إسلام «الطيب» - مقالات
أحدث المقالات

إسلام «الطيب»

إسلام «الطيب»

سحر الجعارة

أغلقت هيئة كبار العلماء النوافذ بإحكام، وأسدلت الستائر، منعت الضوء والهواء من اختراق المجلس، دفست «صكوك الغفران» فى سرداب سحرى، علقت المشانق على بوابة الأزهر.. ثم أعلنت «مصر» دولة محتلة، خاضعة للوصاية بموجب الأحكام العرفية المسماة زوراً وكذباً: (مشروع قانون مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين.(

»المفاهيم والمصطلحات«:

)الإسلام): هو دين الأغلبية، ويحتكر الأزهر أصوله وفروعه وتفسيره وتطبيقاته، وله الحق فى تعديل أحكامه، (بالحذف أو الإضافة)، وفقاً لرؤية الأزهر لما هو منسوخ من الآيات أو ضعيف من الأحاديث.. ولا يجوز «التمييز» بين المسلمين داخل «كتالوج الأزهر»، بينما تعد الطوائف الشاذة عن النمط الأزهرى «مرتدة»، ويطبق هذا على (الشيعة فى اليمن، والعلويين فى سوريا)، كما يطبق عليهم حد الردة بما يتفق وضرورات حروب الدولة الوهابية.

ويجوز للأزهر دمج ما يراه مناسباً من «أفكار ورؤى» للإسلام بما تقتضى المصلحة، وإضفاء القدسية على مَن تراه مناسباً من «البخارى» إلى الإمام الأكبر.

)أزهر الطيب): عباءة الإمام الأكبر «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر، محصنة ويجوز للمسلمين التبرك بها، وأموال الأزهر تنفق بوحى سماوى ليست خاضعة لأى جهة أو هيئة رقابية، وللإمام الأكبر حرية التصرف فى المنح والتبرعات التى ترد إلى الأزهر، بما يحتاجه الإمام والمشيخة من حملات إعلامية تجمّل الصورة وتجعلها متسقة مع شعارات: (المواطنة والمساواة أمام القانون، وحرية العقيدة، وحسن النية، وقبول الآخر).

)معنى الكراهية): يستبدل تعريف «ويبستر» للكراهية، وهو التعريف الذى تتبناه غالبية البلدان، على أنها (هى جرائم الاعتداء أو التشويه، التى تُرتكب ضد فرد أو مجموعة بسبب اللون، أو العقيدة، أو الجنس).. وينص القانون الجديد على أن لفظ الكراهية يعنى: كل قول أو سلوك أو فعل علنى يحرض على «نقد» فتاوى الهيئة والإمام، وإثارة الفتنة المجتمعية بالحديث عن ميزانية مؤسسة الأزهر، أو تغيير الدستور، بما يجعل منصب الإمام بالانتخاب وقابلاً للعزل.

)المفسدون فى الأرض): هو مصطلح يشير إلى كل باحث أو مبدع أو مجدد، (سواء كان ينتمى للمشيخة أم لا)، ويمنع من التعبير عن رأيه فى وسائل الإعلام، وتلغى من الأبجدية المصرية كلمات: (حرية الرأى والتعبير أو النقد أو حرية الإعلام أو النشر أو الإبداع).. ويتولى «العلماء» تكفير الأقباط والتحريض ضد النساء، وعبادة «البخارى ومسلم» سراً بمقر الهيئة، ولا يجوز طرح المسائل العقائدية «محل الخلاف» فى وسائل الإعلام.

وفى حال مخالفة أى «مفسد» لأحكام هذا القانون، وعودته إلى جاهلية «حرية الرأى»، يُسحب ترخيص المؤسسة الإعلامية التى ينتمى لها حتى لو كانت فى «الصين»، تطبيقاً لمعجزة القانون الذى ينتشر ويتوغل مدعوماً من السماء.

)لا مساس): تستبدل كلمة «ازدراء»، (التى أتمت رسالتها فى تحصين عمائم العلماء وشيخهم الأكبر)، بعبارة: (منع التطاول على الذات الإلهية والأنبياء والرسل، أو الكتب السماوية، تصريحاً أو تعريضاً أو مساساً أو سخرية).. والسخرية والمساس كلمات أكثر مطاطية لاستيعاب كل خصوم الأزهر ومنتقديه وتقيدهم بأغلال السجن ونفيهم من «جنة الأزهر» فى الدنيا والآخرة.

وتحت بند: (حظر امتهان الأديان أو التعدى على أى من الكتب السماوية بالتغيير أو الإتلاف أو التدنيس)، يتولى مجمع البحوث الإسلامية صياغة القائمة السوداء لكل من «دنس» ولو صنماً من أوثان الفراعنة بزعم «تجديد الخطاب الدينى» ويُحاكم بتهمة الردة عن «إسلام الطيب«!

هذا وتفتح خزائن المشيخة فى العيد لتهنئة كل من شكك فى الإنجيل وكذب القساوسة، ونادى بضرورة دفع الأقباط للجزية وعدم تجنيدهم، ومعاملة الزوجات منهم بمنهج الاغتصاب الزوجى، على أن يتم الإغداق عليهم بالمكافآت والترقيات!

أهداف القانون: ارتأى شيخ الأزهر ومعه هيئة كبار العلماء التقدم بمشروع قانون مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين، وتم تسليمه لرئيس الجمهورية، وجاء القانون إخراساً لكل الأصوات التى تطالب بثورة فكرية ودينية قد تقضى على «دولة الأزهر» وتهدد «بيزنس المشايخ»، وتحدث توتراً فى «العلاقات الخارجية» للأزهر.. وهى الأصوات التى تطالب بتكفير «داعش» وتنقية المناهج الأزهرية من نصوص التكفير والجهاد، والتى عرفناها بـ«المفسدين فى الأرض«.

والقانون فى صورته السابقة «ضرورة» فى الحرب بين الأزهر ودعاة الدولة المدنية، والضرورات تبيح المحظورات، وعليه: أعدوا لهم ما استطعم من فتاوى التكفير وقوانين النفى والمصادرة والتعتيم «سراً» تطبيقاً لمبدأ «التقية»، وفى العلن ارتدوا أقنعة الاعتدال وارفعوا المسابح جهراً.. و«اعتدال» هو اسم المركز السعودى «لدحض الفكر المتطرف«!!

هذا المقال هزلى، مؤلم، واقعى.   

الوطن المصرية

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث