أين داعش الآن؟ - مقالات
أحدث المقالات

أين داعش الآن؟

أين داعش الآن؟

بنيامين لوتو:

 

في عام 2014، صدم تنظيم داعش المتطرف الكثير من دول العالم بعد الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا وإعلان الخلافة. مع جذور تعود إلى الاحتلال الأمريكي للعراق، تحول داعش من غموض نسبي في نظر الجمهور إلى جماعة تبدو وكأنها تستحوذ على اهتمام الغرب – وبرامجه السياسية، وبدا التنظيم في ذلك الوقت قادراً بشكل غير متوقع على إلحاق ضرر جسيم بالغرب ومصالحه. والمجموعة، التي سرعان ما اشتهرت بأبشع الممارسات الوحشية الشديدة والاستعداد لارتكاب الفظائع والتطهير الثقافي، سيطرت في وقت ما على حوالي 8 ملايين شخص؛ وعلى مساحة إجمالية تقارب حجم كوبا؛ وولدت مليارات الدولارات من عائدات النفط والضرائب والابتزاز.

وقبل سقوطها في نهاية المطاف، بدت الجماعة منظمة بشكل جيد أيضاً، إذ قدمت نفسها كدولة سياسية-دينية؛ كان لديها خطط دقيقة لحفظ السجلات والضرائب، واستخدمت أسلحة متطورة إلى حد ما، سرقتها من عمليات النقل الدفاعية الروسية والأمريكية، وألهمت الآلاف من المقاتلين الأجانب للانضمام إلى "قضيتها". علاوة على ذلك، كان تنظيم الدولة الإسلامية يتبنى هجمات ذات خسائر كبيرة في الغرب في فرنسا وألمانيا.

مع الصعود السريع لداعش، جاءت موجة قوية بنفس القدر من المقالات والخطب والمناقشات ومقالات الرأي والمقالات التحليلية التي تناولت المجموعة بلمسة معينة من الفضول الساذج الذي من شأنه أن يجعل إدوارد سعيد يتقلب في قبره. إذ تساءل الكتاب الذين يسعون إلى جذب الاهتمام؛ لماذا "هم" يكرهوننا "نحن" (كما لو أن السنوات العشرين الماضية من السياسة الخارجية الأمريكية كانت موجودة في فراغ)، وتساءل الكتاب البارزون عما تريده المجموعة حقاً، وكان للمرشحين للرئاسة الأمريكية سياسات حملة رسمية بشأن داعش حيث ناقشوها علنا في الفترة التي سبقت الانتخابات العامة عام 2016. حتى بيرني ساندرز، السناتور الأمريكي المناهض للحرب والمعروف بكونه أحد السياسيين الأمريكيين القلائل الذين صوتوا ضد غزو العراق، كان لديه قسم في موقع حملته الرئاسية لعام 2016 حول احتواء داعش. وبدأ الرأي العام الأمريكي في الشعور بالقلق أيضًا.

ووجد استطلاع للرأي أجراه مركز "بيو للأبحاث" Pew Research Center عام 2017 أن ما يقرب من ثلثي الأمريكيين يرون أن داعش هو أكبر تهديد يواجه الأمن القومي، متجاوزا بذلك التغير المناخي والصين وروسيا. استطلاع آخر أجرته مؤسسة بيو للأبحاث عام 2017 شمل 10 دول في الاتحاد الأوروبي وكشف أن متوسط 79 في المائة من الأوروبيين الذين شملهم الاستطلاع كانوا قلقين بشأن التطرف الإسلامي. وعلى بعد آلاف الأميال في مدرستي الثانوية العامة في مونتانا، كان زملائي قلقين أيضا. في مدينة أمريكية صغيرة يقل عدد سكانها عن 100 ألف نسمة، كان زملائي يسألون بعضهم البعض عما يجب على الولايات المتحدة فعله حيال المجموعة التي تنشر الخوف. أتذكر بوضوح عندما سحبني زميلي في الصف جانبا في مكتبة مدرستي في خريف عام 2015، وبعد أن أخبرني عن الحاجة الملحة لهزيمة داعش، سألني بوضوح: "إذا، ما رأيك أنت في تهديد داعش؟"

بدا الأمر كما لو أن داعش ، بغض النظر عن قدراته الحقيقية ، قد استحوذ على خيالنا السياسي.

من الشغل الشاغل إلى الهزيمة

ومع ذلك، فشلت السلطة المركزية وكيان شبه الدولة للجماعة في الصمود لفترة طويلة. وبمجرد إعلان المجموعة السلفية المتشددة قيام دولتها، كشفت الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا والشرق الأوسط عن تشكيل التحالف الدولي لهزيمة داعش المكون من 83 عضوا. وبدأ التنظيم يواجه جبهات متعددة من الحرب بين القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، والقوات الموالية للأسد المدعومة من روسيا، والقوات العراقية. وبحلول عام 2017، شنت الولايات المتحدة ما يقرب من 25 ألف غارة جوية (حوالي 23 يوميًا) وأنفقت ما لا يقل عن 14.3 مليار دولار على القتال ضد داعش.

أدت المكاسب المتزايدة التي حققها المقاتلون المحليون وحملة القصف المتزايدة للتحالف – والتي أفادت التقارير أنها أدت إلى مقتل الآلاف من المدنيين السوريين – إلى خسارة داعش قوته ومكانته بسرعة. وحررت القوات المدعومة من التحالف جميع الأراضي الرئيسية التي يسيطر عليها التنظيم بحلول أوائل عام 2019، وفي نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2019، فجّر زعيم داعش أبو بكر البغدادي نفسه من خلال عبوة ناسفة كان يرتديها بعد أن حاصرته قوات أمريكية في مكان اختبائه في شمال غرب سوريا.

بحلول عام 2020، انخفض عدد ضحايا داعش في الهجمات الإرهابية في العراق وسوريا بشكل كبير.

صعودوسقوطداعش

صعود وسقوط داعش: التقديرات حول العدد السنوي للوفيات التي تبناها داعش في العراق وسوريا مقارنة مع تزايد وتراجع كمية الأراضي التي سيطر عليها التنظيم من عام 2013 إلى عام 2018. (المصدر: Statista) 

 

رصيف 22

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*