أبونا :
رحل العلامّة الأب هنري بولاد اليسوعي إلى ديار النور عن عمر 92 عامًا.
وجسّد الراحل ما مثلته مدينة الإسكندريّة، حيث ولد، ذات يوم: بوتقة تنصهر فيها العالميّة؛ فهو من جذور سوريّة إيطاليّة، ويحمل الجنسيّة المصريّة واللبنانيّة، وينتمي للكنيسة الملكيّة الكاثوليكيّة ذات الطقس اليونانيّ البيزنطيّ، وقد تمتّع بروح شرقيّة وبروح غربيّة.
وقد عاش حياته في بحث مستمرّ، ساعيًا للتوفيق بين أكثر المواضيع تنوّعًا: الإيمان والعقل، الفلسفة واللاهوت، التقاليد والحداثة، الحسيّة والتصوف، التأمّل والعمل، علم الاجتماع والدين، الاقتصاد والسياسة والإيمان... فأبدع في العشرات من مؤلفاته بإظهار هذا النهج "الإنساني المسيحي" والذي تتميز بها الروحانيّة اليسوعيّة.
من هو الأب هنري بولاد؟
ولد الأب هنري بولاد اليسوعي في مدينة الإسكندرية، شمال مصر، في 28 آب 1931. ينحدر والده من عائلة سوريّة الأصل تنتمي إلى كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، هاجرت دمشق واستقرّت في مصر في ستينيات القرن التاسع عشر.
التحق عام 1950 بدير الابتداء للرهبنة اليسوعيّة في بلدة بكفيا اللبنانيّة حيث نال التنشئة الروحيّة. سافر إلى فرنسا لمواصلة تعليمه الأكاديمي، فدرس خلال الأعوام 1952-1954 في مدرسة لافال، ودرس الفلسفة في المدرسة اليسوعيّة في شانتيلي من 1954-1957. عاد إلى مصر، فدرّس في كلية العائلة المقدّسة وإكليريكيّة الأقباط الكاثوليك بالقاهرة لمدة عامين. وبعد عدّة سنوات من الدراسات اللاهوتيّة في لبنان (من 1960 إلى 1964)، سيم كاهنًا عام 1963 بحسب الطقس الملكي.
في عام 1965، شارك برنامج تنشئة لليسوعيين في مدينة بومفريت بولاية كونيتيكت بالولايات المتحدة، كما شارك في العديد من الرياضات الروحيّة والمؤتمرات في كل من الولايات المتحدة وكندا، وحصل على شهادة الماجستير في علم النفس التربوي من جامعة شيكاغو.
عاد من جديد إلى مصر وعاش فيها منذ العام 1967. أصبح أستاذًا في الكلية اليسوعيّة (1967-1975)، ورئيسًا لليسوعيين في الإسكندريّة (1975-1979)، ورئيسًا إقليميًا لليسوعيين في مصر (1979-1984)، وأستاذًا للاهوت في المعهد الكاثوليكي للاهوت في القاهرة (1980-1990).
منحته الدولة الفرنسيّة عام 1983 وسام "ضابط الاستحقاق الوطني" لعمله التربوي والتزامه تجاه الفقراء، من مسيحيين ومسلمين، وهو التزام استمرّ خلال خدمته مع كاريتاس؛ فقد كان مديرًا لكاريتاس مصر (من 1984 إلى 1995)، ونائبًا لرئيس كاريتاس الدوليّة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (1991-1995)، وعضوًا في المجلس الاستشاري ونائبًا لرئيس كاريتاس مصر (2000-2010).
أصبح من جديد رئيسًا للآباء اليسوعيين في الإسكندريّة (1995-2004)، كما كان رئيسًا لجمعية سنابل الخيريّة (1993-2013)، وعميدًا لكلية العائلة المقدّسة لليسوعيين في القاهرة (2004-2009)، ومديرًا للمركز اليسوعي الثقافي في الإسكندريّة (2009-2013).
ابونا