أهم شيء: الدين! - مقالات
أحدث المقالات

أهم شيء: الدين!

أهم شيء: الدين!

سناء العاجي:

 

علينا أن نضاعف أعدادنا بالملايين، وبأي شكل من الأشكال.. ليست تهم سلوكيات الأشخاص. ليست تهم قناعاتهم الشخصية والفعلية. ليست تهم مصلحتهم.. كل ما يهم أن يكون العدد الذي يشملنا جميعا، كبيرا وضخما.

لذلك، سنحتسب أعداد المنتمين الجدد لجماعتنا تدريجيا، لكي نظهر للعالم كم من الناس تأتي إلينا.. لكننا أبدا لن نحتسب أعداد الخارجين منها، أو المترددين، أو الذين منعهم الخوف فقط من المغادرة. هذه الأرقام تبين أن الأعداد كما ترتفع، فهي قد تنخفض. ثم أنها قد تشجع بعض أصحاب القلوب الضعيفة فينضموا لأفواج المغادرين فعلا أو قلبا

وعلى هذا الأساس تحديدا، فلن تهمنا مصلحة الأطفال بتاتا، بقدر ما يهمنا أن لا ينشؤوا في أسر تخرجهم من جماعتنا. لن تتكفل أسرة غير مسلمة بطفل مسلم، لأنه حينها سينشأ غير مسلم وهذا يهدد عدَّادَنا الذي لا يفترض أن يعرف غير الزيادات

هكذا، وحين وجدت أسرة قبطية مصرية طفلا عمره أيام قليلة أمام باب الكنيسة، تواصلت مع مسؤولي الكنيسة ثم قررت أن تتكفل به. أربع سنوات بعد ذلك، ولأن إحدى قريبات الأب المتبني خافت من ضياع الإرث، وقامت برفع دعوى قضائية ضد الأسرة (ليس لمصلحة الطفل طبعا، ولكن حفاظا على الإرث... وكل هذا باسم الدين!)، تم سحب الطفل من الأسرة المتكفلة ووضعه في ملجأ للأيتام.  ببساطة لأن القانون يعتبر أن كل طفل متخلى عنه هو بالضرورة مسلم. لماذا لا يكون قبطيا مثلا، بما أن الأسرة المحتضنة وجدته في مدخل الكنيسة؟ 

بل، وبغض النظر عن ديانة والديه، الذين تخليا عنه لأسباب تخصهما، أليست مصلحة الطفل أن ينشأ وسط أسرة توفر له الدفء والاستقرار؟ أم أن الأساسي أن نحافظ ليس حتى على تدين شكلي، بل على تدين عددي، قد يضر بالطفل في النهاية لأنه يعاني من سحبه من أسرته الوحيدة التي عرفها ولأنه قد ينشأ في ملجأ أو يصبح طفل شوارع!

سنة 2015 في المغرب، كان مصطفى الرميد، وزير العدل عن حزب العدالة والتنمية، قد قرر أيضا منع تكفل الأسر غير المسلمة بأطفال يتامى أو متخلى عنهم

بمعنى أن سلطاتنا في مصر والمغرب تعتبر أن الطفل قد ينشأ في ملجأ أو في الشارع، وأن هذا أفضل له من أن تربيه أسرة غير مسلمة.

أو ليس العكس صحيحا؟ ألا يفضل، بالنسبة لأي طفل، أن تحتضنه عائلة توفر له الاستقرار والمسكن والتعليم والحب، بغض النظر عن دينها؟ أم أن الأساسي أن تثبت أوراقه الرسمية أنه مسلم، حتى لو نشأ في الشارع أو في مؤسسات خيرية لا تضمن له، أحيانا، الحد الأدنى من شروط العيش الكريم؟ ما الأفضل بالنسبة لهؤلاء الأطفال وللآلاف غيرهم: أن يعيشوا ويتعلموا ويدرسوا ويستفيدوا من دفء أسرة حقيقية، أم أن يظلوا مشردين باسم الحفاظ على إسلامهم؟ 

ثم، مرة أخرى، هل كل الأطفال المتخلى عنهم، في المغرب أو مصر أو غيرها من بلدان المنطقة، مسلمون من أبوين مسلمين؟ ما داموا متخلى عنهم، فنحن لا نعرف لهم أبا ولا أما، وبالتالي لا نعرف لهم ديانة. ألا يفترض أن تكون مصلحتهم أسمى من رفع أعداد المسلمين في السجلات؟

بالمقابل، فالمسؤولون لا يراقبون مثلا إن كانت الأسر تحسن معاملة الأطفال الذين تتكفل بهم، وأنها توفر لهم عيشا كريما. كل ما يهم هو مراقبة إسلامهم. وإن ثبت العكس، فالملاجئ أسبق وأحق، وربما الشارع أيضا!

ليس هناك دين في الكون يعطينا الحق في أن نفضل تشريد الأطفال وقتلهم جوعا وفقرا وحرمانهم من دفء الأسرة ومن الاستقرار ومن التعلم ومن النجاح ومن الحياة الكريمة، فقط لكي نضمن عدم انخفاض أعداد المحسوبين على هذا الدين!

الحرة

Related

Share

الفئة
علامات البحث