بقلم دانيال بايبس
لعلّ المملكة العربية السعودية أكثر البلدان اختلافًا عن الولايات المتحدة في ما يتعلق بالدين. ويهدف مشروع قانون جديد قدّمه السيناتور الجمهوري ديف برات إلى اتخاذ خطوة نحو إصلاح هذا الخلل الهائل.
خذ مثلًا الفروقات التالية: العلمانية مبدأ أساسي في الولايات المتحدة ومقدّس في التعديل الأول للدستور. وبالمقابل، فإن القرآن والسنّة هما الدستور السعودي، ويقدَّسان على أنهما المادة الأولى للشريعة الأساسية.
ويمكن لأي شخص أن يبني بُنية دينيّة في الولايات المتحدة، مهما كانت طبيعته. ولهذا فإن السعوديين يموّلون بناء جامع وراء جامع. وأمّا في السعودية فلا يسمح إلاّ ببناء جوامع كُبنى دينية. وهي لا تضمّ أية كنيسة واحدة، أو حتى أي كنيسٍ يهوديّ أو أي هيكل هندوسي أو سيخيّ أو يانيٍّ أو بهائيّ. وقد كانت هنالك تلميحات قبل عقدٍ من الزمان إلى أن السعوديين سيسمحون ببناء كنيسة، لكن هذه التلميحات لم تثمر عن شيء، لكن يبدو أنها استخدمت كتكتيكاتٍ للمماطلة.
يمكنك أن تصلّي كيفما تشاء في أمريكا ما دمت لا تخالف القانون. وأمّا غير المسلمين الذين يصلّون مع آخرين في السعودية فإنهم يشتركون في نشاط غير مشروع يمكن أن يؤدي إلى القبض عليهم كما لو أنهم شاركوا في حفلة مخدّرات.
ومن الواضح أنه لا توجد في الولايات المتحدة أية مدن مقدّسة مغلقة في وجوه أتباع أديان معيّنة. وأمّا في السعودية، فهنالك مدينتان مقدّستان كهذه، هما مكة والمدينة المنوّرة. وأمّا أولئك الذين يتعدّون بالتوجه إليهما من غير المسلمين، فإنهم يواجهون بما تدعوه السلطات السعودية "عقابًا قاسيًا".
ولا تمول الولايات المتحدة (مع استثناءات نادرة وربما غير قانونية) مؤسسات دينية في الخارج (وتميل هذه الاستثناءات إلى أن تكون نحو المؤسسات الإسلامية). وبالمقابلة، أنفق العاهل السعودي ما يقدّر بمئة بليون دولار لنشر الإسلام حسب المذهب الوهابيّ في جميع أنحاء العالم.
وكثيرًا ما حرّض خريجو هذه المدارس والجوامع الوهابية المموّلة سعوديًا على العنف السياسي ضد غير المسلمين.
كان السعوديون على الدوام كتُومين بشكل مغطرس حول إنفاقهم الأموال لتعزيز الوهابية. فعلى سبيل المثال، استعرض تقرير مقدَّم من فريدم هارس (بيت الحرية) بعض المنشورات المتطرفة الموزعة على العامة من قِبل المؤسسات المموّلة من السعودية، وخلُصت إلى أنها تمثل "تهديدًا خطِرًا لغير المسلمين والمجتمع المسلم نفسه." وفضلًا عن ذلك، قدّم النظام الملكي منحًا متعددة وسخيّة لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، وهي أكثر منظمة إسلامية عدوانيةً وفاعليةً في الولايات المتحدة.
ويتطلب هذا التضارب، وهو نسخة لما هو موجود في كل بلد غربي، حلًا. وقد اتخذت بعض الحكومات الغربية ترتيبًا.. خطواتٍ مشروطة لمعالجة المشكلة.
وفي عام 2007، رفضت الحكومة الأسترالية طلبًا سعوديًا لإرسال أموال إلى الرابطة السعودية لجنوب أستراليا للمساعدة في بناء جامعٍ جديد. وشرح وزير الخارجية آنذاك، ألكزاندر داونر القرار قائلًا: "من الواضح أننا لا نريد أن نرى أية منظمة متطرفة تخترق أستراليا." وبعد ثماني سنوات، أكدت برقيات دبلوماسية سعودية كشفتها ويكيليكس اهتمام المملكة الشديد بالتأثير في السياسة الأسترالية في أستراليا.
وفي عام 2008 عرض السعوديين تمويل بناء جامع ومركز ثقافي إسلامي في موسكو، الأمر الذي دفع ثلاث مجموعات أورثوذوكسية روسية إلى كتابة رسالة مفتوحة إلى الملك عبد الله آنذاك مقترحةً عليه رفع الحظر المفروض على الكنائس.
وفي عام 2010، رفض وزير الخارجية النرويجي تمويلًا سعوديًا لجامع على أساس أن المملكة السعودية تفتقر إلى الحرية الدينية.
وفي شهر تموز، وبعد أن صُدم الرأي العام بالهجمات المتكررة على مدى 18 شهرًا والتي أسفرت عن مقتل 236 شخصًا على الأراضي الفرنسية، فكَّرَ رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في منع التمويل الأجنبي للجوامع "لفترة زمنية تحدَّد فيما بعد"، مثيرًا بهذا جدلًا كبيرًا.
ربما ترضي هذه الاستجابات اليتيمة الناخبين، لكن لم يكن لها أي تأثير تقريبًا. إذ يتطلب الأمر المزيد.. يتطلب تشريعًا.
يجعل مشروع قانون برات، رقم 5824 بعنوان "قانون تعزيز الحرية الدينية الدولية بالمعاملة بالمثل" أمرًا غير قانونيّ أن يقوم "الرعايا الأجانب لأي بلد يحدّ من ممارسة الدين في ذلك البلد أن ينفقوا أية أموال في الولايات المتحدة لتعزيز دين في الولايات المتحدة، ولأية أغراض أخرى."
أفيقي، أيتها السعودية!