باريس ـ “القدس العربي”:
قالت صحيفة “لوموند ” الفرنسية في تقرير لمراسلها رافي بينتو بالعاصمة الهندية نيودلهي، إنه في إطار ما تبدو أنها خطة إبادة للأقليات الدينية، نفذ متطرفون هندوس أكثر من 300 هجوم على الأقلية المسيحية وأماكن عبادتها في الشهور العشرة الأولى من هذه السنة، كان آخرها تعرض كنيسة القديس يوسف المقامة منذ 152 عاما في ولاية كارناتاكا بجنوب الهند للتخريب يوم الخميس الماضي قبيل عيد الميلاد.
ونقلت الصحيفة عن الأب جوزيف أنتوني دانيال، الذي قدم شكوى إلى الشرطة، قوله إن رأس تمثال القديس أنطوني -الذي يحمل تمثال الطفل يسوع بين ذراعيه- قطع بعد رميه بحجر.
وأكد أن “القرية بأكملها في حالة صدمة، نحن رعية كاثوليكية مسالمة من 78 عائلة، ولا أفهم دوافع المخربين عشية عيد الميلاد”.
وحسب إحصاءات العديد من منظمات حقوق الإنسان، نفذ متطرفون هندوس أكثر من 300 هجوم على المسيحيين وأماكن عبادتهم في جميع أنحاء البلاد تم توثيق 39 منها في ولاية كارناتاكا وحدها بين يناير/ كانون الثاني ونوفمبر/ تشرين الثاني من قبل الاتحاد الشعبي للحريات المدنية، وهو منظمة غير حكومية.
وأوضحت المنظمة -في تقرير لها نُشر يوم 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري تحت عنوان “تجريم ممارسة العقيدة”- أن مرتكبي كل هذه الهجمات أعضاء في منظمات هندوسية متطرفة، مثل منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ شبه العسكرية المنضوية أيديولوجيا تحت حزب بهاراتيا جاناتا (حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي).
وأشار المراسل إلى أن تصاعد العنف ضد المسيحيين يأتي على خلفية اتهامات بتغيير الديانة قسريا، بعد أن أكد حزب بهاراتيا جاناتا -الذي يتولى السلطة في هذه الولاية- أن التحول إلى المسيحية منتشر هناك، حتى أن السلطات المحلية أمرت في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول بإجراء إحصاء لجميع الكنائس والكهنة الذين يرأسونها، بل إن رئيس الجهاز التنفيذي للدولة باسافراج بوماي لم يتردد في الحديث عن “غزو ديني” بطيء، غير أن بيتر ماتشادو رئيس أساقفة بنغالور عاصمة ولاية كارناتاكا يؤكد أن “فكرة التغير الجماعي للديانة أسطورة، خاصة أن نسبة المسيحيين في الهند في انخفاض مستمر”، ولا يمثلون سوى أقل من 2% من السكان.
ولفت مراسل “لوموند” إلى أنه في اليوم الذي تعرضت فيه كنيسة القديس يوسف للتخريب أصدرت ولاية كارناتاكا قانونا مثيرا للجدل لمكافحة تغيير الديانة يخشى المجتمع المسيحي أن يحفز المليشيات ويشجعها على المزيد من العنف، لأنه يفرض قيودا صارمة على حالات تغيير الديانة والزواج بين المختلفين دينيا، وقد تصل العقوبة بموجبه إلى السجن 10 سنوات. ويقول بيتر ماتشادو متأسفا: “أصبح تغيير الديانة جريمة، هذا اعتداء على الحرية الدينية وعلى الحق في الخصوصية”.
وقد سنت 12 ولاية هندية قوانين مماثلة يعتقد نشطاء حقوق الإنسان أنها تستهدف المجتمعات المسيحية والمسلمة في البلاد، ففي ولاية أوتار براديش الشمالية -التي يحكمها راهب هندوسي متطرف- قبض على عشرات المسلمين بتهمة إجبار زوجاتهم على اعتناق الإسلام.
ويقول أبورفاناند أستاذ اللغة الهندية في جامعة دلهي والمعلق السياسي: “هذا مدرج في جدول أعمال حزب بهاراتيا جاناتا ومنظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ، لأنهما يعتبران الإسلام والمسيحية ديانتين أجنبيتين لا مكان لهما في الهند”.
سلطة الهندوس المتطرفين وتزايد الهجمات على المسلمين
ويلفت المراسل إلى أنه بعد وصول القوميين الهندوس إلى السلطة عام 2014 بدأت الهجمات على المسلمين تتزايد، وباسم حماية الأبقار -التي تحظى بالتقديس في الهند- أعدم المتطرفون الهندوس عشرات المسلمين دون محاكمة، لارتباطهم بتجارة الأبقار أو استهلاكها، ثم بدأت الهجمات على المسيحيين تزداد.
ويقول أبورفاناند إن حزب بهاراتيا جاناتا استخدم جميع الوسائل لاضطهاد هذه الأقليات الدينية، سواء كان ذلك بالقانون أو البلطجة أو الشيطنة.
وقال المراسل إن الشرطة لم تقم بأي اعتقالات رغم ازدياد الهجمات وتكرار الشكاوى وكثرة الشهود، بل إن التهم الآن توجه للأقليات بتحويل ديانة الناس قسرا، وختم بنداء أبورفاناند للعالم كي ينتبه ويمنع ما هو في واقع الأمر خطة إبادة.