وقع القيم الدينية في الحياة الغربية المعاصرة - مقالات
أحدث المقالات

وقع القيم الدينية في الحياة الغربية المعاصرة

وقع القيم الدينية في الحياة الغربية المعاصرة

" عيد الميلاد ،عيد الفصح ،عيد العنصرة" لا يخلو التقويم الغربي من كثير من المناسبات الدينية. لكن هل أضحت صلة الغرب بالمسيحية مقتصرة فقط على الأعياد أم أن القيم الدينية ما تزال تصبغ الحياة العامة والخاصة في هذه المجتمعات.

مازالت القيم المستمدة من "الوصايا العشر" تشكل ثقافة الحياة في المجتمعات الغربية فالحديث عن العدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان واحترام روحه مستمدة من هذه الوصايا. ويوضح توماس جوتمان، أستاذ العلوم القانونية في مدينة مونستر الألمانية، أن العديد من المصطلحات القانونية حاليا مشتقة من قيم مسيحية مثل التضامن والكرامة الإنسانية..الخ. ويرجع الفضل في ذلك إلى آباء الكنيسة الذين ربطوا القيم المسيحية بالفلسفة اليونانية والمملكة الرومانية وبهذا تمكنت المسيحية من تشكيل الكثير من التعريفات والقيم عبر القرون.

لكن الوضع تغير في الوقت الراهن مع زيادة ابتعاد الكثير من الغربيين عن الكنيسة، كما أن القيم الدينية لم تعد ضمن الأولويات أو أن تطبيقها اقتصر على الحياة الشخصية فحسب. وبمتابعة الجدل حول بعض المسائل القانونية التي تصيغ التعايش المشترك يلاحظ أن الكثير من المصطلحات فقدت التفسير الكنسي لها.

الكرامة الإنسانية

ويضرب البروفيسور جوتمان مثالا بمصطلح "الكرامة الإنسانية" الوارد في القانون الأساسي الألماني والذي يرجع ـ حسب قوله ـ في الأساس للمبدأ المسيحي "حلول اللاهوت في الناسوت"، والذي يعني حلول ذات الله في الإنسان. لكن القوانين في المجتمعات التعددية يجب أن تكون بعيدة عن النماذج الدينية لذلك قرر الآباء المؤسسون للقانون الأساسي في ألمانيا عام 1949 انتهاج النموذج الليبرالي .

صراع بين العلمانية والقيم الدينية

لكن الخلاف مع الرسائل الدينية يتضح في بعض القضايا مثل مساواة الرجل والمرأة وقضية المثليين جنسيا. وفي الولايات المتحدة تناضل جماعة دينية محافظة ضد تطبيق نظام تأمين صحي شامل كما أنها تؤيد تطبيق عقوبة الإعدام.

أما في ألمانيا فإن أكثر المجالات التي تبرز فيها القيم المسيحية هي الحياة الاجتماعية. وتنشط مؤسستا كاريتاس ودياكوني بشكل كبير في مجال المساعدات الاجتماعية. وتعتبر المؤسستان ذاتا الطابع المسيحي هما أكبر مانح للوظائف بعد الدولة إذ يبلغ عدد موظفيهما حوالي نصف مليون شخص.

حب الآخر قيمة مشتركة في الأديان

ولا تخلو المصطلحات السياسية أيضا من أصول مسيحية كما يوضح البروفيسور جوتمان الذي يقول إن مصطلحات مثل العمل والفقر والعائلة والتضامن والمسئولية وغيرها ذات طابع مسيحي قوي، كما أن بعض القيم المشتقة من هذه المصطلحات تظهر في قوانين موجودة حاليا مثل حق العاملين في إقرار مصيرهم أو إصلاحات قوانين التقاعد أو تعويض المتضررين من الحروب.

مساعدة المحتاجين والمرضى وكبار السن من أهم القيم المسيحية

لكن قيمة "حب الآخر" ليست قاصرة على المسيحية فحسب إذ يرى البروفيسور جوتمان أن الإسلام يعد معلما في هذه المسألة، ويضيف:"سلوك المسلمين خلال رمضان فيما يتعلق بالصيام والأعمال الخيرية مسألة مبهرة".

النموذج الديني والحياة المعاصرة

يحذر البروفيسور جوتمان من تبني النظريات الدينية في الحياة الاجتماعية والسياسية دون تفكير، مشيرا إلى ضرورة الحفاظ على عنصر الحيادية في القضايا القانونية والاجتماعية.

لكن هذا لا يعني في الوقت نفسه، بحسب الخبير الألماني ـ التخلي عن القيم المسيحية لاسيما وأنها تركت آثارها القوية على أوروبا بالكامل عبر مئات السنين.

فينتسر كليمنس/ ابتسام فوزي

مراجعة: عبده جميل المخلافي

دى دبليو

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث