المتنبئون الأربعة الكبار فى عهد النبى محمد - مقالات
أحدث المقالات

المتنبئون الأربعة الكبار فى عهد النبى محمد

المتنبئون الأربعة الكبار فى عهد النبى محمد

عصام الزهيري:

 

العنسي، طليحة، سجاح، مسليمة، هم أبرز أسماء مَن يسمّيهم العرب بـ"مدعي النبوة". ظهر هؤلاء في شبه الجزيرة العربية في زمن النبي محمد، وكانت لهم أدوار كبيرة في مرحلة "حروب الردة" التي اشتعلت بعد وفاته.

لا تقدّم السردية العربية في مصادرها الخام، من أخبار وروايات المدونات، هؤلاء بشكل متناسب مع أدوراهم ومواقعهم، ويغلب على اهتمامها كل غريب وطريف ومثير في ما يتعلق بسيرتهم، مع اختلاق قصص عنهم وتناقلها بغرض تسخيفهم وتشويه صورتهم.

ورغم أن هذه السردية تتخذ أحياناً شكلاً توثيقياً، وتعتمد أهم مظاهر التوثيق في الرواية الشفاهية، وهو سلاسل الإسناد، إلا أن روح القص الشعبي تطغى على ما فيها من حسّ التوثيق، فتُظهر "مدّعي النبوة" في شكل غامض أو ساخر أو مثير للرثاء، وتعجز عن تفسير تأثيرهم القوي، كما تعجز عن شرح المسببات التاريخية لظهورهم.

الأسود العنسي

هو عبهلة بن كعب، من قبيلة عنس بني مذحج. اشتهر بلقب "الأسود" بسبب لون بشرته ويكنّى بـ"ذي الخمار" لأنه كان يظهر مخمراً بخمار رقيق يلفّه على وجهه. أما هو، فقد سمى نفسه "رحمن اليمن"

وكان أول مَن تنبأ بعد ظهور الإسلام، وقاد ثورة في حياة النبي استتب له بعدها الأمر في اليمن لعدة أشهر.

يروي البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس عن رؤيا رآها النبي أن الأخير قال: "بينا أنا نائم أُريت أنه وُضع في يدي سواران من ذهب ففظعتهما وكرهتهما فأذن لي فنفختهما فطارا فأولتهما كذابين يخرجان، أحدهما العنسي الذي قتله فيروز باليمن والآخر مسيلمة الكذاب".

وكان النبي محمد قد أقرّ عامل الفرس على اليمن، ويُدعى "باذان" (أو باذام)، بعد إشهاره إسلامه. ولمّا مات، أقر ابنه "شهر بن باذان" على إمارة صنعاء.

وفي عهد الأخير، خرج "الأسود" من جنوب اليمن وتوسّع مهدداً الولاية الإسلامية الحديثة، وكان بحسب رواية الطبري، في تاريخه، "مشعبذاً يريهم الأعاجيب". ذاع صيت "الأسود" وتبعته بعض قبائل اليمن، ثم كان أن قتل "شهر" وتزوج امرأته "آذاد"، فأرسل النبي كتباً تأمر بقتله إما غيلة أو مصادمة.

وانتهى فصله بتآمر أحد قادته، "فيروز"، ابن عم زوجته "آذاد"، مع الأخيرة على قتله. يذكر الطبري أموراً عجيبة عن لحظة اغتياله. ينقل عن "الضحاك بن فيروز" أن أباه "لما قام على الباب أجلسه الشيطان فكلمه على لسانه وإنه ليغط جالساً، وقال أيضاً: مالي ولك يا فيروز!، فخشي إن رجع قد يهلك وتهلك المرأة، فعاجله فخالطه وهو مثل الجمل، فأخذ برأسه فقتله، فدق عنقه، ووضع ركبته في ظهره فدقه، ثم قام ليخرج فأخذت المرأة (آذاد) بثوبه، وهي ترى أنه لم يقتله، فقالت: أين تدعني! قال: أخبر أصحابي بمقتله، فأتانا فقمنا معه، فأردنا حز رأسه، فحركه الشيطان فاضطرب فلم يضبطه، فقلت: أجلسوا على صدره، فجلس اثنان على صدره، وأخذت المرأة بشعره، وسمعنا بربرة فألجمته بمثلاة (فرش)، وأمررت الشفرة على حلقه فخار كأشد خوار ثور سمعته قط".

لا تذكر لنا المصادر شيئاً تقريباً عن مرحلة ما قبل خروج "الأسود" من داخل "كهف خبّان"، حيث أقام في بلاد مذحج، ولا تذكر لنا شيئاً عن الأساليب التي استهوى بها قلوب الناس غير أن ملكين (شيطان وتابع له طبقاً للأخبار) كانا يأتيانه بالوحي، وهما "سحيق" و"شقيق" (أو شريق).

ويبدو أن ثورة "الأسود" كانت "قومية جنوبية"، بتعبيرنا اليوم، وموجهة ضد سيطرة الشمال العربي الحجازي، إذ يذكر الطبري من كتابه إلى عمّال النبي قوله: "أيها المتوردون علينا، أمسكوا علينا ما أخذتم من أرضنا، ووفروا ما جمعتم، فنحن أولى به وأنتم على ما أنتم عليه".

ويروي ابن كثير، في "البداية والنهاية"، قصصاً عن الحيل التي أثار بها "الأسود" دهشة وفزع أهل اليمن: "خرج الأسود عليهم وقد جمع مائة ما بين بقرة وبعير، فقام وخط خطاً فأقيمت من ورائه وقام دونها، فنحرها غير محبسة ولا معقلة، ما يقتحم الخط منها شيء، فحالت إلى أن زهقت أرواحها، قال قيس: فما رأيت أمراً كان أعظم منه، ولا يوماً أوحش منه".

طليحة بن خويلد

لا نعرف عنه قبل إسلامه سوى ما يذكره ابن الأثير، في كتابه "أسد الغابة في معرفة الصحابة"، عن فروسيته وعن أنه كان من أشجع العرب وكان "يُعَدّ بألف". وفي خبر إسلامه، يقول إنه وفد في قومه بني أسد على النبي، وإنهم قالوا له: "يا رسول الله جئناك نشهد ولم تبعث إلينا ونحن لمن وراءنا"، فنزلت فيهم الآية: "يمنون عليك أن أسلموا".

تنبأ طليحة في حياة النبي، بعد أن تراجع عن إسلامه، فأرسل النبي لقتاله سرية بقيادة ضرار بن الأزور. ويقول ابن الأثير في كتابه "الكامل في التاريخ" إن "ضرار" ضربه بالسيف فلم يصنع فيه شيئاً، فظهر بين الناس أن السلاح لا يعمل فيه فكثر جمعه.

وبعد وفاة النبي، عظم أمره، وانضمت إليه قبائل أسد وغطفان وفزارة وعبس وذبيان، وتجمعوا في "البزاخة" بعد أن رحل إليها طليحة من "سميراء" حيث هزمهم خالد بن الوليد في بداية حروب الردة.

يورد ابن الأثير روايتين مختلفتين لهزيمة طليحة الذي قاتل معه سبعمئة من بني فزارة قتالاً شديداً. في الرواية الأولى، انفصل سيد بني فزارة "عيينة بن حصن" عن القتال وسأله: هل أتاك جبريل؟ فقال: لا، فأعاد عليه مرتين ويقول: لا، فقال "عيينة": "لقد تركك أحوج ما كنت إليه"، فقال "طليحة": "قاتلوا عن أحسابكم، فأما دين فلا دين".

وفي الثانية، أن "طليحة" كان متلففاً في كسائه يتنبأ أثناء القتال، فلما اشتدت الحرب أتاه "عيينة" وقال له: "هل جاءك جبرائيل بعد"؟ قال: "لا"، فرجع فقاتل ثم كر عليه وسأله: "لا أبالك أجاءك جبرائيل؟" قال: "لا"، فقال "عيينة": "حتى متى؟ قد والله بلغ منا". ثم رجع فقاتل قتالاً شديداً وعاد وسأل: "هل جاءك جبرائيل؟"، فقال "طليحة": "نعم"، قال: "فماذا قال لك"؟ قال: "قال لي إن لك رحى كرحاه وحديثاً لا تنساه". فقال "عيينة": "قد علم الله أنه سيكون حديث لا ننساه، انصرفوا يا بني فزارة فإنه كذاب". فانصرفوا وانهزم الناس.

وكان "طليحة" قد أعد فرسه وراحلته لامرأته "النوار"، فلما غشوه حمل امرأته ثم نجا بها وقال: "يا معشر فزارة مَن استطاع أن يفعل هكذا وينجو بامرأته فليفعل"، وتوجّه إلى الشام.

لا تخبرنا المدونات بالكثير عن نبوءة "طليحة" سوى أنه كان يزعم أنه يأتيه جبريل بالوحي، وأنه سجع للناس. ولم تذكر المصادر التي بين أيدينا اليوم من سجعه سوى عبارة عجيبة هي: "والحمام واليمام، والصرد الصوام، قد صمن قبلكم بأعوام ليبلغن ملكنا العراق والشام".

ورُوي عنه أنه كان يأمر أتباعه بترك السجود في الصلاة ويقول: "إن الله لا يصنع بتعفر وجوهكم وتقبح أدباركم شيئاً اذكروا الله واعبدوه قياماً".

بعد هزيمة طليحة، لم يأخذ خالد بن الوليد سبايا من أتباعه لأنهم لما انهزموا أشهروا الإسلام فأمنهم.

وفي عهد أبي بكر الصديق، خرج "طليحة" معتمراً، ومر بجنبات المدينة فقيل لأبي بكر: "هذا طليحة". فقال: "ما أصنع به قد أسلم". والتقى "طليحة" بعمر بن الخطاب في خلافته وقال له الأخير: "أنت قاتل عكاشة (بن مِحْصَن) وثابت (بن أَقْرَم) والله لا أحبك أبداً"، وسأله: "ما بقي من كهانتك؟"، فأجاب: "نفخة أو نفختان".

تعد المصادر الإسلامية "طليحة" بين كبار الصحابة ولاحقاً شارك في معارك القادسية ونهاوند وتوفي سنة 21 هـ.

مسليمة الحنفي

هو مسيلمة بن حبيب (أو بن ثمامة) الحنفي، أشهر مَن ادّعوا النبوة في زمن الدعوة الإسلامية. يكتنف الروايات المتعلقة بنبوءته غموض شديد. في "صحيح البخاري" أنه قدم إلى المدينة ونزل في دار "بنت الحارث" فأتاه النبي محمد وفي يده قضيب، فوقف عليه فكلمه فقال له مسيلمة: "إن شئت خليت بيننا وبين الأمر ثم جعلته لنا بعدك"، فأجابه النبي: "لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت".

وفي رواية أخرى أن مسيلمة طلب من النبي أن يشركه في النبوة مثلما أشرك موسى أخاه هارون، فأمسك النبي عرجوناً صغيراً من الأرض وقال له: "والله يا مسيلمة لإن سألتني هذا العرجون ما أعطيته لك"، فخرج ولم يبايعه.

وفي خبر أنه راسل النبي بكتاب جاء فيه: "من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله: ألا إني أوتيت من الأمر معك فلك نصف الأرض ولي نصفها ولكن قريشاً قوم يظلمون"، وفي خبر آخر أنه أرسل نفس العرض إلى الخليفة أبي بكر بعد موت النبي.

مسيلمة من أكثر مَن نُسبت إليهم الأقوال والنوادر في شأن نبوته والوحي الذي نزل إليه، ونُسب إليه الكثير من السجع الساذج ومنه: "سمع الله لمَن سمع، وأطمعه بالخير إذا طمع، ولا يزال أمره في كل ما يسر مجتمع، رآكم ربكم فحياكم، ومن وحشته أخلاكم، ويوم دينه أنجاكم، فأحياكم علينا من صلوات معشر أبرار، لا أشقياء ولا فجار، يقومون الليل ويصومون النهار، لربكم الكبار، رب الغيوم والأمطار".

ونُسب إليه أيضاً: "لما رأيت وجوههم حسنت وأبشارهم صفت وأيديهم طفلت، قلت لهم: لا النساء تأتون ولا الخمر تشربون، ولكنكم معشر أبرار تصومون، فسبحان الله إذا جاءت الحياة كيف تحيون، وإلى ملك السماء كيف ترقون، فلو أنها حبة خردلة لقام عليها شهيد يعلم ما في الصدور، ولأكثر الناس فيها الثبور".

ويقول الطبري إنه حلل النساء لمَن اتبعوه من الرجال حتى يولد للرجل مولود ذكر، فتُحرم عليه النساء، ولكن إذا مات الولد الذكر تحل له النساء مجدداً حتى يولد له ذكر آخر.

وفي كتاب "الحيوان" يقول الجاحظ إن مسيلمة ساح في الأرض حتى تعلّم حيلاً تستجلب أنظار الناس، منها أنه كان يضع بيضة في الخل حتى تصبح مثل العلكة تمط ويخدع بها أعين الناس، ومنها صنع طائرات قماشية أو ورقية كانت تسمى "راية الشادن"، كان يطيّرها في الليالي العاصفة ويضع فيها السلاسل فيرتاع الناس.

ويروي الطبري أن "طلحة النمري" جاء اليمامة فقال: "أين مسيلمة؟" فقالوا: "مه، رسول الله"، فقال: "لا حتى أراه"، فلما جاءه سأله: "مَن يأتيك؟" قال: "رحمن"، قال: "أفي نور أم في ظلمة؟"، فقال: "في ظلمة"، فقال: "أشهد أنك كذاب وأن محمداً صادق، ولكن كذّاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر"، وفي رواية أخرى: "أحب إلينا من كذّاب مضر".

غير أن هذا العرض لشخصية مسيلمة لا يتناسب مع حجم المؤمنين بنبوته والذين تقدّر المصادر عددهم بعشرات الآلاف، ولا مع شدة إيمانهم بدعوته.

كذلك، لا يتناسب هذا العرض مع بلاء مقاتليه وتضحيتهم بأرواحهم في سبيله، إذ تقدّر المدونات قتلى بني حنيفة في موقعة "اليمامة" التي هزمهم فيها المسلمون يقيادة خالد بن الوليد، في عهد أبي بكر، بأكثر من عشرين ألفاً.

ويذكر الطبري أن فتنة بني حنيفة بـ"مسيلمة" تضاعفت منذ أرسل إليه الخليفة أبو بكر الصديق بواحد من كبار الصحابة وحفاظ القرآن اسمه "الرجال بن عنفوة" فشهد لمسيلمة بالنبوة، ويقول الطبري: "فكانت فتنة الرجال أعظم من فتنة مسيلمة".

كانت نهاية مسيلمة في معركة اليمامة، فيها قتل، ولكن بعض المصادر ومنها البلاذري في "فتوح البلدان" تتحدث عن قتل بعض أتباعه بعد عشر سنوات من مقتله، ما يعني أن الإيمان به لم ينتهِ في لحظة موته.

سجاح بنت الحارث

هي امرأة نجدية من تغلب وتميم، تتحدّر من العراق، وادّعت النبوة عقب وفاة النبي محمد، فالتف حولها بعض قومها عازمين على غزو أبي بكر في مركز خلافته في المدينة المنوّرة.

سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان هي أكثر المتنبئين غموضاً، إذ تظهر وتنسحب من مسرح أحداث حروب الردة دون أن يكون لظهورها المفاجئ وانسحابها المفاجئ منطق قوي، ما دعا محمد حسين هيكل، في كتابه "الصديق أبو بكر"، إلى افتراض وجود مؤامرة فارسية وراء تحركها.

تقول الأخبار أنه كان لسجاح مؤذن يؤذن بها ويقول: "أشهد أن سجاح نبية الله". وفي تاريخ الطبري أن "مالك بن نويرة" كان ممَّن استجابوا لجيش سجاح مع جماعة من أمراء بني تميم.

ورُوي أنهم لما اتفقوا على قتال بني يربوع سألوها: "بمَن نبدأ؟"، فسجعت لهم: "أعدوا الركاب واستعدوا للنهاب ثم أغيروا على الرباب فليس دونهم حجاب".

وفي خبر أنه عندما منعها أوس بن خزيمة من اجتياز أرض قبيلته مروراً إلى المدينة المنورة قالت: "عليكم باليمامة، ودفوا دفيف الحمامة، فإنها غزوة صرامة، لا يلحقكم بعدها ملامة".

تنقل الكتب التراثية وخاصة تلك التي تهتم بجمع النوادر قصصاً كثيرة تربط بين سجاح وممارسة الجنس. فقد رُوي أنها لما نزلت اليمامة التقت بمسيلمة، فقال لها: "أضربوا لها قبة وجمروها (اجمعوا شعرها) لعلها تذكر الباه"، ثم دارسها فقال: "ما أوحي إليك؟"، فقالت: "هل تكون النساء يبتدئن! ولكن أنت قل ما أوحي إليك!"، فقال: "ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشي"!، قالت: "وماذا أيضاً؟"، قال: "أوحي إليّ: أن الله خلق النساء أفراجاً، وجعل الرجال لهن أزواجاً، فنولج فيهن قعساً إيلاجاً، ثم نخرجها إذا نشاء إخراجاً، فينتجن لنا سخالاً إنتاجاً"!، قالت: "أشهد أنك نبي"!، قال: "هل لي أن أتزوجك فآكل بقومي وقومك العرب"!، قالت "نعم"!.

ويُذكر أن مسيلمة قال لها شعراً: "ألا قومي إلى النيك/ فقد هيئي لك المضجع/ وإن شئت ففي البيت/ وإن شئت ففي المخدع/ وإن شئت سلقناك/ وإن شئت على أربع/ وإن شئت بثلثيه/ وإن شئت به أجمع"، فقالت له: "بل به أجمع"! فأجابها: "بذلك أوحي إليّ". فأقامت عنده ثلاثاً ثم انصرفت إلى قومها.

من الواضح أن هذا النوع من القصص مختلق ولا يمكن أن يكون قد حدث فلا أحد كان معهما لينقل ما جرى وما الغرض من وضعه سوى تسخيفها هي ومسيلمة في الوقت نفسه.

ليس بين الأخبار المذكورة عن سجاح ما يزيد عن الشطح. لم تصلنا أخبار جدية عن حركتها. وتقول الروايات إنها عادت إلى العراق وبقت في بني تغلب حتى نقلهم معاوية في عام الجماعة.

رصيف 22

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*