بقلم: افرايم هراره
قال صموئيل هنتنغتون في كتابه “صراع الحضارات” إن “حدود الاسلام تنزف”، أي أن الدول الاسلامية تميل الى الحروب مع جيرانها غير المسلمين. العالم الغربي، وفي ضمنه اسرائيل، يعاني من العمليات الارهابية الدموية، وهناك صراعات على حدود الاسلام مثلما هي الحال في كشمير. ولكن اذا نظرنا الى عدد القتلى فان الحروب الاسلامية الداخلية أكثر دموية. في الخمسين سنة الماضية كان هناك عشرات ملايين القتلى والمصابين وعشرات ملايين ممن طردوا من منازلهم. الحديث يدور عن دول انهارت أو فيها حروب اهلية دموية مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان. والحديث يدور ايضا عن صراعات لم تنتقل بعد الى المجال العسكري، لكنها قد تتدهور الى ذلك، مثل الصراع بين قطر وجاراتها في الخليج.
إن حدود الاسلام ليست دامية الى هذه الدرجة. فالعالم الاسلامي هو الذي يعاني من النزيف الداخلي الاشد.
هناك دور كبير للمصالح الجغرافية والاقتصادية في هذه الحروب. ولكن هذا الامر لا يفسر الضعضعة العميقة التي تمر بها عشرات الدول الاسلامية. والدليل على ذلك هو الادعاءات التي يقوم بطرحها كل طرف من الاطراف المتقاتلة، والدعوة المتكررة في اوساط جميع المحاربين “الله اكبر”، بغض النظر اذا كانوا من السنة أو الشيعة، من حزب الله أو القاعدة، من جنود العراق أو سوريا، جميعهم يعملون في سبيل الله. وجميعهم ايضا يسمون المسلم الذي يحاربونه بـ “الكافر”، وهنا تكمن جذور النزيف.
فقهاء المسلمون يطلقون اسم “كافر” فقط على من لا يعترف بالله وبالنبي محمد، مثل الذي يعبد الالهة ويتمسك بقناعته والذي مصيره الموت. ولاسباب مختلفة فان اليهود والمسيحيين وغيرهم لم يتعرضوا للخطر مقابل فقدانهم لاراضيهم وحقوقهم المدنية وموافقتهم على حياة الاهانة بصفتهم أهل الذمة. ويقول الفقهاء ايضا إن المسلم الكافر هو مرتد مصيره الموت. أكثر من 80 في المئة من السكان في مصر وثلثي الفلسطينيين يعتقدون أنه يجب قتل المرتدين. وفقهاء كثيرون قاموا بتوسيع تعريف الكافر، بما في ذلك من لا يؤمن بالاسلام كما يُعرفونه. وهناك سنة يعتبرون أن العلويين كفارا، لذلك فان حربهم ضد نظام الاسد هي مثابة تطهير لعالم الاسلام من الكفار. وهكذا تعتبر الدولة الاسلامية الانظمة الاسلامية وجيوشها والاخوان المسلمون والشيعة كفارا.
القوات الاسلامية التي تحارب الاخوة المسلمين وتحارب داعش تعتبر أنهم كفار، وأنه يجب قتالهم حتى النهاية. وقد أدى الربيع العربي الى نشوء هذه الجذور وتحولها الى حروب اهلية دموية.
إن الانتصار على الدولة الاسلامية لن يحل هذه المشكلة. فالسنة ما زالوا هم الاغلبية في سوريا. ورغم التطهير العرقي الجماعي سيستمرون في اعتبار الشيعة والعلويين كفار يستحقون الموت. وسيستمر الايرانيون في اعتبار الاسلام الشيعي هو الاسلام الصحيح، الذي يجب فرضه على كل العالم. وستستمر دول الخليج في استثمار الاموال في محاربة الشيعة الكفار.
هذا الامر محزن، لكن ليس من الواضح ما هو الامر الذي يمكنه وقف النزيف الداخلي العميق في العالم الاسلامي واحداث الاصلاحات الحقيقية التي ستؤدي الى حذف مفهوم “كافر” من القاموس القضائي الديني. إن الكفر ليس هو أساس المشكلة.
اسرائيل اليوم 13/7/2017
ترجمة رأى اليوم