم يكن يعلم شيئا عن الصوفية التحوتية التي يتحدث عنها الأخ ماهر.

إن الأخ ماهر في مقالاته يكاد يردد بالحرف ما يقوله المتصوفة المسلمون، فابن عربي الشيخ الصوفي الأكبر، سلطان العارفين، قال مرة "لقد صار قلبي قابلا كل صورة، فمرعى لغزلان، ودير لرهبان، وبيت لأوثان، وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن" فدين الحب عند ابن عربي هو أن يكون قلبه قابلا لكل شيء، إنه هنا يتحدث عن لاهوت المحبة الحر، أو بالأحرى المتحرر من كل شيء، كل الطرق تؤدي إلى روما. ولذلك يختم قصديته بقوله "أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه، فالحب ديني وإيماني" لاهوت المحبة الحر! تعددت الكلمات والمعنى واحد. لكن أنا أقول لا ياسيدي، فقلبي ليس قابلا لكل صورة وليس بيتا لأوثان، ولا كعبة لطائف ولا مكان فيه للقرآن، فقلبي للمسيح وحده. إن ما يقوله الأخ ماهر إهانة لكل عابر، لأنه يجعل معاناتنا معاناة بلا معنى، فكثيرون منا تركوا الإسلام بكل طوائفه، السنية والشيعية، وبكل تفرعاته حتى الصوفية، فإذا به يصفعنا جميعا ويقول لنا أنتم لم تفهموا الصوفيا، الحكمة الإلهية، فالله وضعها حتى في الأوثان، إنه لا يهين معاناتنا فحسب بل يهين حتى دماء الشهداء الأوائل، الذين ماتوا رافضين السجود للأوثان، رافضين الاشتراك في الاحتفالات والعبادات التي كانت تقدم للأوثان، الذين رفضوا السجود للقياصرة وتأليههم، وفضلوا الموت على أن يعترفوا بأي من تلك الآلهة سواء البشرية منها أو الحجرية، الأخ ماهر يهين كل هؤلاء معتبرا إياهم جهالا لم يفهموا الصوفيا، لو فهموا لكانوا قد عرفوا بأن الله قد وضع في كل تلك الأوثان حكمته، وضعها في سيبيلي وعشتار وربما في اللات والعزى وحتما قد وضعها في تحوت.

لقد واجهنا الإسلام وعقائده منذ أن عرفنا المسيح، وبتلك المواجهة عرف الآلاف الحق، لن نقبل أن يأتي أي شخص ويستهين بما قدمناه وما ضحينا من أجله، ضحينا بالأهل والأوطان، تعرضنا للتهديد ونتعرض لحد الآن لخطر دائم بسبب تلك المواجهة، حملنا أكفاننا ومضينا نحو الهدف غير عابئين لا بالأخطار ولا بالانتقادات ولا بالشتائم والتهديدات، لن يساومنا أحد على حب المسلمين فهم أهلنا ونحبهم، لا نحتاج إلى لاهوت المحبة الحر المزعوم ليعلمنا المحبة، فالله محبة نتعلمها مباشرة من الإنجيل، لكن لا يمكن تحت ستار المحبة وعلى مذبحها أن نذبح الحق ونضحي به، فالتبشير يقوم على المحبة وعلى الحق أيضا، نعم نحب المسلمين لكن هذا لا يعني أن نجاملهم في العقائد ونتظاهر بأننا صوفيون مثلهم أو أننا سلفيون مثلهم أو أننا شيعة مثلهم، المحبة الحقيقية أن تحب الإنسان وتواجهه بالحق، المحبة المسيحية موجهة للناس لا إلى عقائدهم الفاسدة، مثلما أحب المسيح الخطاة لا خطاياهم.

وأخيرا أستعير ما قاله الرسول بولس، مستخدما بدل الحكمة نفس الكلمة "صوفيا" التي استخدمها الأخ ماهر "لأَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ (الصوفيا)، اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ. لأَنَّ الْيَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً، وَالْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً (صوفيا)، وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ. لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!" (كورنثوس الأولى 1 آيات 21 إلى 25) نعم ما يمكن أن يبدو جهالة للناس أحكم من صوفية الأخ ماهر، فالله لا يخلص الناس بالصوفية ولا بتحوت بل بيسوع المسيح.

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث