دخول الأزهر في نقاشات الميراث وزاوج التونسية بالأجنبي: أي إسلام يدعو إليه شيوخ إرضاع الكبير ؟! - مقالات
أحدث المقالات

دخول الأزهر في نقاشات الميراث وزاوج التونسية بالأجنبي: أي إسلام يدعو إليه شيوخ إرضاع الكبير ؟!

دخول الأزهر في نقاشات الميراث وزاوج التونسية بالأجنبي: أي إسلام يدعو إليه شيوخ إرضاع الكبير ؟!

بقلم حسان العيادي

ساعات قليلة منذ إثارة النقاش بشأن مقترح المساواة في المواريث بين الرجل والمرأة في تونس وإلغاء العمل بالمنشور عدد73 ، كانت كافية ليصدر جامع الأزهر بمصر موقفه من نقاش تونسي داخلي، موقف قائم على أن المساواة في الميراث وزواج التونسية بغير المسلم «ضد الشرع»، ليحافظ الأزهر على عادته في حماية «ارثه» ومنع أي تأويل مغاير للنص

وكأن فهم الإسلام حق له دون غيره مما يدفع للسؤال عن الإسلام الأزهري وفتاوى مشائخه المثيرة للجدل.

منذ نشأته أريد للأزهر أن يكون جامعة علمية، وان لا يقتصر دوره على أداء هذه الوظيفة التعليمية، بل ان يكون له تاثير في السياسة والدولة الفاطمية. هذه نقطة قوة الازهر الذي بات «فاتيكان» العالم السني يحظى بقوة ونفوذ في المجتمع. لكنه ومنذ سبعينات القرن الماضي فقد هذه المكانة والنفوذ تدريجيا لوقوفه ضد تجديد الخطاب الديني وتعامله مع الإسلام.
فاخر عهد الازهر بمحاولات الإصلاح انتهت مع محمد عبده وجمال الدين الأفغاني في بدايات القرن الماضي، ركن إثرها شيوخ الأزهر الى القصر الملكي خاضعاً بصورة كاملة لسلطة الدولة ، وصار مؤسسة من مؤسساتها لا تخرج عن طاعة الحاكم، ولا تصدر فتوى لا يرضى عنها. وخاصة مع تولي عبد الرحمن تاج مشيخة الأزهر عام 1954م، أصبحت الفتاوى متناسبة تماماً مع ما تريده السلطة، فقد أفتى لجمال عبد الناصر بما رغب فيه الاخير سواء في الشأن المصري او علاقته مع الدول الاخرى.

ليتكرر الامر ذاته محمد سيد طنطاوي الذي ولي مشيخة الأزهر في الفترة بين عامي 1996 ـ الذي صرح بأن «الأزهر لا يتدخل في السياسة وسياسات الدول». ومن هذا المنطلق أيد قرار فرنسا بمنع الحجاب عام 2004، كما أفتى بجواز بناء الجدار العازل على الحدود بين مصر وغزة، وأفتى بعدم جواز إطلاق صفة شهيد على منفذي العمليات التفجيرية في إسرائيل، تلك الفتوى التي أطلقها طنطاوي في أوج اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.

كثيرة هي الفتاوى التي تصدر عن الأزهر او دار الفتوى المصرية الخاضعة لهيمنة شيوخ الأزهر، اذ تتجاوز معدل 10 آلاف فتوى سنويا هيمن بها الأزهريون على العالم الإسلامي وجعلوا أنفسهم مرجعا بلغ حد التدخّل في تفاصيل خاصة جدا. تفاصيل يريد القائمون على شؤون الأزهر ان تكون تحت وصايتهم المطلقة.
وصاية عبرت عن نفسها بالكثير من الفتاوى التي ولجت الشأن السياسي، وعبرت عن تناقض عجيب بين العقل وما يقره الأزهريون من أحكام، فالأزهر الذي رفض ان يكفر «داعش» باعتبار أتباعها من الموحدين ومن المؤمنين بالله واليوم الأخر كفر إمامه الأكبر على قناة تلفزية للمسيحيين، وذلك أسابيع قليلة اثر تصريحات مفتي الجمهورية علي جمعة كفر فيها أقباط مصر ووصفه لكهنتهم بـ «الحشاشين».

تكفير عبر عنه مرة شيخ الأزهر أحمد الطيب في القناة الأولى، قال فيه ان المسيحيين كفار ولكن ترك مجال للتعايش معهم، اذ أوضح «الطيب» أن تكفيره للمسيحيين منطلقه إنكارهم رسالة محمد و«لذلك فهم كفار بالنسبة إلينا كمسلمين» وفق قوله.
الأزهر ودار الإفتاء المصرية اصدرا فتوى تبيح قتل السائحين والعمليات التفجيرية، من منطلق اباحة الجهاد دون شروط واضحة. من منطلق ان الجهاد حق وفريضة محكمة لا يملك أحد تعطيله ولا منعه، ولكنه جعل لذلك ضوابط شرعية مطنبة في الضبابية. تماما كما افتى مفتي الجمهورية المصرية شوقي علّام بعدم جواز إطلاق لقب شهيد على قتلى التظاهرات باعتبارها «تدعو إلى الفتنة».

للفتنة نصيب وافر لدى شيوخ الأزهر، سواء من اشتغل في التدريس بجامعة الأزهر التي سمح منذ سنوات قليلة لغير المسلمين بالدراسة فيها على شرط حفظ القران كاملا، او في دار الإفتاء التي انفصلت منذ 2008 عن وزارة العدل وباتت مؤسسة قائمة بذاتها تخضع لهيمنة شيوخ الازهر.

شيوخ صعقونا منذ ان فتحت لهم منابر القنوات التلفزية بفتواهم الغربية، كالتي تحرّم «المحادثات الإلكترونية»/ الشات، اذ صدر عن دار الإفتاء المصرية فتوى «تحرم» المحادثات الإلكترونية بين الجنسين على مواقع التواصل الاجتماعي، والسبب هو ما تمثله من باب للفساد والشر ومدخلًا من مداخل الشيطان، قبل ان يقع التراجع عن الفتوى والقول بأن الأصل في المحادثة بين الذكور والإناث «الإباحة» كسائر العلاقات السوية بين البشر.

من اجل ان تكون العلاقات سوية افتى شيوخ الازهر سنة 2007 ، وتحديدا عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة القاهرة، بان المرأة العاملة من حقها إرضاع زميلها في العمل منعًا للخلوة المحرمة إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما. بل ولم يغب عنه ان يحدد عدد الرضعات، لتكون خمسا تبيح الخلوة ولا تحرم الزواج.

لان علماء الأزهر حريصون على حرمة الجسد وقداسته وتجنب كل ما هو محرم فقد اختلفوا في 2006 في حكم تعري الزوجين أمام بعضهما، ليحرم رشاد حسن خليل عميد كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر في فتواه تجرد الزوجين التام من ملابسهما أثناء الجماع والمعاشرة، بل اعتبره مبطلا لعقد الزواج ليفتح باب الاجتهاد امام بقية زملائه ممن تتلمذوا في مدارس الأزهر ويقع اختلاف بينهم حول رؤية الزوجين لبعضهما وحدود التعري.

التحريم لا يقف هنا بل شمل ممارسة رياضة اليوجا باعتبارها من طرق التنسك الهندوسية وليست رياضة خالصة، وحرموا الانضمام للأحزاب وهو ما قام به محمود عبد الرازق الرضواني، لكن تحريم كل شي يقابله إباحة لما لم يعد مقبولا، فشيخ الأزهر الطيب افتى بأن الزواج العرفي المعلن ولكن غير موثق، زواج توفرت فيه أركان وشروط الزواج الصحيحة وهو زواج لا يمكن أن يكون حرامًا، بل بالعكس هو الصورة الصحيحة لزواج المسلمين من أيام النبي» وفق تصريحه.

فى منتصف عام 2007 افتى علي جمعة، مفتي مصر السابق« بالتبرك ببول الرسول»، كما افتى بعدم شرب الماء بعد الذكر كي لا تنطفئ حرارة القلب، اذ ان جمعة يعتبر أن الذكر يشعل القلب، لذا فمن المحبب عدم شرب الماء فورًا بعد الذكر لثلث ساعة، حتى تنعقد حرارة الذكر في القلب بالماء، وأضاف أنه يستند في فتواه إلى أن مرددي الذكر كثيرًا إذا شربوا الماء بعد جلسة الذكر، تنطفئ حرارة الذكر والإيمان فى قلوبهم.

كثيرة هي عثرات الأزهر وشيوخه المنتشرين في العديد من المؤسسات الدينية المصرية، لكن أخطرها هي حرب الأزهر على الأفكار والتجديد وذلك منذ بروز مدرسة محمد عبده التي فشلت مع فشل ثورة عرابي في إصلاح مؤسسة الأزهر، وجعلت مشائخه التقليديين أكثر حرصا على معارضة أي تجديد، ففي 1925 ظهر كتاب علي عبد الرازق، وهو شيخ أزهري، بعنوان «الإسلام وأصول الحكم» دعا فيه إلى فصل الدين عن الدولة، اعتبر الأزهر أنه خرج على الأصول الّتي سُميّ بها عالماً شرعيّاً، وحكمت هيئة كبار العلماء في الجامع بإخراجه من زمرة العلماء.

مؤسسة الازهر التي حكمت مصر جنبا الى جنب مع سلاطينها ورؤسائها حالت دون ان تشهد مصر أي تغير مجتمعي جوهري وكبلت النقاشات في فتوى ارضاع الكبير ونظرية داروين وحكم زنا القردة، وهو في مناهج التدريس بجامعة الأزهر.

جريدة المغرب

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث