أموال الزّكاة والإرهاب - مقالات
أحدث المقالات

أموال الزّكاة والإرهاب

أموال الزّكاة والإرهاب

أوليفرديمترى

يتحصّن الأزهر بالكُتب ويتحصّن الإرهابيّون بالأزهر، ويتحصّن جميع المسلمين بالسُّنة والقرآن. فما من سبيل لتجديد خطاب يستمد مفرداته من كتاب يحثّ على التّكفير والإرهاب. ويمارس الأزهر نوْعًا من المسكنة قدّام الشّعب المصري كمن يتمسك بأصول الدّين وصحّة التأويلات، لكن الأمر أبعد من هذا بكثير! هناك في مصر مؤسسةٌ تُسمّي بيتَ الزّكاة وهِيَ مُؤسسّة غير حكوميّة خاضعة لشيخ الأزهر. هل تعلم عزيزي القارئ أنّ رصيد مؤسسة الزّكاة هذه طِبقًا لمُؤسسّة مركز صالح للاقتصاد الإسلاميّ (وهُوَ مركز تابع لجامعة الأزهر) بلغ حوالي 39 مليار جنيه سنة 2011 حصل منها الأزهر على 19 مليار أمّا الباقي فقد تمَّ توزيعه بين مؤسسات النّهب مثل (بنك الطّعام، وجمعيّة مصر الخير، مع قليل من المال تناله مستشفى سّرطان الأطفال. أمّا النّصيب الكبير المجهول من هذه الأموال فتتقاسمه مساجد الإخوان والسّلفيّين). فإذا علمنا أنَّ نصيب الإخوان بلغ ثماني مليارات وحصل السلفيّون على نظير هذا المبلغ وأكثر واستخدموه في بناء زوايا جديدة كالّتي تنتشر كالسرطان. وكلما جمعوا أتباعًا جُددًا، جمعوا أموالًا إضافيّة كما أعلن د. صفوت النّحاس، الأمين العام لبيت الزّكاة والصّدقات. لاحظ أَيْضًا أنَّه هذا الرجل شغل منصب رئيس جهاز التّنظيم والإدارة السّابق، وكانت إحدى مهام عمله مراقبة أموال الصّناديق الخاصّة؟ لقد قال هذا الرّجل -بعد أن تولّي المنصب- إنّ أموال الزّكاة هِيَ عشرة مليارات وإنّ نصيب بيت الزّكاة هو مليار واحد منها فقط لا غير. هكذا بقُدرة قادر انخسفت الإيرادات عام 2016 بعد أن تولّى الرّجل منصبه. وأترك تخمين أو تّفسير هذا الأمر للقارئ اللبيب. إنّ أموال الزّكاة قد تصل إلى 50 مليار جنيه في بعض السنوات. ويصل النّصيب الأكبر إلى مجلس أمناء الزّكاة الذي يرأسه شيخ الأزهر. هذا معناه أنّ شيخ الأزهر يملك أن يتحكّم في حصيلة مُتراكمة تفوق الاحتياطي النّقدي المصري كلِّه. ويُشاركه في إدارة المجلس وزير الأوقاف مع 16 شخص آخر ليس لهم دوْرٌ مُحدَّد. والغريب أنّ أحدًا لا يُراقب هذا الصّندوق سوى شيخ الأزهر نفسه! أيّ أنَّ هذا الصندوق هو صندوق بدُون رقابة، ولا بُدَّ يتساءل المرء "أين تذهب هذه المبالغ الرّهيبة؟"، ونتساءل ثانية: لماذا يأخذ الأزهر تمويلًا من الدّولة وهُوَ يملك كُلَّ تلك المليارات المتراكمة؟ في الحقيقة إنَّ مُعظم هذه الأموال يتم إيداعها في البنوك الإسلاميّة مثل بنك البركة (بنك الأهرام سابقًا)، وحين تقرأ عن موازنة هذا البنك تجد أن الأموال الّتي تدخل في المُضاربة بالبُورصات أو من خلال بنوك أخرى قد تصل إلى 90% من أعمال البنك، وبهذا يكون شيخ الأزهر هُوَ المضارب الأوّل في البورصة المصريّة، هذا في الوقت الّذي تُحرَّم فيه كثيرٌ من أعمال البنوك. من هُنا يتبين إصرار الأزهر على وضع مادة تمنع عزل شيخ الأزهر وتجعله الحائِز على أموال الزّكاة والمتصرِّف فيها بمنتهى الأريحيّة. وبهذه الصلاحيات صار شيخ الأزهر رئيسًا للمضاربات مدى حياته والمُموّل غير المُباشر للإرهاب من خلال الكتب الّتي يطبعها ويُوزِّعها لتغسل أدمغة المصريّين. هل تعرف عزيزي القارئ كم يتكسّب الإخوان المسلمون من أموال الزّكاة الّتي تُقدَّم لمساجدهم الّتي يُسيطرون عليها؟ اقرأ الرّقم ولا بدَّ أنّك ستفرح! فهو صادر عن مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي التّابع لمُؤسسّة مؤمنون بلا حدود، الّتي رصدت -لأوّل مرّة- الحالة الدّينيّة في مصر وقالت في تقريرها إنَّ أموال الزّكاة الّتي تصل ليد الإخوان هِيَ من 7 إلى 9 مليار جنيه سنويًا. الآن نحن نعرف حقيقة الصّراع بين الأوقاف والإخوان والسّلفيّين ولماذا يُريد كُلّ منهم أن يضع يَدَه على المساجد مصدر السّبوبة؟ كذلك نعرف كم من مقدرات هذا الشّعب البسيط في يد الإرهابيّين تحت مُسمّى "فريضة الزكاة".

وقد تتساءل "وما علاقة هذا كُلُّه بتجديد الخطاب الدّيني؟" أقول لك إنَّ شيخ الأزهر لا يَهمّه الخطاب الدّيني أصلًا، فمن خلال الكتب والتّصريحات الشّاذة يُغذّى ويدغدغ أفكار المُتعاطفين مع الإرهاب ليكسب مزيدًا من المُوالين له، وبالتالي تزيد معه أموال الزّكاة. فكيف ينتظر منه أحد تجديدًا؟! إن أردتم فعْلًا تجديد الخطاب الدّيني فخُذوا هذه الأموال وأحكموا السيطرة عليها وعندها ستروْن حقاً الخطاب الدّيني الجديد! إنَّ الحل الّذي يمكن أن "يقصقص ريش الإرهاب" هو أن تؤول كُلّ أموال الزّكاة إلى الدّولة وأن تُخصم من الضّريبة المُستحَقة على المواطنين فنخفِّف عنهم أعباء الحياة ونساعدهم (في نفس الوقت) على دفع أموال الزّكاة في المكان الصحيح، على أن يتم إنفاق هذه الأموال على احتياجات الوطن الذي يعيش فيه كُلُّ المصريّين دون تمييز، إذ تحوّلت هذه الأموال إلى أموال عامّة لا أموال أزهريّة. بهذا فقط ستجدون شيخ الأزهر يقول "شُبيك لبيك" لتجديد الخطاب الدّيني.

هل هناك أشخاص وسطاء بين الإرهاب والزّكاة؟ هل تُصرف هذه الأموال في اختراق الشّرطة والجيش والإعلام؟ إنَّ الانتحاريّين لا تعنيهم الجنة ولا الحور العين كما يُروِّجون، بل يأخذ كُلٌ منهم مائة ألف دولار (أيّ حوالي اثنين مليون جنيه مصري) مقابل تفجير نفسه في الأبرياء. وتحصل أسرة الإرهابي على هذه الأموال، ويُهدَّد الانتحاري بأنَّ هناك من سيتبعه وسيُفجره في حال تردُّده في تفجير نفسه، وسيتابع المموِّل تنفيذ العمليّة حتى يُسلِّم لأهله ولأسرته نصيبهم من دم الأبرياء ومن أموال الزّكاة الّتي بغير حساب. أمامنا اليوْم كمثال محمد بغدادي؛ مُفجِّر كنيسة مار جرجس بطنطا الّذي كان يعمل إمامًا لجامع ثُمَّ حصل على ستة ملايّين جنيه من أهالي قريته ليستخدم هذه الأموال في الإرهاب! وقد حدث بينه وبين وزارة الأوقاف صراعٌ انتصر هو فيه فانفرد بالمسجد وبحصيلته من الزّكاة وبالتّبرعات ثُمَّ انتهي أمرُه بالتّفجيرات. إنَّ وضع صناديق المساجد الّتي تحت سيطرة الإخوان والسّلفيّين تحت سُلطة النّيابة الماليّة سيمنع المليارات من الوصول إلى يد الإخوان والسّلفيّين الإرهابيّين. رُبَّما وقتها سينفض الإرهابيّون أيديهم عن المساجد لأنَّهم لم يعودوا أصحاب مصلحة، فهُم أصلاً بلا رسالة دعويّة بل هُمْ مُجرّد أصحاب مصالح تجاريّة. ساعتها سيتركون الآلاف من المساجد للدولة الّتي تستطيع عندها تحويلها إلى مدارس تنويريّة ومراكز خدمات مُجتمعيّة لازمة لتطهير وتنظيف مصر حتى تعود إلى وجهها الحضاريّ الجميل.

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث