احتكار الإسلام - مقالات
أحدث المقالات

احتكار الإسلام

احتكار الإسلام

لطالما توجّه الآلاف من رجال الدين من أنحاء العالم الإسلامي إلى مدينة مكة للعمل أو التطوع في مساجدها كأئمة مساجد ومحفظين للقرآن الكريم، لكن ذلك لم يعد ممكناً في "عاصمة المسلمين"، وذلك منذ 22 تموز/يوليو الحالي.

قرّرت السلطات منع غير السعوديين من الإمامة وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، كذلك حرصت على خلو المساجد والحلقات من جالية بعينها، بحسب الأخبار المتداولة في وسائل الإعلام السعودية التي كشفت أن الجالية التي تم التشديد على منعها هي البورمية، وذلك إثر اتهام أئمة منها بإساءة التعامل مع الأطفال والارتباط بأتراك.

وصدرت تعليمات في كافة أنحاء السعودية بسحب الكتب والمصاحف التي لا يُعرف مصدرها من مكتبات المساجد، والإبقاء على المصاحف والكتب المحددة من وزارة الشؤون الإسلامية.

ماذا وراء هذه القرارات؟

في قراءة لخلفيات القرارات الأخيرة، قال محللون سعوديون إنها تستهدف منع التطرف وتلميع الجماعات وحشد الشباب للقتال في مناطق الصراع بالخارج.

وغرّد الباحث في الشؤون الأمنية محمد الهدلاء قائلاً إن "قرار منع الأجانب من الإمامة وحلقات تحفيظ القرآن الكريم قرار حكيم وموفق من الأمير خالد الفيصل صاحب العقيدة الصحيحة القوية". وأضاف: "ما يحدث داخل هذه المساجد من شحن عاطفي وتلميع للجماعات الحزبية ورموزها المنحرفة أدى إلى ذهاب الكثير من شبابنا إلى مناطق الصراع الدولية والتمرد على أوطانهم".

وقال الكاتب السعودي إبراهيم السليمان: "تنظيم شؤون إمامة المساجد وحلقات تحفيظ القرآن حق سيادي ومساجدنا ليست مرتعاً لمن أراد بث أفكاره الهدامة، أما قصرها على السعوديين فهذا أيضاً حق سيادي سعودي أصيل لا يعنيك خاصة أن المساجد والحلقات مفتوحة للمصلين والطلبة من كل الجنسيات".

صحيفة "الوئام" السعودية، من جهتها، أشارت إلى أن هناك مساجد يديرها أشخاص من الجنسية "التركية" يُدرس فيها أئمة من الجالية البورمية، فتم منعهم لأنهم "يُسيئون التعامل مع الأطفال السعوديين".

وانتشر هاشتاغ في السعودية يطالب بطرد البورميين من المملكة لأنهم وقعوا في يد الأتراك والولاء لهم، واتهمهم بالفساد والإجرام.

وغرّد السعودي أحمد الشيخي قائلاً: "طالما أن البرماوية (البورميين) أدوات بيد الأتراك ليش الصمت وإيقافهم فقط عن الإمامة وتحفيظ القرآن في مكج فقط احنا نعرف أنها جالية فاسدة ومجرمة. أولاً طردهم من مكة المكرمة والمدينة وإخراجهم من الوطن حتى من منح الجنسية نظاماً أو غير نظامي وحتى من تزوج مواطنة أو تزوجت مواطن لا تكرروا أخطاء الماضي".

وقال إبراهيم بن عطالله في تغريدة: "زادت مشاكل الجالية البرماوية الفكرية ما استدعى وزارات بأكملها لمتابعة ذلك كلاً في اختصاصه، وبإذن الله سيتم القضاء على ذلك العبث الى حين تنظيم عودتهم الى ديارهم سالمين قريباً بإذن الله".

وفي الأشهر الماضية، كانت قد انتشرت حملات إلكترونية في السعودية تنادي بطرد الجالية البورمية حتى أن بعض المثقفين طالب بإلقائهم في البحر.

وغرّد الكاتب السعودي سعود الفوزان، في نيسان/أبريل الماضي، قائلاً: "للأسف احترمناهم وقدّرناهم واليوم جعلوا مكة تعج بعصاباتهم، هؤلاء لا يستحقون الاحترام، مع احترامي للأمهات والأطفال منهم، لأنهم بغنى عما يجري من جرائم البرماوية في مملكتنا الغالية".

ومنذ خمسينيات القرن الماضي، بدأ سكان إقليم أركان في بورما بالهجرة نحو السعودية هرباً من حملات التطهير العرقي التي تعرضوا لها في ميانمار، واستقبلتهم الرياض في ذلك الوقت بمنحهم إقامات بمهنة "مجاور للعبادة"، وهو الذي يقضي حياته في عبادة الله وخدمة المسجد الحرام في مكة.

وفي عام 2013، قال متحدث باسم إمارة منطقة مكة المكرمة إن عدد البورميين المقيمين في السعودية 400 ألف بورمي، وقد يتجاوز عددهم الـ500 ألف شخص.

"احتكارٌ للإسلام"

في المقابل، ورداً على قرار المملكة، وصف عدد من المدونين القرار بأنه احتكار للدين الإسلامي وجعل مكة للسعوديين فحسب.

وقال حساب الداعية صدفة في تغريدة باللغة مصرية: "آه طبعاً لأن الاسلام بتاع السعوديين بس مش كدا وبس لا دا اللي هيدخل الجنة السعوديين بس، أي جنسية تانية ممكن تقدم طلب ويا أما يوافقو أو لا".

وكتبت مدونة سعودية في تغريدة: "أنا سعودية ولكن لا أعتقد أن هذا القرار سليم لأن الدين للجميع ليس محتكر على جنسية أو جماعة أو أي عرق، أتمنى أن أعرف سبب هذه السعادة العظيمة وهذا التمييز العرقي". وغرّدت شهد : "المفروض تخلون الإسلام فقط للسعوديين".

من جهته، ردّ السعودي عبد الله العثمان في تدوينة: "الحرم المكي ملك للسعودية شاء من شاء وأبى من أبى وندخل الي نبغى ونطلع الي نبغى وللي يسيس القضية يشرب من ماء البحر لين يفطس(يموت)".

وأضاف: "الإمامة وحلقات التحفيظ فيها رواتب مصروفة من حكومتنا ومن حقها تحصر الأمر عالسعودي فحسب، واللي زعلان يروح بلده يصير مؤذن وإمام".

اعتقال الزنداني

بموازاة ذلك، كشف حساب "معتقلي الرأي" أن السلطات السعودية وضعت رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني قيد الإقامة الجبرية في منزله في مدينة مكة.

وكتب الحساب المعني بمعتقلي الرأي السعوديين، على تويتر: "توضيحاً لما نشرناه قبل قليل عن الشيخ عبد المجيد الزنداني ثم حذفناه لنشر بقية التفاصيل، وللرد على قول أبنائه إن الشيخ في المنزل بمكة فإن: الشيخ حالياً بالفعل بالمنزل تحت الإقامة الجبرية وسوار المراقبة الإلكتروني بقدمه وهاتفه مراقب بعد أن تم التحفظ عليه لفترة في مكان التحقيق".

ويعد الزنداني من مشاهير رجال الدين وجماعة الإخوان في اليمن، ومعروف بأنه مؤسس لـ"جامعة الإيمان" في اليمن، و"الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة" في مكة، ورئيس مجلس شورى "حزب التجمع اليمني للإصلاح".

رصيف 22

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث