إلى أين سيؤدى منزلق الأسلمة؟ - مقالات
أحدث المقالات

إلى أين سيؤدى منزلق الأسلمة؟

إلى أين سيؤدى منزلق الأسلمة؟

بقلم: عبد الله العربى

          لا أجادل فى حق الإنسان أن يؤمن بالعقيدة التى يرتاح لها. وأؤمن أنه من حق الإنسان أن يمارس عقيدته بحرية كاملة طالما لا يتعدى فى هذا على حقوق الغير. ولكن المشكلة تأتى عندما تؤدى ممارسة جماعة فى المجتمع لعقيدتهم إلى نوع من الفرز الإجتماعى يضع فاصلا من الكراهية بين أبناء الوطن الواحد. ونتيجة لذلك ينظر أتباع دين إلى أتباع دين آخر نظرة إدانة وتكفير فى المعتقد قد تصل إلى نظرة تحقير ودونية فى العلاقات الشخصية.

          منذ أمد طويل ونحن نرى العالم العربى يهوى إلى هذا المنزلق الخطير. وفى بحثنا لأسباب الإحتقان الدينى فى هذه الأيام يحسن أن نضع أصبعنا على ظاهرة التأسلم وتداعياتها فى مصر، ففى رأيى هى أصل الداء.

          عملية التأسلم تسير على قدم وساق وبالذات خلال النصف القرن الأخير. آخر ما سمعته فى هذا المجال خبرين وصلا إلى علمى.

          الخبر اللأول يقول أن نقيب الأطباء السابق فى مصر  أصدر قرارا يحرم فيه على الأطباء نقل الأعضاء بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى. الخبر الثانى أن لاعب الجودو المصرى هشام مصباح بعد حصوله على الميدالية البرونزية فى الالومبيات ركع شاكرا الله وهو يصرخ الله أكبر. وعند سؤاله عن نصره أمام شاشة التلفزيون قال أنه يهديه إلى كل المسلمين فى العالم!!

          ولا أخفى أننى تلقيت هذه الأخبار بإنزعاج كبير. فالدين علاقة شخصية بين الإنسان وربه. وفى وقت من الأوقات كان الدين يتركز على مجرد العقيدة وهذا مفهوم. ثم رأينا الدين يظهر بعد ذلك فى المجتمع فى مظاهر الملبس والمأكل. فرأينا السيدات المسلمات يرتدين الحجاب والنقاب والرجال يطلقون لحاهم. وطالما لا يفرض هذا قسرا على الغير فيمكن إعتبار هذا نوعا من الحرية الشخصية. وفى مجال المأكولات تعرفنا على المأكولات الإسلامية واللحوم الحلال وكنا جميعا نأكلها ولم تؤثر على علاقاتنا.

          ولكن أن يتعرض حياة مريض للموت لمجرد وجود قرار لا يجيز نقل عضو من إنسان مخالف له فى العقيدة فهو أمر تعدى حدود العقل والمنطق والإنسانية. ولا أظن أن العقيدة الإسلامية تقول أن المسلم سيتنجس لو نقل إليه كبد إنسان مسيحى أو ملحد. فالأعضاء لا دين لها، والعقيدة قرار أرادى يستخدم فيه الإنسان عقله. ولا أدرى هل الأفضل للمسلم أن يموت دون أن يقبل عضو من إنسان غير مسلم؟ ومن أين سيعلم المسلم أن العضو إذا أتى من شخص إسمه مصطفى أو على أنه كان مسلما حقيقيا أم مسلما بالإسم؟

          وهل المنافس الرياضى ينافس بإسم الدين؟ وهل هذا تفسير لعدم وصول الرياضيين المسيحيين فى البلاد العربية لمركز النجومية ؟ وهل الصينيين الملحدين أفضل من غيرهم لأن الصين حققت أكبر رصيد فى مجموع المداليات فى الأولمبيات وتوازيها الولايات المتحدة الأمريكية والتى يدين معظم سكانها بالمسيحية. إنه من السخافة أن تتحول الرياضة إلى نوع من المنافسة بين الأديان. هل رأينا صينيا يهدى نصره للملحدين فى العالم؟ وهل رأينا رياضيا أمريكيا يهدى نصره للمسيحيين؟

          حتى التحية أيضا تأسلمت!! فاكرين أيام زمان أيام أن كان التحية التى يستعملها الجميع فى مصر هى كلمة جميلة وهى : سعيدة أو نهارك سعيد. والرد كان: سعيدة مبارك. ولا أدرى لماذا نظر إلى هذه التحية على أنها غير إسلامية !! فهل تمنيات السعادة والبركة تناقض الإسلام؟

          بعد ذلك جاءت التحية الإسلامية: السلام عليكم، والرد: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ولم تكن فى هذه التحية ما يضايق المسيحيين رغم أن المسيحيين يفضلون التحية التى كان يستعملها السيد المسيح وهى: سلام لكم على أساس أن السلام فى المسيحية عمل داخلى وليس مظهر خارجى.

          ولكن كل هذه التحيات تطورت إلى آخر صيحة فى عالم التحيات الإسلامية وهى التحية المنتشرة فى هذه الأيام عندما يقول الشخص المسلم: لا إله إلا الله فيرد عليه الآخر: محمد رسول الله. وطبعا لا يستطيع المسيحى أن يشترك فى هذه التحية إلا إذا كان على إستعداد أن ينكر دينه ويعلن جهارا إسلامه ويردد على الملا الشهادتين. وهل بعد ذلك نتساءل ماذا جرى لبلادنا  وأين ذهبت علاقات الود بين مسلميها ومسيحيها؟

 

نهاركم سعيد...

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث