ثروت البطاوي
دعمت الإرهاب في العالم بعشرات المليارات، وحاولت اغتيال عدد من الملوك والرؤساء العرب، وأفشلت الثورة السورية وخرّبت ليبيا، وتآمرت مع إيران في اليمن والبحرين، وموّلت الإرهاب، ودبّرت عمليات إرهابية في مصر وتونس والجزائر، ودمّرت أفغانستان... هذا غيض من فيض "المؤامرات" التي عرضتها وسائل إعلامية مختلفة عقب تفجر الأزمة مع قطر.
معظم تلك "المؤامرات" ظهرت على الساحة الإعلامية فجأة، وصاحبها نشر تسجيلات ومقاطع فيديو وتسريب وثائق، غير أن القائلين بها لم يقدّموا الأدلة القاطعة على ما ساقوه.
ومع تلك الحملات الإعلامية المستمرة، بات السؤال المطروح: هل أصبح من الصعب إنهاء الأزمة؟
"الإعلام يعكس دائماً حدود وطبيعة القرار السياسي، ويلبّي رغبات النظام السياسي ويبحث عن وسائل لدعم قراراته، ولو كانت وسائل الإعلام الخليجية تمتلك معلومات عن تورط قطر في كل هذه المؤامرات، فلماذا لم تنشرها من قبل وانتظرت لحظة تفجر الأزمة؟".
هذا ما قاله أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة الدكتور صفوت العالم لرصيف22، مضيفاً أن هذه الحملات يمكن أن تتوقف فجأة وتعود الأمور إلى طبيعتها في حالة انتهاء الأزمة و"هو حال الإعلام العربي الذي يفور فجأة ويهدأ فجأة، في ظل تبعيته للقرار السياسي".
محاولة اغتيال العاهل السعودي
استعاد الإعلام السعودي تسجيلين صوتيين لأمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة ولرئيس وزرائها السابق حمد بن جاسم مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. والتسريبان المسربان عام 2014، بحسب قناة العربية يرجّح أنهما يعودان لعام 2003، ويتضمنان هجوماً على السعودية وأسرتها الحاكمة، والتخطيط لزعزعة استقرارها وتقسيمها.
وتوسعت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية في نشر تغريدات من حساب المستشار بالديوان الملكي السعودي، سعود القحطاني، اتهم فيها قطر بالتورط في محاولة اغتيال العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز بالتعاون مع نظام القذافي والمعارضة السعودية بلندن.
وجاءت تغريدات القحطاني مؤكدة لحديث سابق لوزير الخارجية الليبي السابق عبد الرحمن شلقم لقناة العربية أكد فيه محاولة اغتيال العاهل السعودي الراحل بتوجيه من القذافي للضابط الليبي محمد إسماعيل، وفق ما ذكرت بعض الصحف السعودية.
وبحسب عكاظ، عقد الضابط الليبي اجتماعاً مع المخابرات القطرية للتخطيط والتنسيق لتنفيذ الجريمة الفاشلة. وأشارت الصحيفة نفسها في تقرير آخر إلى أن قطر استضافت موسى كوسا رئيس مخابرات القذافي ومنحته قصراً في الدوحة خوفاً من قيامه بفضح الدور القطري في محاولة الاغتيال الفاشلة.
أقوال جاهزة
شارك غردغيض من فيض "المؤامرات" التي عرضها الإعلام عقب تفجر الأزمة مع قطر
شارك غردهل أصبح من الصعب إنهاء الأزمة بين الدول الخليجية مع كل ما نراه من "مؤامرات" و"مكائد" تحاك في الإعلام؟
محاولة اغتيال مبارك
كذلك تورطت قطر في محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عام 1995، وفق موقع "سكاي نيوز" الذي قال إن المتهم في إحدى قضايا تمويل الإرهاب اعترف أمام محكمة بولاية إلينوي الأمريكية عام 2003، بأن تمويل عمليات تنظيم القاعدة الإرهابية، ومن ضمنها محاولة اغتيال مبارك، تمّ من خلال استخدام أموال وردت عبر منظمة قطر الخيرية.
اغتيال شكري بلعيد
مولت قطر جهات اغتالت الزعيم اليساري التونسي شكري بلعيد، بزعم امتلاكه وثائق سرية تؤكد تورط قطر في حادثة عين أميناس الإرهابية بالجزائر. هكذا اتهمت شبكة "سكاي نيوز"، قطر بالتخطيط لإثارة الفوضى بالجزائر، ودعم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب. واستندت "سكاي نيوز" إلى مصادر استخباراتية لم تسمها، للقول إن بلدة غدامس في المثلث الصحراوي بين ليبيا وتونس والجزائر، تحوّلت إلى وكر لخلايا القاعدة التي تخدم أجندة الدوحة في المنطقة.
التآمر لإسقاط النظام البحريني
دعمت الدوحة المخطط الإيراني لإسقاط النظام البحريني خلال احتجاجات 2011. هكذا قالت وكالة أنباء البحرين الرسمية ونقلت عنها صحف كثيرة استناداً إلى أربع مكالمات صوتية أذاعها التلفزيون البحريني، وجرت بين مستشار أمير قطر حمد بن خليفة بن عبد الله العطية والمعارض البحريني حسن علي محمد جمعة سلطان.
ورغم أن محتوى المكالمات الأربع لا يتضمن مؤامرات وهدفه إبلاغ المعارضة البحرينية أن قطر ترفض تدخل قوات درع الجزيرة في الأزمة، إلا أن وسائل الإعلام الخليجية ومجلس النواب البحريني اعتبرا أن قطر دعمت مؤامرة 2011 والانقلابيين على حد وصفهما، وأن مخططاً قطرياً - صفوياً كان يراد تنفيذه.
وبحسب صحيفة "الوطن" البحرينية، اخترقت قطر فرع منظمة "فور شباب" العالمية بالبحرين وقدمت لها الدعم المالي لنشر الأفكار الثورية بين الشباب، وساهمت الدوحة في تأسيس وتمويل شركات بحرينية داعمة لهذه المنظمة، التي ترتبط بـ"الإرهابي يوسف القرضاوي"، بحسب وصف الصحيفة.
ودعمت قطر "الجماعات الإرهابية" بالبحرين مثل سرايا الأشتر التي نفّذت تفجيرات واغتيالات استهدفت الأمن البحريني، وفق قول السفير البحريني بلندن الذي أكد تورط قطر في التفجيرات التي شهدتها مدينة مانشستر البريطانية مؤخراً.
تمويل الإرهاب
أنفقت قطر 65 مليار دولار لتمويل الإرهاب بين عامي 2010 و2015، و750 مليون يورو على الجماعات الإرهابية في ليبيا، بحسب صحيفة "البيان" الإماراتية.
وموّلت قطر في سوريا جبهة النصرة التي تبلغ ميزانيتها السنوية استناداً للاستخبارات الأمريكية 10 ملايين دولار، عدة ملايين منها تأتي من جهات مانحة قطرية، وفق صحيفة "الأيام" البحرينية وصحيفة "الاتحاد" الإماراتية وصحف أخرى قالت إنها تنقل عن تقرير لـ"معهد واشنطن"، مع أن التقرير المشار إليه لا يذكر المعلومات بالطريقة التي عرضتها فيها.
"الجيش المصري الحر"
بحسب "سكاي نيوز"، حاولت قطر إطلاق ما يسمى بالجيش المصري الحر، على غرار الجيش السوري الحر، بدعم من المليشيات الليبية عام 2014.
التآمر مع الحوثيين
كال الإعلام السعودي والإماراتي الاتهامات لقطر بدعم وتمويل الحوثيين في اليمن، وبالتخطيط مع إيران، وإفشال جميع الحروب التي خاضتها الدولة اليمنية في عهد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح ضد الحوثيين، فضلاً عن محاولة إجهاض المبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة اليمنية، والدور السلبي الذي تمارسه قطر في التحالف الذي تقوده الرياض.
فقطر أنقذت الحوثيين مراراً ومنعت القضاء عليهم، وفق ما قالته قناة العربية. ونشرت صحيفة الوطن السعودية ما قالت إنه وثيقة تظهر مخاطبات سرية بين أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة، وبدر الدين الحوثي، من أجل الهجوم على الحدود الجنوبية للسعودية، بالتنسيق مع إيران، والزحف نحو مكة والمدينة.
ونسبت الصحيفة نفسها لقيادي حوثي منشق أن هناك مخططاً قطرياً إيرانياً لدفع الحوثيين للانقلاب على قوات صالح وحسم الأوضاع بالمحافظات اليمنية.
بل وكان للدوحة مساعٍ نحو إفشال المبادرة الخليجية عام 2011، ودفع الأوضاع نحو الحرب الأهلية وتصعيد الاحتجاجات الشعبية عامي 2011 و2012، بحسب صحيفة "العرب" الصادرة بلندن، والتي استندت إلى تسجيل مسرب، على حساب "دوت إمارات" على تويتر، لاتصال هاتفي بين ضابط قطري يدعى ناصر المري والشيخ اليمني القبلي حسين الأحمر.
وشمل الدور القطري المشبوه في اليمن تشويه عمليات تحالف دعم الشرعية والتشكيك في دور الإمارات، والتنسيق بين الإخوان والحوثيين على حساب الشرعية، وفق صحيفة "الاتحاد" الإماراتية.
وتمكن هاكر سعودي من اختراق حساب وزير شؤون الدفاع القطري، خالد بن محمد العطية، واكتشاف اتصالاته بالحوثيين، وتوعّد بكشف محتويات الرسائل المتبادلة بين الطرفين، بحسب موقع 24 الإماراتي ومواقع أخرى.
تجارة الأفيون بأفغانستان
دعمت قطر حركة طالبان ومولتها لزراعة الأفيون في المناطق التي تسيطر عليها، واشترت الأراضي من زعماء القبائل لكي تزرع فيها طالبان الأفيون، ثم تبيعه وتشتري الأسلحة لتدمير أفغانستان، بحسب صحيفة "عكاظ".
تخريب ليبيا
قدمت الدوحة الدعم المادي والعسكري للمليشيات الإرهابية لتخريب ليبيا واستخدامها كقاعدة إرهاب ضد مصر وتونس والجزائر وتغذية الإرهاب في سوريا والعراق، وتمويل الجماعة الليبية المقاتلة الموالية لداعش بحسب "سكاي نيوز".
وأججت قطر الخلافات بليبيا من خلال نشر قواتها العسكرية هناك، وأغرقت البلاد بمليارات الدولارات وأرسلت 8000 مقاتل من ليبيا إلى سوريا وجلبت قيادات إرهابية إلى ليبيا، وتآمرت لاغتيال قيادات عسكرية ليبية، أبرزها عبد الفتاح يونس رئيس أركان الجيش الليبي خلال الثورة، وفق ما قاله المتحدث باسم الجيش الليبي، العقيد أحمد المسماري، الذي اتهم الدوحة بالاستعانة بقيادات حماس لتدريب المتطرفين بليبيا على وسائل التفجير والتفخيخ.
وتضمنت قائمة الاتهامات سرقة قطر لقمر صناعي أطلقته حكومة القذافي عام 2007، وفق موقع "عين" السعودي.
صعوبة الحل
يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتور جمال عبد الجواد أن "الأزمة تتعمق والهوة تتزايد والقطيعة تترسخ بين الأشقاء الخليجيين".
وقال لرصيف22 إن التصعيد الإعلامي المتزايد ضد الدوحة يشير إلى أن الأزمة ستطول بعض الشيء، مضيفاً أن حلها بات صعباً للغاية، لأن الحل في ظل الاتهامات الموجهة لقطر يتطلب منها تقديم حجم هائل من التنازلات والضمانات لتبرير المصالحة، ودون ذلك فإن العواصم الخليجية الثلاث ستجد نفسها في حرج أمام شعوبها.