مندهش من اندهاشكم - مقالات
أحدث المقالات

مندهش من اندهاشكم

مندهش من اندهاشكم

بقلم خالد منتصر

المدهش ليس ما قاله الشيخ سالم عبدالجليل، المدهش هو اندهاشكم مما قاله الشيخ سالم وكأنه اخترع وفبرك، أو كأنكم صُدمتم وفُوجئتم!، الرجل ابن ثقافته، وكل ما قيل عن وسطيته وكل ما يُقال عن وسطية من يتبعون حرفية التفسير وهم الأغلبية، هو محض وهم وأضغاث أحلام وقص أساطير، عندما مررنا لهذا الشيخ وغيره وصفهم لليهود بأحفاد القردة والخنازير،

كنا نحسب واهمين أن كلامه وكراهيته هى لليهود فقط، ونحن طبعاً ما بنصدق، فقد زرع فى تلافيف نخاع نخاعنا كراهيتهم المزمنة!، عندما صفّقنا لشيوخ الأزهر، وهم يشتمون الشيعة ويسمونهم الرافضة، ويصفونهم بأنهم أخطر من اليهود، كنا نُرسخ للكراهية والعنصرية دون أن ندرى أو نظن،

ونحن فى الغيبوبة أن الأمر ليس خاصاً بالشيعة وسيتجاوزهم حتماً، وعندما غضّوا الطرف عن مقتل وسحل الشيخ الشيعى حسن شحاتة فى أبوالنمرس واستكتروا حتى إصدار بيان إدانة لما حدث، لم نفطن إلى أنهم قد كانوا يضعون حجر الأساس لمفهوم الفرقة الناجية التى من حقها قتل الفئة الضالة!، عندما غضضنا الطرف ووضعنا عصابة على أعيننا واستمعنا إليهم وهم يسبون البهائيين على الفضائيات ويفرحون بسجنهم، لمجرد أنهم يؤمنون بعكس ما يؤمن به هؤلاء المشايخ،

عندما سحبوا منهم حقوق المواطنة ووضعوا الشرطة فى بطاقة الهوية وشطبوا المتزوجة، وكتبوا بدلاً منها آنسة حتى لا يكون لها حقوق فى الميراث، عندما شاركناهم تلك الأفكار الإقصائية كنا نُمهد لذلك اليوم الذى يعلن فيه سالم عبدالجليل رأى الأغلبية منهم، المضمر فى زوايا النوايا، المخبوء فى أزقة الضمائر، المستقر أسفل العمائم، عندما سمحنا للأزهر بأن يخبر ويجبر السجل المدنى على تغيير اسم الأبناء المسيحيين وبالعافية لأب أعلن إسلامه بحجة إجبارهم على اتباع الأفضل ديناً، عندما سمحنا وأقررنا وشجّعنا على ذلك كنا قد مهدنا وعبّدنا الطريق لفتاوى الكراهية،

أنا مندهش من اندهاشكم، ألم تمر عليكم كل تلك الأحداث وأنتم فى طناش وسُبات عميق؟، ألم تستيقظ يا صديقى يوماً على ميكروفون يُجعر بشتيمة النصارى، كما يناديهم السلفيون فتضع الوسادة على أذنك وتواصل نومك مبتسماً؟!، ألم تركب الميكروباص أو حتى السوبرجيت،

فيباغتك صوت الشيخ كشك فى الكاسيت وهو يسب المسيحيين ويسخر من عقيدتهم، فتواصل الحوار مبتسماً مع جارك جورج على المقعد المجاور دون أدنى إحساس بالذنب؟!، ألم توافق وأنت أستاذ فى كلية الطب على استبعاد زميلك من هيئة التدريس لأنه قبطى؟ ألم تسمع أعضاء لجنة اختيار المتقدمين لوظيفة فى مؤسستك وهم يتهامسون بأن فلاناً المسيحى لا ينفع توليته علينا، تطبيقاً للولاء والبراء؟، سمعتها وعديتها وطنشتها،

ويمكن اقتنعت ووافقت عليها!، كل هذه المفردات والشظايا تجمّعت لتصنع فى ما بعد قنبلة سالم عبدالجليل وبرهامى ومحمد عمارة، ومن قبلهم الشيخ الشعراوى نفسه الذى غضّت الدولة الطرف عن انتقاده للأقباط فى برنامجه، ما دام برنامجه لم يمس مبارك أو السادات من قبله، والذى قال عنه فى البرلمان إنه لا يُسأل عما يفعل!!، كل هذا الشريط مر أمامك صديقى المواطن المصرى الصالح وأنت فى حالة سكون أو كمون أو فى الغالب تواطؤ!، فليس من حقك الآن أن تندهش لأنك كنت أنت شخصياً مشاركاً فى الجريمة.

الوطن

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث