شمعي أسعد
للأولياء والقديسين مكانة كبيرة في قلوب المصريين، والموالد هي أكثر طرق التعبير الشعبي والوجداني عن تلك المكانة، حتى إنهم يخلدون سيرتهم وذكراهم في نحو 2850 مولداً، بحسب كتاب "قراءات في موسوعة المجتمع المصري" لعالم الاجتماع سيد عويس.
كرنفالات شعبية تكريماً للقديسين
تعتبر الموالد المصرية كرنفالات شعبية، لا أصل ديني لها سوى تكريم الولي أو القديس، فهي نتاج تراكم ثقافي يمتد لمئات السنين، ولا ترتبط بالضرورة بمناسبة ميلاد الولي أو القديس كما يوحي الإسم، فيقول الدكتور فاروق أحمد مصطفى، جامعة الإسكندرية، في كتابه "الموالد: دراسة للعادات والتقاليد الشعبية في مصر" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب:
"الغرض الأساسي الذي تقام الموالد من أجله، هو في الواقع تكريم أصحابها وإحياء ذكراهم، بصرف النظر عن مراعاة اليوم الذي ولد فيه صاحب المولد، وذلك لأن غالبية أولئك الأولياء لم نعرف تاريخ ميلادهم على وجه الدقة، كما لم يعرف أي شيء عنهم في طفولتهم وصباهم". كما يذكر أن المسلمين يشاركون الأقباط في هذه الاحتفالات فتبدوا وكأنها احتفالات وطنية عامة.
الموالد امتداد لاحتفالات مدن وقرى مصر القديمة بآلهتها، ومع مرور الزمن ودخول المسيحية ثم الإسلام، استعاض المصريون عن الآلهة القديمة بالقديسين والأولياء
والموالد تعود في جذورها إلى احتفالات مصرية قديمة، ففي كتابه الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بعنوان "مقدمة في الفولكلور القبطي"، يقول الباحث عصام ستاتي:
"ظاهرة الموالد في مصر قديمة قدم مصر نفسها، فالاحتفال بالموالد تقليد راسخ يرجع إلى عصر الحضارة المصرية القديمة، فالموالد امتداد لاحتفالات مدن وقرى مصر القديمة بآلهتها ورمز لها، ومع مرور الزمن ودخول المسيحية ثم الإسلام إلى مصر، استعاض المصريون عن الآلهة القديمة بالقديسين والأولياء، واتخذوا منهم رموزاً للمدن والقرى وأصبحوا يتبركون بهم بوجود مقاماتهم وأضرحتهم".
أما عن الموالد القبطية، فهي في أصلها إحياء ذكرى استشهاد أو نياحة (وفاة) القديس صاحب المولد، وتمتد بطول مصر وعرضها، من مولد "العذراء" بجبل درنكة بأسيوط، إلى "مار جرجس" كفرالدوار، مروراً بمولد "الست دميانة" بمنطقة براري بلقاس بالدقهلية، حتى مولد "الأنبا شنوده" بسوهاج.
طبيعة الموالد المسيحية
في العدد السادس من سلسلة كراسات قبطية التي تصدرها مكتبة الإسكندرية، تحت عنوان "الموالد القبطية"، يرصد الباحث أشرف أيوب معوض، طبيعة الموالد المسيحية بعدة مظاهر، منها:
-1يتم الاحتفال بمولد القديسين في ذكرى نياحتهم، وهو اليوم الذي أتم فيه البطل جهاده، ولا يهم الكنيسة يوم الولادة، فهو يوم لا يقترن بأي بطولة أو إعجاز.
-2زفة الأيقونة: وهي أهم ما يميز الموالد المسيحية، وهذه الأيقونة صورة للقديس، وتختلف عن الصورة العادية، لأن الأيقونة لها صبغة طقسية وعقائدية، ويصلى عليها قبل وضعها في الكنيسة، ويحمل الأيقونة نفر من الشمامسة، يتقدمهم الكاهن، ويرتلون الألحان القبطية في موكب عظيم.
-3تقديم النذور والأضاحي: ومن أهم الأضاحي والنذور التي تقدم في الموالد هي الأبقار والخراف، حيث أن هناك حرصاً شديداً على إيفاء النذر إذا تحقق الأمر الذي نذر من أجله.
-4يعتبر النشاط الاقتصادي من أبرز مظاهر المولد، وذلك لأن آلاف الزوار يأتون من شتى أنحاء البلاد ويبيتون عدة ليالٍ في المولد، لذا يستلزم وجود خدمات المطاعم وتجارة المواد الغذائية، وأيضاً لعب الأطفال.
-5الوشم: يعتبر الوشم من الظواهر المنتشرة في الموالد المسيحية ويسميه العامة "الدق".
-6بائع الصور المسيحية: نلاحظ أن هناك أكشاكاً كثيرة منتشرة في أنحاء المولد لبيع الصور المسيحية، أيضاً بعض المناديل والإشاربات المطبوع عليها صور القديسين، وأيضاً حلية الصليب إذا كانت في صورة ميدالية أو صورة معدنية أو جلدية.
أشهر الموالد المسيحية
يوجد العديد من الموالد المسيحية، التي تمتد على طول خريطة البلاد، فـ"القديس" الواحد قد يكون له أكثر من مولد في مصر، مثل موالد القديسة مريم العذراء، وموالد مار جرجس، ونستعرض هنا أهم هذه الموالد.
مولد العذراء بجبل درنكة
يقام في فترة صيام العذراء من 7 - 21 أغسطس بدير العذراء بالجبل الغربى لمدينة أسيوط، الذي يقع على ارتفاع مائة متر من سطح الأرض، ويبعد عن مدينة أسيوط نحو ثمانية كيلومترات فى قرية تسمى "درنكة".
وترجع أهمية المكان لوقت زيارة العائلة المقدسة لمصر هرباً من هيرودس الملك، حيث أقامت السيدة العذراء والطفل يسوع ومعهم يوسف النجار بالمغارة التي يقال إنها كانت محجراً فرعونياً قديماً، والتي صارت أقدس مكان في الدير فيما بعد، وتعرف باسم كنسية "المغارة"، وهذا المكان أقصى مكان وصلت إليه العائلة المقدسة فى صعيد مصر، ومن الدير بدأت رحلة عودتها لأرض فلسطين، لذلك يعتبر دير السيدة العذراء بدرنكة واحدًا من أهم المزارات الدينية والسياحية بمحافظة أسيوط.
توجد بدير درنكة مجموعة من الكنائس أقدمها كنيسة السيدة العذراء المغارة، وطول واجهتها 160 متراً وعمقها 60 وهي منذ نهاية القرن الأول المسيحي، وهناك كنيسة السيدة العذراء المنارة.
ويقطع القادمون للاحتفال بمولد العذراء بدرنكة ثلاثة كيلومترات من غرب المدينة ثم يتوجهون إلى قرية درنكة، بعدها يسلكون طريق الجبل مسافة كيلومتر. ويزور الدير في هذه المناسبة حوالي مليوني زائر، مسيحيون ومسلمون، ومنهم زوار من جنسيات أفريقية مثل أثيوبيا والصومال والسودان، وأيضا من دول أخرى عديدة.
ومن أهم مظاهر الاحتفال بمولد العذراء بقرية درنكة ما يعرف بالـ "دورة" أو "الزفة"، التي تتشكل من موكب كبير يتجمع فيه الزائرون يتقدمهم الأسقف والكهنة والشمامسة، حاملين أيقونة كبيرة للعذراء يطوفون بها حول الدير مرددين الألحان والترانيم وتماجيد العذراء، والتماجيد هي أناشيد أو مدائح تقال للقديس المحتفل به، وبعد انتهاء هذا الموكب تبدأ الصلاة اليومية الخاصة بصيام العذراء والتي تعرف باسم "نهضة العدرا".
ويشهد مولد العذراء مريم بجبل درنكة بأسيوط إقبالًا من المسلمين والأقباط. كما يشارك المسلمون الأقباط في ذبح الأضاحي، وإشعال الشموع أسفل صورة السيدة العذراء تبركًا بها.
ويردد كهنة دير درنكة وزوار المكان العديد من التجليات والظهورات النورانية للعذراء مريم، كانتشار أسراب الحمام وظهور هيئة نورانية بالشكل المعروف للعذراء.
مولد العذراء بجبل الطير
يقام من 18 إلى 25 مايو، بدير العذراء بقرية جبل الطير، سمالوط المنيا، ويقع فوق الجبل شرق النيل على بعد حوالي 2 كم من نهر النيل أمام مركز سمالوط، و20 كم من مدينة المنيا.
تستمد أهمية المكان أيضاً من كونه من أبرز أهم المحطات في زيارة العائلة المقدسة لمصر، حيث انتقلت العائلة المقدسة من البهنسا إلى مدينة سنوبوليس بالقرب من سمالوط الآن، ومنها عبرت النيل إلى الجانب الشرقي حيث يقع دير جبل الطير.
وللمكان أسماء عديدة، منها "جبل الطير" لكثرة وجود الطيور المهاجرة من أوروبا، و"دير البكرة" حيث كان يوجد بالدير بكرة تستخدم لصعود ونزول الجبل، كما يقال إن العائلة المقدسة وهى بجوار الجبل، كادت صخرة كبيرة أن تسقط عليهم، فمد الطفل يسوع يده ومنع الصخرة من السقوط، وانطبعت كفه على الصخر فسمي أيضاً "دير الكف".
والدير عبارة عن كنيسة محفورة فى حضن الجبل، وتعود إلى القرن الرابع الميلادي، فقد بنتها الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين، إذ أعادت اكتشاف المغارة التي اختبأت فيها العائلة المقدسة وحولتها إلى كنيسة، ويتكون صحن الكنيسة المنحوت من قطعة واحدة من الصخر.
وتأخد احتفالات مولد العدرا بجبل الطير طابعاً شعبياً في حضور مسيحيين ومسلمين وأيضاً زوار أجانب، فيرددون مديحة أو أنشودة "على دير العدرا وديني"، على وزن لحن "على بلد المحجوب وديني" تقول كلماتها:
على دير العدرا وديني أوفي ندري والرب راعيني
يا مراكبي وديني للعدرا وأعطيك من ندري شمعة
توضعها فى بيتك بركة على دير العدرا وديني
أمدح فيكي يا أم يسوع يا شفيعة لكل الجموع
ومكانك على جبل مرفوع على دير العدرا وديني
يا شفيعة فوق الشهدا يا منيعة من زارك يصفى
من يزورك ربك أعطاه على دير العدرا وديني
ومن أشهر المدائح الشعبية عن السيدة العذراء مديحة "رشوا الورد" تقول كلماتها:
رشوا الورد يا صبايا رشوا الورد مع الياسمين
رشوا الورد وصلوا معايا العذراء زمانها جاية
يا موالي ساعدوني فى مديح مريم دعوني
وأنشد الأوزان مغرم فى البتول نور العيون
أسمعوا يا أهل فنى وأعزلوا العزال عني
حب مريم قد فتني دع يقولوا ده جنون
مدحك كالشهد وأحلى للعلا قد صار أعلى
قيل جوهر قلت أغلى مايعادله بنون
وأيضاً ترنيمة عن دخول العائلة المقدسة أرض مصر، ترنيمة "يا مصر يا بختك يا هناكي" تقول:
يامصر يا بختك يا هناكي بالطفل يسوع لما جاكي
إداكي البركة السماوية يا مصر يا بختك يا هناكي
وترتبط الموالد لدى الأقباط بإيفاء النذور، وذبح الأضاحي، ودق وشم الصليب على المعصم اليمين، وتُستخدم في عمل الوشم آلة صغيرة بحجم كف اليد تعمل بالكهرباء.
مولد القديسة دميانة ببراري بلقاس
يقام في الفترة من 13 - 20 مايو، بدير القديسة دميانة غرب فرع دمياط للنيل في محافظة الدقهلية، على مسافة حوالي 12 كم شمال بلقاس، في منطقة تسمى براري بلقاس، وتسمية المنطقة بالبراري ترجع إلى أن أجزاء كبيرة من هذه المنطقة كانت خالية من الزراعة.
ومولد القديسة دميانة هو احتفال بذكرى تدشين كنيستها، وهي المكان الذي استشهدت فيه مع الأربعين عذراء، وتعود قصتها إلى عهد الملك دقلديانوس، أشهر من حارب المسيحيين واضطهدهم، وكانت دميانة العذراء الابنة الوحيدة لمرقس والي البرلس والزعفران، يحكى عنها أنها لما بلغت من العمر خمس عشرة سنة أراد والدها أن يزوجها فرفضت، وأعلمته أنها قد نذرت نفسها لله.
ولما قبل والدها ذلك طلبت منه أن يبني لها مسكناً تتعبد فيه هي وصاحباتها، فاستجاب وبنى لها المسكن الذي أرادته، فسكنت فيه مع أربعين عذراء، كن يقضين أغلب أوقاتهن في الصلاة ومطالعة الكتاب المقدس.
وبعد زمن أرسل دقلديانوس الملك، وأحضر مرقس والد القديسة دميانة وأمره أن يسجد للأوثان. فامتنع أولاً، غير أنه بعد أن لاطفه الملك انصاع لأمره وسجد للأوثان خوفًا على ابنته ومنصبه. ولما عاد مرقس إلى مقر ولايته، وعلمت دميانة ابنته بما عمله والدها، أسرعت إليه وعنفته على ما فعل حتى تأثر مرقس من كلام ابنته وبكى بكاء مراً، وأسرع إلى دقلديانوس واعترف بالسيد المسيح، ولما عجز الملك عن إقناعه أمر بقطع رأسه.
ولما علم دقلديانوس أن الذي حول مرقس عن عبادة الأوثان هي دميانة ابنته، أرسل إليها أميراً، وأمره أن يلاطفها أولاً، وإن لم تطعه يقطع رأسها، فذهب إليها الأمير ومعه مئة جندي، ولما وصل إلى بيتها دخل إليها وقال لها: أنا رسول من قبل دقلديانوس الملك، جئت أدعوك بناء على أمره أن تسجدي لآلهته، لينعم لك بما تريدين، لكنها رفضت بشكل قاطع ووبخت عبادة الأوثان، فغضب الأمير وأمر أن توضع بين هنبازين وأن يتولي أربعة جنود عصرها فجرى دمها علي الأرض.
وكانت العذارى واقفات يبكين عليها، ولما أودعوها السجن ظهر لها ملاك الرب ومس جسدها فشفيت من جميع جراحاتها، وتفنن الأمير في تعذيب القديسة دميانة، تارة بتمزيق لحمها وتارة بوضعها في شحم وزيت مغلي، وفي كل ذلك كان الرب يقيمها سالمة، ولما رأى الأمير أن جميع محاولاته فشلت أمام ثباتها أمر بقطع رأسها هي وجميع من معها من العذارى.
بعد استشهاد القديسة دميانة مع العذارى دُفنت أجسادهن في المكان الذي تعبدت فيه، إلى أن جاءت الإمبراطورة هيلانة أم الملك قسطنطين في القرن الرابع الميلادي، وبنت مقبرة خاصة بهن وكنيسة على هذه المقبرة، ثم طلبت من القديس ألكسندروس بابا الإسكندرية التاسع عشر (313-326م) تدشين هذه الكنيسة.
يتوافد آلاف المواطنين المسيحيين على دير القديسة دميانة في براري بلقاس بالدقهلية، لحضور عيد تكريسها السنوي، ويأتي أيضاً كثير من المسلمين لحضور المولد والتبرك بالقديسة، حيث تنصب الخيام حول الكنيسة لمبيت الزوار، وينتشر باعة الهدايا والتذكارات الدينية وباعة الحمص والحلاوة ولعب الأطفال.
وتتنوع مظاهر الاحتفال ما بين "زفة الأيقونة" أو صورة القديسة دميانة التي يطوف بها الكهنة والشمامسة مرددين الألحان والصلوات والسهرات والتجمعات التي ينشد فيها الزوار الترانيم والمدائح لدميانة، ويردد الجموع كثيراً من الأغاني بالطبول والزغاريد، منها:
ست دميانة يا شهيدة يا طاهرة
اليوم جاينلك بزيارة مباركة
جايين نزورك نتملى بنورك
عايزين يا ستي شفاعتك ويانا
في قصر عالي فوق في البراري
ويا أربعين قديسة عيشتى فرحانة
سهرانة بتصلى للرب تملي
جه عدو الخير يحاربك معركة خسرانة
طلب أبوكي يجوزوكي
رفضتي يا طاهرة وقولتي عريسى إللى فداني
مولد الأنبا شنوده رئيس المتوحدين بسوهاج
يبدأ يوم 14 يوليو حتى أوائل أغسطس، حيث يتم الاحتفال بذكرى نياحة القديس، في الدير الأبيض بمنطقة أخميم التابعة لمحافظة سوهاج.
دير الأنبا شنودة
ويقع دير الأنبا شنودة غرب مدينة سوهاج على بعد 8 كم، وقد اُستخدم فى بنائه الحجر الأبيض، لذلك يسمى بالدير الأبيض، وتم إنشاؤه عام 440 م، وهو من أهم المعالم الأثرية بمحافظة سوهاج وصعيد مصر، ويأتي إليه الأقباط والمسلمون.
يقول الباحث اشرف أيوب معوض في كتابه "الموالد القبطية":
ولد الطفل شنودة في قرية "شتلالا" بالقرب من أخميم سنة 333 ميلادية، وكبر القديس وترهبن، وكان لا يأكل إلا عند غروب كل يوم، ولا يتناول إلا القليل جداً، وطعامه كان الخبز والملح والماء، وفي صوم الأربعين المقدسة كان يقتات بالنباتات فقط، وذكر عنه المقريزي: "أنه مراراً كان يطوي الأربعين المقدسة، ولتقشفه الزائد وضعف جسده التصق جلده بعظمه، ومرة في أسبوع الآلام ربط نفسه على صليب تشبهاً بالسيد المسيح، وكان يصلي كثيراً بدموع غزيرة وتوسلات لأجل جميع الناس خصوصاً الخُطاة، وينام قليلاً من الليل".
ويعتبر الأنبا "شنوده" من أوائل الأقباط الذين طالبوا بالعودة للثقافة المصرية في مواجهة الغزو الثقافي والديني للاحتلال البيزنطي، وفتح الأديرة لكل المصريين، ولقب بـ"عميد الأدب القبطي"، ولقب أيضاً بـ"أرشمندريت" أي رئيس المتوحدين، الذي اشتهر به، لأنه كان يمارس حياة الوحدة من حين إلي آخر.
ومثل كل الموالد القبطية "زفَّة الأيقونة" هي أهم المظاهر المميزة، حيث يتقدم الأسقف أو كبير الكهنة حاملاً "أيقونة القديس الأنبا شنودة"، وخلفه مجموعة كبيرة من الشمامسة يحملون الصلبان، ويخرج الموكب من كنيسة الدير ويطوفون وسط الألحان القبطية بآلات الموسيقى الكنسية.
مولد الأنبا برسوم العريان
يقام في الفترة من 9 - 27 سبتمبر، في دير القديس برسوم العريان في المعصرة قرب حلوان بالقاهرة.
والأنبا برسوم هو قديس مصري وُلد عام ١٢٥٧م، وكان والده يعمل كاتباً للملكة شجرة، وبعد وفاة والديه عاش متوحداً في كنيسة مرقوريوس بمصر القديمة، وقبض عليه في فترة اضطهاد تعرض لها المسيحيون، وبعد خروجه ذهب ليكمل نسكه ووحدته في دير المعصرة الذي يقام فيه الاحتفال حالياً، وقد عاش القديس في حياة نسكية جادة مع صلوات وسجود بلا انقطاع، يرتدي قطعة صغيرة من الصوف، في الصيف والشتاء، ولهذا أطلق عليه اسم "العريان".
وتقام خلال فترة الاحتفال أو المولد نهضة روحية وهي عبارة عن صلوات يومية يتخللها تماجيد للقديس وتنتهي بعظة يلقيها أحد الآباء الكهنة، وتتخللها أيضاً "زفة الأيقونة" التي تطوف بصورته الكنيسة وأرجاء الدير. كما يقام خلال المولد معرض لجميع مشغولات الدير، من ملابس وأعمال يدوية، وسجاجيد ومفروشات، ولعب أطفال، وتقدم أحياناً بعض العروض المسرحية والترفيهية.
القديس برسوم العريان
يصف الباحث عصام ستاتي مولد الأنبار برسوم في كتابه "مقدمة فى الفولكلور القبطي" قائلاً: يسود جو من التسامح الديني، فنجد المسلمين يشيرون لمار برسوم العريان بـ"سيدي محمد البرسوم" أو بـ"سيدي البرسومي" أو بـ"سيدي العريان".
ولأن للقديس قصة شهيرة مع ثعبان استطاع بالصلاة أن يروضه ويعيش معه في المغارة سنوات طويلة، لذلك يربط المسلمون كما يذكر عصام ستاتي بينه وبين بعض الأولياء، وبينه وبين الرفاعي في مسألة التعامل والتعايش مع الأفاعي، فنجد الهتاف المتكرر "عم يا عريان يا طب التعبان" و"عم يا رفاعي يا طب الأفاعي".
مولد مار جرجس ميت دمسيس
يبدأ في 22 أغسطس ويستمر 10 أيام، في قرية ميت دمسيس بمركز أجا بالدقهلية.
وهو احتفال بعيد استشهاد "مار جرجس"، كما يقام في نفس القرية في أغسطس أيضاً مولد الشهيد محمد بن أبى بكر الصديق، لذلك يحدث رواج اقتصادي للقرية خلال هذه الفترة.
ومثل كل الموالد تقدم الأضحية وتوفى النذور، وينتشر باعة الحمص والهدايا التذكارية، والملابس المطبوع عليها صور الشهداء والقديسين، كما يوجد باعة يبيعون الجبن القريش والسمن البلدى والفطير، بجانب دق الصليب والوشم، ويكثر أيضاً الزوار المسلمون الذين يحرصون على حضور مولد مار جرجس. ويوجد باعة مسلمون يبيعون الصلبان والهدايا.
ومار جرجس هو أشهر قديس في مصر، وله شهرة كبيرة في دول كثيرة في العالم، وصورته الشهيرة يظهر فيها كمحارب يقتل التنين رمز الشر من فوق حصانه.
المراجع: كتاب "قراءات في موسوعة المجتمع المصري" لعالم الاجتماع سيد عويس، كتاب "الموالد: دراسة للعادات والتقاليد الشعبية في مصر" للدكتور فاروق أحمد مصطفى، جامعة الإسكندرية، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، كتاب "مقدمة في الفولكلور القبطي"، للباحث عصام ستاتي، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، العدد السادس من سلسلة كراسات قبطية التي تصدرها مكتبة الإسكندرية، تحت عنوان "الموالد القبطية"، للباحث أشرف أيوب معوض.
رصيف 22